مواجهة الأفكار المتطرفة.. دور الثقافة والفن في توعية المجتمع
الإثنين، 07 أكتوبر 2024 11:51 صإبراهيم الديب
يلعب الفن دورًا كبيرًا في الارتقاء بالإنسان وتنمية الوجدان، حيث يُعد وسيلة تعبير فعالة تكشف ما يكمن في النفس البشرية، وتعزز القيم الإنسانية والاجتماعية.
وتُعتبر الثقافة والفن من أهم الأدوات التي تسهم في توعية المجتمعات ومواجهة التحديات الفكرية التي تؤثر على الاستقرار والتماسك الاجتماعي، وذلك في ظل انتشار الأفكار المتطرفة التي تهدد السلام والأمان في المجتمعات، أصبح للثقافة والفن دور محوري في مواجهة هذه الظواهر من خلال تعزيز الوعي، نشر القيم الإنسانية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة.
ويمتلك الفن القدرة على التأثير في عقول الناس ووجدانهم من خلال تقديم رسائل هادفة تساعد على بناء الوعي المجتمعي ومواجهة الظواهر السلبية مثل التطرف، كما أن الفن يعكس واقع المجتمع ويناقش قضاياه، ليصبح بذلك أداة محورية في مكافحة الفكر المتطرف وتقوية تماسك المجتمع.
كما يلعب الفن والثقافة دورًا حاسمًا في زيادة وعي المجتمع حول مخاطر الأفكار المتطرفة وتأثيرها السلبي على الأفراد والمجتمع، وذلك من خلال الأنشطة الثقافية مثل المحاضرات والندوات، والمهرجانات الفنية، حيث يمكن نشر المعرفة حول الأصول الصحيحة للأفكار البناءة، وتوضيح الأسباب التي تؤدي إلى تطرف الأفكار وتداعياتها الكارثية، بالإضافة إلى أن الفنون يمكنها تسليط الضوء على الأفكار المتطرفة والمغلوطة، وتقديم المفاهيم الصحيحة لها، وكسر الصورة النمطية التي يستغلها المتطرفون للترويج للأفكار الهدامة.
الفن ودوره في بناء الوعي المجتمعي
يسهم الفن بشكل مباشر في تعزيز الفخر بالهوية الوطنية والثراء الثقافي للأمم، وذلك من خلال الأعمال الفنية، حيث يمكن للأفراد التعرف على تاريخهم وحضارتهم والمشاركة في حماية تراثهم من خلال الأعمال الفنية، كما أنه يعزز الوعي بالقضايا الاجتماعية والوطنية عبر الدراما، السينما، والمسرحيات التي تناقش مواضيع مثل الوحدة الوطنية، الحفاظ على المال العام، وحماية الموارد الوطنية.
كما يمكن للفن أن يلعب دورًا مهمًا في التوعية بقضايا الحياة اليومية التي تؤثر على المجتمع، مثل ضرورة الحفاظ على الخدمات العامة، والنظافة العامة، والمساهمة في بناء قيم المواطنة، حيث تقدم الدراما أبطالاً يمثلون نماذج للتضحية والوطنية، مما يُغرس في الأجيال الشابة حب الوطن والانتماء.
ولا يقتصر دور الفن على توعية المجتمع فقط، بل يمكن أن يكون سلاحًا قويًا لمكافحة التطرف، حيث يظهر ذلك من خلال الأعمال الفنية التي تعكس الرؤية الإنسانية، وتدحض الفكر المتطرف عن طريق تقديم قصص تحث على التسامح وقبول الآخر، فالفن قادر على نشر قيم السلام والتعددية، وهو ما يتناقض تمامًا مع الأفكار المتطرفة، كما أنه يُعد وسيلة ممتازة للتصدي لخطاب الكراهية والتطرف الذي يروج له بعض التنظيمات المتطرفة، وذلك من خلال تقديم رواية مضادة تعكس القيم الإنسانية، يمكن للفن أن يسهم في تحصين الأفراد، وخاصة الشباب، من الانجراف نحو هذه التنظيمات.
في مصر، كانت الدراما أحد أهم الوسائل المستخدمة لمواجهة الإرهاب والتطرف، مثل مسلسل "الاختيار" و"العائدون"، اللذين قدما قصصًا تبرز التضحيات التي يقوم بها رجال الأمن والجيش من أجل حماية الوطن، ومثل هذه الأعمال الدرامية تسهم في توعية الجمهور، وخاصة الشباب، حول مخاطر الانضمام إلى التنظيمات المتطرفة، وتقدم نماذج للقدوة الصالحة.
الدراما أيضًا تسلط الضوء على خطورة التفسيرات المغلوطة للنصوص الدينية التي تعتمد عليها الجماعات الإرهابية في نشر فكرها الهدام، وذلك من خلال تناول مثل هذه المواضيع، تُسهم الدراما في بناء وعي مشترك حول أهمية نبذ العنف والتطرف.
وقدمت مصر جهودًا كبيرة في تطوير القطاع الثقافي والفني كجزء من محاربة التطرف، حيث أُنشئت مراكز ثقافية تهدف إلى تعزيز الفن باعتباره وسيلة للتواصل بين مختلف شرائح المجتمع، ونشر ثقافة التسامح والمواطنة.