يوسف أيوب يكتب: مصر آمنة بأبنائها وقوة جيشها
السبت، 12 أكتوبر 2024 12:51 ميوسف أيوب
السلام خيارنا.. وليست لدينا أجندة خفية.. والقوات المسلحة تتمتع بالرشد وبالتوازن الشديد
إقامة الدولة الفلسطينية تفتح آفاق التعاون بالمنطقة وتنهى الصراع والكراهية.. وسياستنا الخارجية تتسم بالاعتدال وعدم إذكاء الصراعات
إقامة الدولة الفلسطينية تفتح آفاق التعاون بالمنطقة وتنهى الصراع والكراهية.. وسياستنا الخارجية تتسم بالاعتدال وعدم إذكاء الصراعات
فى أكتوبر من كل عام، تحل علينا نسمات انتصارات الحرب المجيدة، حرب السادس من أكتوبر 1973. النصر الذى سيبقى خالدا فى ذاكرة هذا الوطن، وعلى صفحات تاريخه المجيد، فهو ليس مجرد انتصار عسكرى، بل انتصار يذكر الجميع دائما بأن هذا الوطن بتلاحم شعبه وقيادته وجيشه قادر على فعل المستحيل مهما عظم.
من أقوى رسائل هذا الانتصار العظيم، أن روح أكتوبر، كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ليست شعارات إنشائية تقال؛ بل هى كامنة فى جوهر هذا الشعب ومعدنه الأصيل، تظهر جلية عند الشدائد، معبرة عن قوة الحق، وعزة النفس، وصلابة الإرادة، ويسجل التاريخ بكلمات من نور أن مصر عزيزة بأبنائها، قوية بمؤسساتها، شامخة بقواتها المسلحة، وفخورة بتضحيات أبنائها، لذلك فإن ما حققته فى حرب أكتوبر المجيدة سيظل أبد الدهر شاهدا على قوة إرادة الشعب المصرى، وكفاءة قواته المسلحة وقدرة المصريين على التخطيط الدقيق والتنفيذ المحكم.
هذا العام ونحن نحتفل بمرور 51 عاما على الانتصار العظيم، تمر المنطقة بأوضاع شديدة التعقيد والدقة فى نفس الوقت، فالمنطقة تموج بأحداث دامية متصاعدة، بدأت قبل عام فى قطاع غزة، ومع مرور الأيام تمددت وتصاعدت ووصلت إلى سوريا والعراق واليمن والبحر الأحمر، واليوم تشهد تصعيدا عسكريا لافتا فى لبنان، تصعيد يضع الشرق الأوسط أمام حرب شاملة وطاحنة، تعصف بمقدرات شعوب المنطقة وتهدد أمن وسلامة بلدانها، ويأتى هذا التصعيد الإقليمى وسط أجواء من الترقب على المستوى الدولى، تذكرنا بما حققه المصريون بالتماسك وتحمل الصعاب، من أجل بناء قواتنا المسلحة للحفاظ على سلامة هذا الوطن الغالى، وتبديد أى أوهام لدى أى طرف، فى السادس من أكتوبر قبل 51 عاما.
كل هذا يجعلنا دوما نستدعى إنجاز السادس من أكتوبر، لأننا فى أشد الحاجة إليه، فالجيل الحالى مطالب بأن ينهل من معين نصر أكتوبر الذى لن ينضب، والتعمق فى الدروس المستفادة منه، خاصة قدرة الدولة المصرية على تحويل الهزيمة والنكسة فى 1967 لانتصار كبير بعد مرور 6 سنوات فقط، وهو ما تحقق بخليط فريد يجمع بين الاستعداد الجيد على مستوى الدولة كلها وليس على المستوى العسكرى فقط، مع تولى المناصب المهمة للقيادات والعناصر ذات الكفاءة العالية، بالإضافة إلى التسلح بالإيمان والثقة بالله عز وجل والثقة بالنفس، وكذلك التسلح بالإرادة القوية والعزيمة الحديدية الكفيلة بقهر أية صعاب، والأهم هو أن هذا الانتصار وأيضا سلامة هذا الوطن ما كان لها أن تتحقق فى مواجهة تلك التحديات التى مررنا بها، على مدار السنوات الماضية لولا صمود هذا الشعب الأمين ووحدته.
اليوم ونحن ننظر لقواتنا المسلحة، سنجد أنها أصبحت أحد أقوى جيوش العالم، حيث كانت القيادة السياسية منذ توليها الحكم عام 2014 تدفع فى اتجاه تسليح قواتنا المسلحة بأحدث الأسلحة العالمية فى كل المجالات، لقناعة القيادة السياسية أن السلام يحتاج إلى قوة تحميه، ودون هذه القوة تصبح الدولة معرضة للأطماع الخارجية وغير مؤهلة لحماية أراضيها، ومن هنا جاء حرص الرئيس السيسى على تقديم الدعم الكامل للقوات المسلحة باعتبارها الدرع الواقى للوطن، وهو الأمر الذى وضح تماما فى ضوء ما تتعرض له المنطقة حاليا من مخاطر وتحديات وتهديدات يمكن أن تدفع المنطقة إلى المجهول.
اليوم تمتلك قواتنا المسلحة القوة التى تؤهلها لحماية الوطن والحفاظ على الأمن القومى بكل جدارة وكفاءة، وهى أيضا على استعداد دائم لتنفيذ تكليفات القيادة السياسية مهما كانت صعوبتها ومواقعها وتضحياتها، فى إطار المبدأ الذى يؤكد عليه الرئيس السيسى أن «قواتنا المسلحة تصون ولا تبدد وتحمى ولا تهدد».
والثلاثاء الماضى، وقفنا كلنا نتابع ونرصد اصطفاف تفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثانى الميدانى، بمحافظة الإسماعيلية، لنتأكد جميعا أن قواتنا المسلحة جاهزة وقادرة على المواجهة فى أى وقت، أيا كانت طبيعة التحديات والصعاب المحيطة بنا، وهو ما عبر عنه الرئيس السيسى فى كلمته التى شدد خلالها على أن الدولة المصرية حققت النصر فى أكتوبر 1973 رغم فارق الإمكانيات، بالإرادة والرؤية العبقرية التى سبقت عصرها، وحققت لمصر السلام حتى الآن، مؤكدا أهمية الرؤية الثاقبة لقيادة الدولة المصرية خلال فترة حرب أكتوبر وما تلاها والتى تجاوزت عصرها وظروفها وحالة المنطقة آنذاك، وقاتلت وانتصرت وسعت من أجل استعادة الأرض وتحقيق السلام.
الرئيس السيسى قال فى هذا اليوم رسالة مهمة، وهى أن السلام خيار استراتيجى للدولة، وأنه ليس لدينا فى مصر وقواتها المسلحة ومؤسسات الدولة أية أجندة خفية، وأن الحرب هى الاستثناء، والسلام والبناء والتنمية هى الأساس، وكان ما يحدث فى المنطقة اختبارا حقيقيا لهذه الاستراتيجية.
رسالة شديدة الأهمية فى هذا التوقيت الحرج، خاصة أن الرئيس السيسى فى حديثه ربطها بحرب السادس من أكتوبر، حينما قال إن مصر منذ حرب أكتوبر 1973، اتخذت السلام خيارا استراتيجيا، حيث امتلكت القيادة السياسية رؤية عبقرية واتخذت السلام منهجا لها، مشيرا إلى أن الأوضاع الحالية فى المنطقة تؤكد أن رؤية قادة السلام فى مصر بعد حرب أكتوبر 1973، كانت شديدة العبقرية وكانت سابقة لعصرها، وأن فترة ما قبل حرب أكتوبر كانت فترة صراع وكراهية شديدة فى المنطقة، فضلا عن فرق الإمكانيات التى لم تكن فى صالح الجيش المصرى، حينها؛ ورغم هذه الفوارق كانت إرادة القتال لدى الجيش المصرى والشعب عاملا مهما للغاية لتحقيق النصر.
هذه الرؤية السياسية للدولة قبل وأثناء حرب السادس من أكتوبر، تستوجب منا جميعا الوقوف أمام ما قررته القيادة السياسية حينها، حيث كانت لها رؤية بعيدة جدا، واستطاعت أن تتجاوز عصرها باستعادة الأرض ودفع العملية للسلام.
حديث الرئيس السيسى، خلال اصطفاف تفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثانى الميدانى، كان مليئا بالرسائل المهمة، منها أن القوات المسلحة دورها الحفاظ على أراضى الدولة وحماية حدودها؛ وهو أفضل المهام وأشرفها، وتأكيده أن مصر ليس لديها أجندة خفية تجاه أحد، وأن مصر اليوم لديها موقف ثابت لا يتغير، وموقف عادل تجاه قضية عادلة، وهى القضية الفلسطينية، وتشديده على حق الشعب الفلسطينى أن يعيش فى دولة مستقلة جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل، لأنه إذا تحقق هذا الأمر سيفتح آفاقا حقيقية وموضوعية للسلام والتعاون على مستوى المنطقة والإقليم بالكامل.
هذه الرسائل تعبر عن الرؤية المصرية الواضحة تجاه ما يحدث حولنا اليوم، والتى لخصها الرئيس بتأكيده أن القضية الفلسطينية محورية فى وجدان الجميع، وأن «إقامة دولة فلسطينية جنبا إلى جنب مع الدولة الإسرائيلية؛ حماية للمواطن الإسرائيلى والمواطن الفلسطينى.. وهذا موقفنا الثابت الذى نؤكد عليه دائما، ونقول إنها قضية عادلة، حيث يعلم ذلك المجتمع الدولى بالكامل، ويعترف به، ولكن المهم أن يتحول اعترافنا ومعرفتنا إلى عمل من أجل تحقيق هذا الأمر».
كما شرح الرئيس السيسى سياسة مصر تجاه ما تمر به المنطقة من أحداث، وقوله إن مصر تسعى خلال المرحلة الحالية إلى تحقيق ثلاثة أهداف لم تتغير منذ 7 أكتوبر من العام الماضى، وهى: وقف إطلاق النار وعودة الرهائن، ثم إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، حيث يعانى أكثر من مليونى إنسان منذ نحو سنة، مشيرا إلى سقوط أكثر من 40 ألف ضحية، ثلثهم من النساء والأطفال، وأكثر من 100 ألف مصاب، وهذا ثمن كبير جدا، كما أن حجم الدمار لا يقتصر على البنية العسكرية، بل يشمل البنية الأساسية لقطاع غزة، مثل المستشفيات والمدارس ومحطات المياه والكهرباء والمساكن العادية، مؤكدا فى الوقت نفسه أن الدولة المصرية حريصة على تحقيق هدفها، وأنه حتى بعد انتهاء الحرب؛ فالخيار هو إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وذلك لوضع نهاية للصراع والكراهية.
وشدد الرئيس السيسى، على أن سياسة مصر الخارجية تتسم بالتوازن والاعتدال الشديد والحرص على عدم إذكاء الصراعات، مبينا أن القوات المسلحة تعد جزءا من الشعب المصرى، كما شدد على تقديره لشرف العسكرية المصرية، وعزة ومكانة العقيدة العسكرية المصرية، الحريصة دائما على الحفاظ على الأمن والاستقرار وحدود الدولة وحماية مصالحها القومية؛ بعقل ورشد وتدبر، وقال الرئيس السيسى «إن القوات المسلحة والدولة المصرية لم تتكلم يوما ولم يكن همها إلا محاربة التخلف والجهل والفقر، ولا نضيع قدراتنا فى ممارسات قد لا تكون عائدة بالنفع»، مجددا التأكيد أن الدولة المصرية ليس لديها أجندة خفية ضد أحد، كل ما تبغيه أن تعيش فى سلام على حدودها سواء الحدود الشمالية الشرقية أو الجنوبية أو الغربية أو حتى عمق هذه الحدود.
كما أكد الرئيس السيسى، أهمية التعايش والتعاون وأولوية البناء والتنمية وليس الصراع.. قائلا «إن الدولة المصرية تريد أن تعيش وتتعاون لأن تجربتها تثبت أن التعاون والبناء والتنمية أفضل من الصراعات والاقتتال».
ولإدراكه الشديد محاولات البعض توريط القوات المسلحة المصرية فى معارك خاسرة، حرص الرئيس السيسى على التأكيد للمصريين ولمن يعنيهم الأمر فى الوقت نفسه، أن القوات المسلحة المصرية واجهت اختبارا حقيقيا خلال عام 2011، الذى كان يستهدف جناحى الأمة فى مصر هما: الشرطة والجيش؛ لإسقاط الدولة المصرية فى اقتتال أهلى ضخم جدا يستمر ويأكل كل فرص التنمية، مثمنا فى الوقت نفسه دور القوات المسلحة فى هذا التوقيت لحماية الأمن القومى والشعب المصرى من تداعيات فترة تعد من أصعب الفترات التى مرت بها الدولة المصرية، كما أكد صعوبة الفترة التى تلت أحداث 2011 لمحاربة ومكافحة الإرهاب التى استغرقت ما يقرب من 10 سنوات، مهنئا - فى الوقت نفسه - القوات المسلحة والشرطة والدولة المصرية على الجهود التى بذلت خلال هذه المهمة الصعبة التى لا تستطيع الكثير من دول العالم إنجازها، مؤكدا أنه على الرغم من القوة التى تتمتع بها القوات المسلحة، إلا أنها قوة رشيدة تتسم فى تعاملها بالتوازن الشديد.
كل ما قاله الرئيس السيسى فى اصطفاف التفتيش، ومن قبله فى حفل تخريج دفعات الكليات العسكرية، هو تأكيد على الرؤية المصرية، وفى الوقت نفسه هو بمثابة رسائل الردع الاستراتيجى المصرية التى قوامها أن مصر آمنة بفضل أبنائها، خاصة فى ظل اللحظة التاريخية الفارقة، التى تمر بها منطقتنا الآن.