الأكثر ضراوة منذ حرب 1948.. كيف وثقت صحافة العالم حرب 6 أكتوبر قبل 51 عاماً؟
السبت، 05 أكتوبر 2024 09:34 م
ذكرى نصر أكتوبر، وقبل 51 عاما، كانت الصحافة العالمية على موعد مع حدث من العيار الثقيل.. حيث رسم الجنود المصريون ملامح ملحمة مكتملة الأركان، حيث استطاع الجنود المصريون هزيمة أسطورة زائفة عن جيش لا يقهر، ومع ذكاء منقطع النظير من الجيش المصرى، واندفاق خراطيم المياه استطاعت أن تشق طرقاً لها فى ثنايا خط بارليف، فكيف استقبلت الصحف العالمية انهيار أسطورة الجيش الذى لا يقهر؟
وكتبت صحيفة واشنطن بوست فى الثامن من أكتوبر تقول: إن المصريين حققوا نصرا نفسيا على إسرائيل، فى إشارة إلى استعادة مصر السيطرة على قناة السويس، ووصفته الصحيفة بالانتصار بأن لا مثيل له.
وكالة رويترز، كتبت فى 11 أكتوبر 1973 تقول أن الحرب كانت الأكثر ضراوة التى تم شنها منذ حرب 1948، وكان واضحا أنهم، أى الإسرائيليون، خسروا المبادرة فى هذه الحرب، وتراجع الجيش الإسرائيلى بسبب النطاق الواسع للأسلحة المتطورة التى تم استخدامها فى الحرب من قبل التحالف العربى.
وفى صباح السابع من أكتوبر، ومع أول صدور لصحيفة نيويوك تايمز الأمريكية بعد العبور، كان المانشت الرئيسى يصف بلا أهواء مشهد الحرب، تحت عنوان "العرب والإسرائيليون يتقاتلون على جبهتين.. والمصريون يعبرون قناة السويس"، لتسرد الصحيفة تفاصيل العبور المصرى لقناة السويس فى اليوم السابق للطبع، بقولها أن المعارك الدائرة مكثفة بين الجانبين المصرى والسورى من جهة، والإسرائيلى من جهة أخرى. فيما جاء التقرير مصحوباً بإشارة عناوين فرعية لمناشدات وزير الخارجية الأمريكى فى ذلك الوقت هنرى كيسنجر، لوقف إطلاق النار، والتى قالت الصحيفة إنها "بلا جدوي".
وبعد أسبوع من المعارك، وفى يوم 15 أكتوبر، كانت الحرب حاضرة أيضاً فى الصفحة الأولى لنيويورك تايمز، تحت عنوان : " القوات المصرية تشن هجوما كبيرا فى سيناء .. وخسائر كبيرة فى الدبابات الإسرائيلية"، وجاء فى متن التقرير الرئيسى للصحيفة : "ذكرت القيادة العسكرية المصرية أن القوات شنت هجوما عاماً على طول جبهة سيناء واحتلت مناطق جديدة كبيرة من الصحراء فى قتال عنيف.. ودمر المصريون بعد تسعة أيام من توغلهم عبر قناة السويس 150 دبابة إسرائيلية وأسقطوا ما لا يقل عن 44 طائرة إسرائيلية بما فى ذلك طائرتا هيلكوبتر".
ولم يغفل التقرير سرد الرواية الإسرائيلية، حيث تابع : نفت إسرائيل وقوع هجمات مصرية عنيفة على طول جبهة القتال التى يبلغ طولها 100 ميل شرق القناة، وزعمت أنها أوقفت أكثر من 220 دبابة مصرية عن العمل. وقال المتحدثون الإسرائيليون أن المصريين فشلوا فى اختراق الخط فى أى وقت".
وبجانب التطورات الميدانية، رصد التقرير انطباعات المصريين عن تطورات المعركة، وأشار إلى أن "الرئيس أنور السادات لم يتفوه بأى كلمة علنية منذ بدء القتال، وكان ظهوره الوحيد فى مسجد لصلاة الجمعة مع مسئولين آخرين، كما التزم جميع الوزراء الآخرين الصمت فى بلد اتُهمت فيه القيادة فى كثير من الأحيان بالكلام المفرط، وأكد هذا على مزاج الجدية وكذلك وعى السكان بأن الحرب قد تكون طويلة وصعبة على الرغم من النجاحات الأولية".
ورأت مجلة نيويورك، أن حرب أكتوبر كانت الوحيدة، بين أربع حروب بين العرب وإسرائيل، التى تفوق فيها المصريون على الإسرائيليين، وكان عبور قناة السويس جريئا وعبقريا بإزالة السواتر الرملية الدفاعية العملاقة بخراطيم المياه عالية الضغط، وإقامة الجسور العائمة، وعبور الكوماندوز القناة فى زوارق مطاطية مكشوفة.
وكانت الصحف البريطانية أقوى فى وصفها لحجم ما حققته مصر، وتحدثت عن زيف أسطورة قوة إسرائيل، وقالت : لقد اتضح أن القوات الإسرائيلية ليست مكونة كما كانوا يحسبون من رجال لا يقهرون، وأن الثقة الإسرائيليّة بعد عام 1967 قد بلغت حد الغطرسة الكريهة التى لا تميل إلى الحلول الوسط، وهذه الغطرسة قد تبخرت فى حرب أكتوبر، وذلك يتضح من التصريحات التى أدلى بها المسئولون الإسرائيليون بمن فيهم موشى ديان نفسه.
بينما قالت صحيفة دايلى ميل أن الأسبوع الذى شهد اندلاع الحرب، كان أسبوع تأديب وتعذيب لإسرائيل، ومن الواضح أن الجيوش العربية تقاتل بقوة وشجاعة وعزم.
وأضافت أنه من الواضح أن العرب يقاتلون ببسالة ليست لها مثيل، ومن المؤكد أن عنف قتالهم له دور كبير فى انتصاراتهم، وفى نفس الوقت ينتاب الإسرائيليون إحساس عام بالاكتئاب لدى اكتشافهم الأليم الذى كلفهم كثيراً، أن المصريين والسوريين ليسوا فى الحقيقة جنوداً لا حول لهم ولا قوة، خاصة مع الدلائل التى كشفت أن الإسرائيليين كانوا يتقهقرون على طول الخط أمام القوات المصرية والسورية المتقدمة.