المنطقة المحيطة بمتحف الحضارات
الأربعاء، 09 أكتوبر 2024 03:07 م
متحف الحضارات في مصر هو أحد المعالم الثقافية الرائدة التي تروي قصصًا عن الحضارات المصرية المتعاقبة عبر العصور، وهو يعد واجهة ثقافية وسياحية تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، وقد بذلت الدولة مجهودا جبارا في بناءه وتطوير المنطقة المحيطة به، واستعادة رونق حديقة وبحيرة الفسطاط وتمهيد الطرق لتسهيل الوصول إليه.
ومن أجل الحفاظ على مكانة المتحف ورقيه، يجب الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة واللمسات النهائية، لذا فالاهتمام بتصميم الهوية البصرية الخاصة بالمنطقة المحيطة به أصبح ضرورة ملحة، ليس فقط لتعزيز جاذبيته البصرية بل أيضًا لخلق تناغم بين المتحف وما حوله، لذلك ينبغي أن تنسجم الهوية البصرية لتلك المنطقة مع طابع المكان التاريخي والثقافي، وأيضًا مع التطورات الحديثة في مجال التصميم، فالهوية البصرية لأي منطقة سياحية هي انعكاس لرسالتها وقيمتها الثقافية.
ومن هذا المنطلق أناشد السيد محافظ القاهرة باشتراط طراز معماري موحد للمحلات التجارية المقابلة للمتحف، فعند مروري بتلك المنطقة لاحظت افتتاح العديد من المحال أسفل البنايات المواجهة له تختلف في نشاطاتها، فمنها مطاعم وسوبر ماركت ومحلات لبيع الأثاث وغيرها، إلا أنها تتسم بعشوائية التصميم واختلاف ألوان واجهاتها وإضاءاتها بشكل كبير، مما يعد تلوثا بصريا لا يليق أبدا بأهمية تلك المنطقة وبالمجهود المبذول بها لتحويلها إلى مزار عالمي من أهم المزارات الموجودة على الخريطة السياحية لمحافظة القاهرة، ومن المؤسف ألا تتماشى المحال المحيطة مع الطابع العام للمتحف، فقد يؤدي ذلك إلى تشتيت انتباه الزوار وإضعاف التجربة برمتها، لذا أتمنى أن يعاد التفكير في الهوية البصرية الخاصة بالمنطقة بما يليق مع الطابع التاريخي للمتحف، دون الإخلال بالحداثة أو الوظائف الحديثة المطلوبة لهذه المحال، وبالطبع من الضروري الاستعانة بالمتخصصين في هذا المجال لتحديد الخطوط العريضة والوصول لشكل نهائي يسر الناظرين.
وبالرغم من أنني لست من المتخصصين إلا أنني أتخيل أن تعتمد الهوية البصرية لهذه المنطقة على الرموز الفرعونية والزخارف القبطية والإسلامية، واستخدام ألوان ترابية وأخرى مستوحاة من الطبيعة المصرية مع إضاءات مماثلة لإضاءات المتحف، والاهتمام بيافطات تلك المحال بدمج الخطوط القديمة بالحديثة لتسهيل قراءتها وجعلها أكثر تفاعلاً مع الجمهور.
وبشكل عام أتمنى من المسؤولين عن المواقع السياحية المختلفة وضع اشتراطات على أصحاب المحال التجارية المحيطة للالتزام بطراز معماري محدد، قبل الحصول على التراخيص اللازمة أو تجديدها للحفاظ على تجربة متكاملة للسائح، فعندما يكون هناك تناغم بين التصميم يتعزز شعور الزائر بالانسجام مع المكان، مما يزيد من رغبته في البقاء لفترة أطول واستكشاف المزيد.
وكما يقول المثل الشعبي "الأهم من الشغل، تضبيط الشغل".