رأس الحكمة.. أكبر مشروع تنموي استثمارى في الشرق الأوسط

السبت، 12 أكتوبر 2024 01:23 م
رأس الحكمة.. أكبر مشروع تنموي استثمارى في الشرق الأوسط
محمد فزاع

ساحل البحر المتوسط مركز جذب استثماري وسياحي عالمى

تستوعب 2 مليون نسمة و8 ملايين سائح.. وإنشاء مطار دولي ومحطة قطارات عالية السرعة ومرسى عالمي لليخوت

المشروع يساهم بـ25 مليار دولار سنوياُ في الناتج المحلي للاقتصاد المصري ويوفر 750 ألف فرصة عمل

شركات مصرية وإماراتية وعالمية تبدأ العمل في المشروع.. والحكومة تعلن خطة تحويل الساحل الشمالي الغربي إلى مجتمعات عمرانية متكاملة

لعقود، ظلت شواطئ شمال المتوسط، من تركيا إلى إسبانيا، تستحوذ على غالبية السياحة العالمية، خاصة "المرفه" منها، لتبقي "الفتات" لشواطئ جنوب البحر، لكن هذه المعادلة تشهد تحولا فارقا، مع ميلاد منافسا لأرقى الشواطئ الأوروبية.

تستعد مصر لكتابة فصل جديد في تاريخها التنموي مع إطلاق مشروع رأس الحكمة، أكبر مشروع تنموي استثماري في الشرق الأوسط، ويمثل خطوة طموحة نحو تحويل ساحل البحر المتوسط الجنوبي إلى وجهة سياحية عالمية، مع تحقيق نقلة نوعية في البنية التحتية والاستثمارات السياحية.

تتميز رأس الحكمة بشواطئها البكر وموقعها الاستراتيجي، ما يجعلها مؤهلة لتكون قبلة سياحية تنافس أبرز الوجهات العالمية، إذ يجمع المشروع بين الاستثمارات الضخمة والتنمية المستدامة، ما يعزز من مكانة مصر كمركز جذب استثماري وسياحي، ويعد بتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتوفير فرص عمل متعددة في مختلف القطاعات.

الأسبوع الماضي شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات الشقيقة، إطلاق مشروع رأس الحكمة التنموي، وأعرب الرئيسان عن شكرهما وتقديرهما للقائمين على تنفيذ المشروع من الجانبين المصري والإماراتي خلال الفترة الماضية، مؤكدين أهميته في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين، كونه يمثل نموذجًا للشراكة التنموية البناءة.

وشهد الرئيسان توقيع عدة شركات مصرية وإماراتية عقود بدء العمل بالمشروع، وإطلاق آخرى عالمية ومصرية وإماراتية شراكة لتعزيز مسيرة الابتكار في قطاع المركبات الكهربائية الذكية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 

فنادق عالمية ومرسى يخوت ومولات تجارية ومنطقة صناعية

بداية ستتولى شركة مشروع رأس الحكمة للتنمية العمرانية-التابعة لشركتي القابضة ADQ ومدن القابضة- تطوير مشروع رأس الحكمة، ويمتد المشروع على مساحة 170 مليون متر مربع، وعلى بعد 350 كيلو متر شمال غرب القاهرة، ويطل المشروع على مساحة 44 كيلو متر على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

ووزعت مجموعة مدن، على كبرى الشركات المهام المختلفة لتطوير المشروع، حيث ستتولى شركة "طاقة" تطوير وتمويل وتشغيل مشاريع البنية التحتية، وشركة "إي أند مصر" لتصميم وتنفيذ البنية التحتية للمدينة الذكية بما في ذلك شبكات الاتصال الرقمي والألياف الضوئية والجيل الخامس، كما أنها المشغل المتكامل للمشروع، وشركة أوراسكوم للإنشاءات كمقاول رئيسي للأعمال التمهيدية من البناء، فيما ستتولى شركة السويدي إليكتريك توريد مواد البناء، و"مطارات أبو ظبي" تصميم وتطوير وتشغيل المطار المزمع إقامته داخل مشروع رأس الحكمة.

أما بالنسبة للتطوير العقاري، ستتولى شركة كاندي إنترناشيونال، استكشاف فرص التعاون في مجال تطوير العقارات الفاخرة، وفي قطاع الفنادق والضيافة، ستتولى كل من "مونتاج إنترناشيونال" و"أكور-ينيسمور" تطوير وتشغيل الفنادق والمنتجعات في رأس الحكمة.

وأسندت مجموعة مدن، لشركة "فالديرما"، والتي تعد إحدى كبرى الشركات المتخصصة في تطوير وتشغيل ملاعب الجولف، في تطوير قطاع الرياضة والترفيه بمشروع رأس الحكمة، فيما ستتولى شركة "برجيل القابضة"، تطوير مرافق رعاية صحية متعددة التخصصات، وتنفيذ حلول الرعاية الصحية المبتكرة.

وسيتم تطوير مدينة رأس الحكمة على عدة مراحل تبدأ الأولى على مساحة 50 مليون متر مربع، وستضم بنية تحتية سياحية، فيما سيتم تطوير المساحة المتبقية البالغة 120 مليون متر مربع بالتعاون مع كبار المطورين المصريين والإماراتيين والعالميين.

أما عن مخطط تطوير مشروع رأس الحكمة، صمم المشروع لاستيعاب 2 مليون نسمة مع أكثر من 40 كيلو متر من المساحات الخضراء، وبالنسبة لطريقة الوصول للمشروع، سيكون هناك مطارًا دوليًا جديدًا ومحطة قطارات عالية السرعة، ومرسى عالمي للقوارب واليخوت.

وبالنسبة لمكونات مشروع رأس الحكمة، سيضم وحدات متنوعة ما بين سكنية وفندقية وتجارية وإدارية ومرافق للتجزئة والترفيه، بهدف استقطاب حصة كبيرة من سوق السياحة في البحر الأبيض المتوسط من خلال تقديم مناطق جذب فريدة وتجارب وفعاليات استثنائية على مدار العام، كما سيضم المشروع مجموعة من الخدمات التجارية والمالية والتكنولوجيا بالإضافة إلى استقطاب أبرز الأحداث الترفيهية والرياضية والثقافية.

وكشف الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، قبل أشهر، أن رأس الحكمة ستتضمن أحياء سكنية لكل المستويات، وفنادق عالمية على أعلى مستوى، ومنتجعات سياحية، ومشروعات ترفيهية عملاقة، بالإضافة إلى جميع الخدمات العمرانية، مثل المدارس والجامعات والمستشفيات والمباني الإدارية والخدمية، وكذا منطقة حرة خدمية خاصة تحتوي على صناعات تكنولوجية وصناعات خفيفة وخدمات لوجستية لخدمة المدينة، فضلًا عن إنشاء حي مركزي للمال والأعمال من أجل استقطاب الشركات العالمية لتكون موجودة في هذه المدينة.


110 مليارات دولار استثمارات

مجموعة مدن القابضة الإماراتية - المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية – كشفت عن تفاصيل عوائد مشروع رأس الحكمة، والذي يعد ضمن أهم المشروعات الاستثمارية والتطويرية في المنطقة، ويحولها كوجهة رائدة عالميًا في مجال السياحة، ويتوقع أن يصل إجمالي الاستثمار التراكمي للمشروع العملاق إلى 110 مليارات دولار بحلول 2045، وتساهم مدينة رأس الحكمة بشكل كبير في الناتج المحلي للاقتصاد المصري بنحو 25 مليار دولار، وتوفر 750 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

وكشفت البيانات الرسمية والتصريحات الصحفية للحكومة، العوائد الاقتصادية المنتظرة من البدء في مشروع رأس الحكمة، إذ أكد الدكتور مصطفى مدبولي، أن المشروع "مصدر الخير" لكل أهالي المنطقة ومصر بكاملها، ويجعلها بقعة جاذبة للاستثمار والسياحة وكافة جوانب التنمية على مدار العام.

وأكد "مدبولي"، أن المستهدف أن تصبح رأس الحكمة مدينة عالمية تستقطب 8 ملايين سائح إضافي، خاصة في ظل ما تتمتع به المدينة من مقومات مميزة تجعل منها نقطة جذب للاستثمارات ومختلف المشروعات على مدار العام، ولذا تولي الدولة اهتماماً بتقديم الدعم المطلوب لكل ما يخص تجهيزات البنية التحتية اللازمة، وربطها بمختلف المناطق من خلال شبكات الطرق ووسائل النقل المختلفة بعد توقيع عقود المشروع.

وقال رئيس الوزراء، إن الدولة تخطط أن تبني مجموعة من المدن بالساحل الشمالي الغربي، ولكن لن تكون مجرد منتجعات سياحية صيفية وإنما مجتمعات عمرانية متكاملة، وحدد أبرز المدن المزمع إقامتها وهي "النجيلة، وسيدي براني، وجرجوب" بالإضافة إلى مطروح والسلوم حتى يكون هناك سلسلة من المدن الجديدة التي تمتلك بنية أساسية متطورة.

فيما أكد نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، الفريق كامل الوزير، أن أهالي رأس الحكمة أول المستفيدين به، وجميع المشروعات التي تنفذها الحكومة بالمنطقة، ومنها مشروع الطرق والقطار الكهربائي وغيرها توفر فرص عمل للأهالي، وأن مشروعات البنية التحتية من شبكة الطرق والمحاور وخطوط القطار السريع أسهمت في إبرام صفقة تطوير رأس الحكمة وتسويق المشروع؛ لافتًا إلى أهمية هذه المشروعات في تحقيق التنمية العمرانية المتكاملة في كل أرجاء البلاد.

أما وزير المالية، أحمد كجوك، فأكد أن عوائد المشروع رساهمت في تحقيق الموازنة العامة فائضًا أوليًا بلغ 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي بموازنة العام المالي الماضي، وفي خفض عجز الموازنة إلى 3.6% من الناتج، وأكد أن الوضع الاقتصادي في مصر «مطمئن»، على نحو انعكس في مؤشرات «جيدة» للأداء المالي للموازنة خلال العام الماضي المنتهي في يونيو الماضي.

وكشف وزير الاستثمار، المهندس حسن الخطيب، عن زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر لتصل إلى 46.1 مليار دولار خلال العام المالي 2023/2024، نتيجة صفقة تنمية مدينة رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط، والتي بلغت قيمتها 35 مليار دولار.


مكاسب مصر من رأس الحكمة

وحصلت الموازنة العامة للدولة على نسبة 50% من صفقة تطوير رأس الحكمة، وبلغت التحويلات من الصفقة نحو 510 مليارات جنيه، ما انعكس على تحقيق الموازنة، أكبر فائض أولي في تاريخها بقيمة 822 مليار جنيه خلال العام المالي 2023/2024، كما حققت الإيرادات أعلى قيمة في تاريخها وبلغت 2.217 تريليون جنيه خلال الفترة من يوليو إلى مايو من العام المالي 2023/2024 بزيادة بقيمة 941.2 مليار جنيه بنسبة نمو 73.7%.

ودفع مشروع تنمية رأس الحكمة، تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لتسجل رقم قياسي بلغ 46.1 مليار دولار خلال العام المالي الماضي 2023/2024، مقابل 11 مليار جنيه خلال العام الماضي، نتيجة تنفيذ أكبر صفقة استثمار أجنبي مباشر في تاريخ مصر من خلال تطوير مدينة رأس الحكمة من قبل شركة أبو ظبي التنموية القابضة بقيمة 35 مليار دولار، ما بين 24 مليار دولار سيولة دولارية مباشرة تتدفق للدولة المصرية من الخارج بالإضافة إلى 11 مليار دولار كودائع مستحقة للإمارات بالبنك المركزي المصري تحول للجنيه المصري لاستخدامها في تنمية المشروع.

وينعكس نمو الاستثمار الأجنبي في زيادة تدفقات السيولة الدولارية مما يزيد من صلابة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات العالمية على الصعيد الجيوسياسي والاقتصادي على السواء، وتخفيف أزمة النقد الأجنبي بعدما تأثرت تدفقاته جراء الأزمات الدولية وخاصة الحرب على غزة بما أثر على عائدات قناة السويس.

كما ساهمت التدفقات الدولارية من رأس الحكمة، وتنازل الإمارات عن 11 مليار دولار من ودائعها باالمركزي المصري في خفض الدين الخارجي لمصر بأكثر من 15 مليار دولار خلال آخر 6 شهور من 168 مليار دولار مطلع العام الحالي إلى 152.8 مليار دولار بنهاية يونيو من العام الجاري.

وساهمت صفقة رأس الحكمة، بشكل رئيسي في استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، وزيادة القرض المقدم من الصندوق لمصر من 3 إلى 8 مليارات دولار، ما يعزز من ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري، ويساهم في تحقيق معدلات نمو اقتصادي مستدام.

ويمتد تأثير صفقة رأس الحكمة إلى توفير آلاف فرص العمل للشباب سواء في إنشاء المدينة والمشروعات المرتبطة، والتي تمتد على مساحة تزيد عن 170 مليون متر مربع، وستضم مرافق السياحية ومنطقة حرة ومنطقة استثمارية، إلى جانب توفر المساحات السكنية والتجارية والترفيهية، أو من العمل في المشروعات الضخمة الجاري تنفيذها على طول الساحل الشمالي الغربي.

وتزايدت المنافسة بين كبار رجال البيزنس للحصول على أراضي بالساحل الشمالي الغربي بعد الإعلان عن صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة، وذلك في ظل توقعات استمرار ارتفاع الطلب على الساحل خلال الفترة المقبلة، سواء بغرض الإقامة بعد جهود الحكومة في توفير كل الخدمات الأساسية للمواطنين وشبكة من الطرق والمحاور لربطها بكل أنحاء الجمهورية أو بغرض الاستثمار العقاري لتحقيق مشروعات الساحل عائد مرتفع يفوق كل الأوعية الادخارية.

ويفتح نجاح نموذج صفقة رأس الحكمة، في طرح الحكومة 5 مناطق جديدة على ساحل البحر الأحمر على المستثمرين لإنشاء مدن تنموية متكاملة تضم مطار ومارينا وميناء للسياحة الدولية، وستكون من بين هذه المناطق منطقة رأس بناس، ورأس جميلة، ورأس محمد ومناطق أخرى.

ويتوقع أن تشهد المناطق المطروحة للاستثمار في إقبال ضخم من المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب لإنشاء وجهات سياحية تسهم في استقطاب شريحة جديدة من السياح من مختلف دول العالم، ويعزز من تنافسية المقصد السياحي المصري مقارنة بالأسواق المجاورة، خاصة في ظل المزايا التنافسية التي تتميز بها المناطق المطروحة للتنمية، إضافة إلى الخطوات التي اتخذتها الدولة خلال الفترة الماضية لتحسين مناخ الاستثمار.


محرك عجلة الاقتصاد المصري

وأشاد رؤساء كبرى الشركات الإماراتية، بمشروع رأس الحكمة الجديدة، مؤكدين أنها ستصبح أفضل الوجهات السياحية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، كما ستكون محركًا لعجلة الاقتصاد المصري خلال السنوات المقبلة لما ستوفره من فرص عمل، وكذلك استثمارات أجنبية مباشرة ضخمة سنويًا.

وقال محمد حسن السويدي، وزير الاستثمار الإماراتي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة "القابضة ADQ" إن مشروع رأس الحكمة يسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية في مصر، مفسرًا سبب ذلك بأن المشروع سيتيح العديد من الفرص الواعدة وسيساعد على تحفيز القطاع السياحي، كما أكد أن الشركات الإماراتية المشاركة في تنفيذ المشروع تمتلك خبرات ضخمة في مجال التخطيط العمراني، إضافة إلى حلولها المتقدمة والمبتكرة مما يسهم في بناء وجهة عمرانية وسياحية رائدة.

أما عضو المجلس التنفيذي لشركة مدن القابضة الإماراتية، جاسم محمد بوعتابة الزعابي، فقال إن شركته تطمح أن تصبح مدينة رأس الحكمة من أفضل الوجهات السياحية في حوض البحر الأبيض المتوسط خاصة أنها تقع في مصر التي تشتهر بتاريخها العريق وغناها بالمعالم السياحية المتنوعة، وشدد على أن شركة مدن القابضة، ستسخر خبراتها الواسعة ومفاهيمها المبتكرة لتطوير المشروع والعمل مع شركائها الاستراتيجيين لتكون رأس الحكمة محركاً مهماً لعجلة الاقتصاد المصري ونموذجاً للمجتمعات العمرانية المستقبلية.

أما الرئيس التنفيذي لمجموعة مدن القابضة الإماراتية، بيل أوريجان، فأكد أن مدينة رأس الحكمة تعد من أهم المشاريع الاستثمارية والتطويرية لدى المجموعة خارج دولة الإمارات العربية المتحدة وسيحقق المشروع مستوى جديداً من التميز ليوفر تجربة استثنائية للزوار والمقيمين على حد سواء.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق