لماذا «رأس الحكمة»؟

السبت، 05 أكتوبر 2024 05:00 ص
لماذا «رأس الحكمة»؟
طلال رسلان يكتب:

بما أن ثورة 30 يونيو بداية للتأريخ في الحقبة الحديثة وما تلتها من أحداث وصولا إلى الطريق لبناء الجمهورية الحديثة، فإننا خرجنا من تلك الحقبة بأكثر الدروس استفادة ونتيجة بأن تحسين حياة المواطن وقوة الاقتصاد هما الحصان الرابح، مهما كانت الظروف داخليا وخارجيا، وبناء عليه يكون مدى قرب النظام من مصلحة الشعب بحلول شجاعة، والاشتباك مع ملفات الأزمات بشكل مباشر هما المحدد الرئيسي للنجاح وتحقيق المعجزات، في زمن يشهد فيه الإقليم تداعيات جيوسياسية صعبة تحتم التأثير على الاقتصاد والمجتمع والأفراد، بل وتتوقف على الوجود في الأساس.
 
لذلك المتابع للمشهد المصري خلال السنوات الماضية يدرك جيدا أن مشروع رأس الحكمة بشراكته الاستثمارية مع دولة الإمارات، ليس مجرد مشروع تلتف به الحكومة على فترة عصيبة يعاني بها الاقتصاد من مواطن ضعف تأثرا بالأحداث الخارجية في الإقليم وعاليما، بل إنه يعد واحدًا من المشاريع التي تحقق نقلة نوعية في الاقتصاد المصري، وكان قرارا شجاعا وجذريا للمأزق الذي تعانيه الدولة اقتصاديا وبالتالي التأثير المباشر على مستوى معيشة حياة المواطن. يأتي ذلك من خلال تنمية القطاع السياحي والعقاري، وتوفير فرص عمل جديدة، تحسين البنية التحتية، وتعزيز التنمية المستدامة، ويلعب المشروع دورًا محوريًا في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر. كما يعزز من مكانة مصر كوجهة استثمارية رائدة ويدعم استراتيجيات النمو على المدى الطويل.
 
ويعلم الجميع أن هذا ليس كلاما للاستهلاك الإعلامي أكثر منه صورة واقعية لتأثير مشروع رأس الحكمة على الاقتصاد المصري والذي لا يقتصر فقط على تعزيز الاقتصاد، بل يشمل أيضًا تحسين حياة المواطنين المصريين من خلال توفير فرص عمل وتنمية متكاملة للمناطق الساحلية. ويمكن القول صراحة ودون مواربة بأن مستقبل مصر الاقتصادي يعتمد بشكل كبير على تنفيذ مثل هذه المشاريع الطموحة التي تفتح آفاقًا جديدة للتنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي، ولنا في انهيار السوق السوداء للدولار بأيام، وأزمة العملة الصعبة مثالا حيا على مدى هذا التأثير.
 
والحق يقال أن الغالبية العظمى لم تدرك منذ البداية كنز منطقة رأس الحكمة الواقعة على الساحل الشمالي الغربي لمصر والتي تعد واحدة من أهم المواقع الاستراتيجية الواعدة في البلاد. لكن قيادة الدولة المصرية أدركت منذ فترة طويلة أهمية تطوير منطقة رأس الحكمة، وبدأت الحكومة في تنفيذ خطوات تطويرية ضخمة تهدف إلى خدمة الهدف من جعلها مركزًا استثماريًا وسياحيًا متكاملاً، ما يسهم في تعزيز الاقتصاد المصري.
 
من المزايا الكبيرة لمشروع رأس الحكمة هو خلق فرص عمل جديدة للشباب في مختلف القطاعات. يُعد المشروع بمثابة قاطرة للتنمية الاقتصادية، حيث يتوقع أن يوفر عددًا كبيرًا من الوظائف في مراحل البناء والتشييد، فضلاً عن توفير فرص عمل مستدامة في مجالات السياحة، العقارات، الخدمات اللوجستية، والإدارة، كما سيساهم المشروع في تحفيز النمو الاقتصادي في مصر من خلال تحريك عجلة الاقتصاد في عدة قطاعات مرتبطة مثل قطاع مواد البناء، النقل، والخدمات اللوجستية، ما يزيد من الطلب المحلي على المنتجات والخدمات ويساهم في دعم الشركات المحلية وتحقيق النمو الاقتصادي.
 
يتطلب تطوير منطقة رأس الحكمة توفير بنية تحتية متكاملة تشمل الطرق، الموانئ، الاتصالات، والكهرباء. يعمل المشروع على تحديث وتوسيع البنية التحتية في المنطقة من خلال إنشاء طرق سريعة جديدة، وتطوير موانئ بحرية تربط رأس الحكمة بالأسواق العالمية، ما يسهل تدفق السلع والخدمات ويزيد من فرص الاستثمار في المنطقة، يعد ميناء جرجوب الذي يتم تطويره ضمن إطار المشروع واحدًا من أكبر الموانئ التي ستساهم في تعزيز التجارة الخارجية، حيث سيساهم في تحويل رأس الحكمة إلى مركز تجاري رئيسي يربط بين أوروبا، إفريقيا، وآسيا. هذا التطور سيعزز مكانة مصر الاقتصادية ويوفر فرصًا جديدة للنقل والشحن البحري، مما يدعم الصناعات المصرية ويزيد من صادرات البلاد.
 
وقبل أن يراودك شك كمواطن مصري متابع لما يحدث حولنا من أحداث مشتعلة في المنطقة، أو كمتابع للسياقات التي ترسمها وتهدف إليها مجموعات تعمل على تنفيذ مخطط التشكيك بين الدولة والمواطن، فيجب أن ندرك ونقرأ ما يحدث على أرض الواقع وليس خيالا، بأن قيادة الدولة المصرية والحكومة أعلنت منذ البداية بأن المشروع يعد جزءًا من رؤية مصر 2030 التي تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز اقتصادي عالمي، وليس مجرد إنقاذ للاقتصاد في مرحلة معينة. مع اكتمال مشروع رأس الحكمة، يساهم في دعم هذه الرؤية وتعزيز مكانة مصر على الساحة الدولية كوجهة مفضلة للاستثمار والسياحة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق