الشذوذ والتكنولوجيا.. تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الهوية الجنسية
الإثنين، 14 أكتوبر 2024 12:43 مريهام عاطف
شهد المجتمع المصري خلال الآونة الأخيرة، سيطرة كبيرة لوسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما أثر بشكل كبير علي الهوية الجنسية، حيث ظهرت علي السطح مشكلات أخلاقية واجتماعية، ترجع في الأساس إلي سيطرة التكنولوجيا علي حياة الشباب، مما أكسبهم عادات وأخلاقيات لا تمت للمجتمع المصري والدين بصلة، تعكس التغيرات العميقة فى بنية المجتمع وسلوكيات أفراده.
ومن ضمن هذه الظواهر التى ظهرت على السطح، خلال الآونة الأخيرة "المساكنة والشذوذ الجنسى والإلحاد"، وهى كلها ظواهر يتردد صداها بقوة فى المجتمعات الغربية، لكنها تتنافى بشكل كبير مع طبيعة المجتمعات الشرقية ،وقد أصدر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مؤخرا دراسة بعنوان: "الظواهر الاجتماعية الدخيلة ومدى قبولها فى المجتمع المصرى"، وقد كشفت الدراسة عن ظاهرة الشذوذ الجنسى فى المجتمع المصرى، مرجعة أسباب انتشارها إلى مجموعة من العوامل؛ منها: التغيرات الاجتماعية السريعة التى يشهدها المجتمع المصرى، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي ، وغياب الرقابة الأسرية، والضغوط النفسية التى يعانى منها الشباب.
وأوضحت الدراسة أن أضراره لا تقتصر على الفرد، بل يتعدى ذلك إلى التأثير السلبى على المجتمع ككل، حيث يؤدى إلى زعزعة الاستقرار الأسرى، وانتشار الأمراض المنقولة جنسيًا، وارتفاع معدلات الجريمة، وتغيير الهوية الثقافية للمجتمع.
وأكدت على أهمية دور الأسرة والمدرسة فى توعية الشباب بمخاطر الشذوذ الجنسى، وتعزيز القيم الأخلاقية والدينية لديهم، كما دعت إلى ضرورة تدخل الدولة لتشديد الرقابة على المحتوى الإعلامى، وتوفير برامج دعم نفسى للأفراد الذين يعانون من مشاكل نفسية.
وحذرت من خطورة تسييس هذه القضية، مؤكدة ضرورة التعامل معها بمنطقية وعقلانية، بعيدًا عن الأحكام المسبقة والتعميمات، داعية إلى الحوار المجتمعى البناء حول هذه القضية، بهدف الوصول إلى حلول واقعية وعملية، خاصة أن القانون المصرى لا يجرم المثلية بشكل مباشر، إلا أن الأفراد المنتمين لتلك الفئة يعاقبهم القانون تحت بند القوانين الخاصة المتعلقة بالآداب العامة، وهو ما يسهم بشكل كبير فى انتشار الظاهرة لعدم وجود نص صريح يجرم هذا الفعل.
كما تناولت الدراسة قضية "الإلحاد"، حيث أرجعت أسباب انتشارها فى مصر إلى عدة عوامل، منها التغيرات الاجتماعية السريعة، ما أدى إلى تراجع القيم والتقاليد الدينية، وخلق فراغ روحي لدى البعض.
وبينت الدراسة أن وسائل التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام التقليدية أسهمتا فى نشر أفكار وأيديولوجيات متعارضة مع الدين، ما أثر على معتقدات الشباب، كما أدى أيضًا غياب الرقابة الأسرية الصحيحة إلى ترك الشباب عرضة للتأثيرات السلبية، كما أن العديد من الشباب يعانون من ضغوط نفسية كبيرة، ما يدفعهم للبحث عن تفسيرات بديلة للحياة، كذلك التناقض بين الدين والعلم، ما يدفعهم إلى التشكيك فى صحة المعتقدات الدينية.
وأشارت الدراسة إلى أن القانون المصرى لا يجرم الإلحاد بشكل مباشر، ولكنه يعاقب على ازدراء الأديان، ومع ذلك، فإن هناك قلقًا من أن بعض القوانين قد تستخدم بشكل تعسفى لملاحقة الملحدين.
أوصى المركز، في ختام تحليله للظواهر الاجتماعية الدخيلة، بضرورة فهم التغيرات الطارئة على المجتمع خلال السنوات الماضية، وقياس معدلات تلك الظواهر الاجتماعية وبيان أثرها القريب والمتوسط وطويل الأجل، ومن ثم استهداف تلك الظواهر بالاستراتيجيات المختلفة من الجهات المعنية.
وأكد أن الأولوية في الوقت الحالي لإجراء بحث ميداني شامل لتلك الظواهر، يكون الهدف العام منه فهم أسباب ودوافع تلك الظواهر وآثارها النفسية والاجتماعية والقانونية على الأفراد والمجتمع، وإيجاد الحلول بما يتوافق مع نتائج البحث.