العدالة للمستحقين.. خارطة طريق من الحوار الوطني لتحديد مستقبل منظومة الدعم
الجمعة، 04 أكتوبر 2024 12:51 مأمل غريب
فتح الباب لمقترحات المواطنين.. أسبوع جلسات عامة علنية.. والمناقشة بحيادية تامة
"عيني أم نقدي؟".. قضية الدعم هي قضية كل مواطن يأمل في مستوى معيشة لائق وحياة كريمة.. مجموعة رسائل مهمة بعثها الحوار الوطنى لكل المصريين، أثناء فتحه بابا النقاش حول مستقبل منظومة الدعم، خاصة بعدما تلقى مجلس الأمناء ردود الفعل وتعليقات الخبراء والمواطنين الخاصة بقضية الدعم، والتي رأت في غالبيتها ضرورة التحول من الدعم العيني إلى النقدى، ومع فتح الحوار الوطنى الباب أمام المواطنيين لإرسال مقترحاتهم الخاصة بقضية الدعم حتى 10 أكتوبر الجارى، على وسائل التواصل المُعلنة من جانب مجلس الأمناء، عقد المجلس اجتماعاً مهما الأثنين الماضى، بمقر الأكاديمية الوطنية للتدريب، لمناقشة قضية الدعم، مضافاً إليها بندا ثانيا عاجلا لمناقشاته، وهو الاستجابة لمطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مائدة الإفطار على هامش حفل تخريج دفعة جديدة من ضباط أكاديمية الشرطة، بإدراج قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، كأولوية عاجلة في فاعليات الحوار خلال الفترة الحالية والقادمة، نظرًا للتطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة.
وقرر مجلس أمناء الحوار الوطني مناقشة القضية إجرائيا على النحو التالي:
أولًا: استمرار الأمانة الفنية في تلقي الاقتراحات حتى 10 أكتوبر الجارى، على أن تُعِد الأمانة تحليلاً تفصيليًا لما وصلها، حيث يتم عرضه على مجلس الأمناء والمقرر العام والمقرر العام المساعد للمحور الاقتصادي.
ثانيًا: عقد أسبوع من الجلسات العامة العلنية لمناقشة مختلف جوانب قضية الدعم، يشارك فيها مختلف القوى السياسية والأهلية والنقابيّة والشبابية، على أن تتضمن محاور رئيسية، هي: البيانات الرسمية حول منظومة الدعم في مصر، تحديد مستحقي الدعم ومتطلباتهم (الفئات المستهدفة)، مزايا وعيوب الدعم العيني والنقدي، آليات وضمانات وصول الدعم لمستحقيه.
ثالثًا: عقد أسبوع من الجلسات المتخصصة يحضرها جميع المعنيين من خبراء ومتخصصين وجهات سياسية ومؤسسات تنفيذية ومجتمعية، ويراعى فيها التمثيل الكامل والمتوازن لكل مدارس الفكر والعمل في مصر، وذلك لبلورة التوجهات والتوصيات التي تم التعبير عنها في الجلسات العامة.
رابعًا: عقد جلسات للصياغة النهائية للتوصيات الصادرة عن جلسات الحوار الوطني.
خامسًا: عرض التوصيات المُصاغة سابقاً على مجلس الأمناء لإقرارها ورفعها إلى رئيس الجمهورية.
وكان مجلس الأمناء قد أعلن بدء الاستعدادات لمناقشة قضية الدعم، والتي كانت الحكومة قد أحالتها للحوار الوطني خلال الفترة الماضية، وعقد اجتماع الأثنين الماضى بحضور المقرر العام والمقرر العام المساعد للمحور الاقتصادي له، لاستعراض وإقرار الإجراءات المطلوبة لضمان مناقشة القضية من كافة جوانبها، وعلى نطاق واسع يضمن مشاركة جميع المعنيين من خبراء ومتخصصين وجهات سياسية ومؤسسات تنفيذية ومجتمعية.
وطرح الحوار الوطنى خلال النقاش، جهود الدولة المستمرة في تقديم الدعم للمواطنين، والتي تشمل تقديم المساعدات المالية، دعم السلع الأساسية، تحسين الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها الكثير، وهى جهود تهدف إلى تحسين جودة الحياة والارتقاء بمستوى المعيشة لجميع الفئات المستحقة.
وشملت برامج الدعم المباشر، التأمين الصحى الشامل، ودعم السلع التموينية والخبز، ودعم الأدوية الأساسية، دعم الإسكان، دعم الكهرباء، دعم التعليم، دعم ألبان الأطفال، دعم المواد البترولية، دعم مياه الشرب، دعم نقدى لفئات أكثر احتياجا من خلال برنامج تكافل وكرامة.
وشرح الحوار الوطنى أنواع الدعم، وقال إن الدعم هو المساعدة التي تقدمها الحكومة للمواطنيين عبر تقليل تكلفة السلع والخدمات، ويتم تحديد قيمة الدعم بحساب الفارق بين سعر بيع السلعة أو الخدمة للمستهلك، وتكلفة إنتاجها.
والدعم العينى عبارة عن مستقطع مالى تستقطعه الدولة من الموازنة العامة تدعم به بعض السلع الاستراتيجية التي توفرها للمواطن، وقد يشمل ذلك تقديم مواد غذائية وأدوية أو خدمات معينة أخرى، ويستخدم في العادة لتلبية احتياجات معينة دون اللجوء إلى تقديم مبالغ مالية، أي يكون عبر تقديم سلع أو خدمات مادية للمستفيدين مثل الخبز المدعوم والوقود.
والدعم النقدى المشروط يتم تقديمه بشرط تحقيق متطلبات معينة، مثل برامج الدعم التي تشترط إرسال الأطفال للمدارس والرعاية الصحية.
والدعم النقدى أحد أشكال الدعم بتقديم مبالغ مالية مباشرة إلى المستفيدين، لمساعدة الأفراد على تلبية احتياجاتهم الأساسية ومواجهة مصاعب الحياة اليومية، بدلاً من الاستمرار في الدعم العينى، الذى لا يصل في كثير من الأحيان لمستحقيه.
والدعم غير المباشر، ويشمل الإعفاءات الضريبية أو تخفيضات تكاليف الإنتاج التي لا يشعر بها المستهلك بشكل مباشر.
ومن ضمن الأمور التي اعتمد عليها مجلس الأمناء، طرح سؤال: لماذا يرى البعض أن هناك حاجة للتحول من الدعم العينى إلى النقدى، وقال إنه يسمح بتحديد أولويات وإنفاق الأموال وفقا لاحتياجاتها الخاصة، تقليل تكلفة توزيع الدعم، ضمان وصول الدعم لمستحقيه من الأسر ذات الدخل المنخفض والأكثر احتياجا، أكثر سهولة ومرونة في التنفيذ مما يتيح وصول المساعدات بشكل أسرع، تسهيل المحاسبة وإغلاق ثغرات سرقة السلع المدعومة، والحد من الهدر في السلع العينية أثناء النقل والتخزين أو لعدم ملائمتها لاحتياجات الأفراد.
وقال الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، إن ملف الدعم يهم المواطن في الدرجة الأولى، وأن الدعم النقدي أكثر ضمانًا في الوصول للمستحقين، موضحاً أن الدعم العيني هو تقديم السلع؛ وعلى رأسها الخبر، للمواطن بآليات محددة، كانت أولًا كارت تموين، ثم كارت خبز، وتقوم دول عديدة بمثل هذا الدعم، حيث إن تمصير الأشياء يجعلها أكثر فاعلية وجاذبية وقدرة على التغير.
وأضاف وزير التموين والتجارة الداخلية أن هناك دولًا قامت بتطبيق الدعم العيني، وأخرى قامت بتقديم الدعم النقدي، مشيرًا إلى أن التحديات التي نواجهها حاليًّا في 2024 تختلف تمامًا عما سبق في السنوات الماضية، موضحاً: لن نستطيع فعل أي شيء دون بيانات أو معلومات يتم العمل عليها، ولدينا بيانات متراكمة يتم العمل عليها، لكن يجب النظر إليها على أنها رقم محدد ويستمر، حيث إنها تتحرك وتتغير، حيث إنه يجب مشاركة كل مقدمي الخدمات والمسئولين عن شبكة الحياة الاجتماعية.
وقال الدكتور ماجد عبد العظيم أستاذ الاقتصاد، إن الدعم العينى يصل إلى غير مستحقيه، والمستفيدون منه أكثر هم الأغنياء وليس الفقراء، وكلما كان هناك دراسة للحالات التى تحصل على الدعم كلما كان هناك تحقق أكثر لمدى احتياج هذه الحالات إلى الدعم، لافتاً إلى أن الدعم العينى يصل أحيانا لطبقات لا تستحق هذا الدعم، إذا فإن تحول الدعم من عينى لنقدى يساعد على وصول الدعم لمستحقيه، ويمنع إهدار أو احتكار السلعة، لأن الدولة تدرس الحالات الأولى بالرعاية ومستحقى الدعم.
ولفت ماجد عبد العظيم إلى أن هناك تحقيقا للعدالة فى منظومة التحول من الدعم العينى للنقدى، وحتى تستفيد الطبقة الأكثر احتياجا بشكل أكبر، ويصل لهم بطريقة مباشرة دون وسطاء.
والأسبوع الماضى، نظمت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، صالونا نقاشيا حول ملف التحول إلى الدعم النقدي تحت عنوان: "كيف يشكل الدعم النقدي استهدافا أفضل للمستحقين.. النقدي أفضل أم العيني"، ناقش الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المرجوة من التحول من دعم السلع إلى الدعم النقدي، وكيف يمكن أن يؤدي الدعم النقدي إلى تحسين الكفاءة الاقتصادية والتأثير على الهدر والفساد في نظام توزيع السلع، وكيفية ضمان وصول الدعم النقدي إلى الفئات الأكثر احتياجا والآليات المتاحة لمراقبة توزيع الدعم بفعالية، وتأثير تحويل الدعم على أسعار السلع الأساسية في الأسواق والتضخم.
وقال النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، رئيس حزب العدل، إن الدعم النقدي أفضل من الدعم العيني، لكن اتخاذ هذا التحول دون مراعاة التضخم، يعني أن مقدرات المصريين ستذهب هباءً، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي في ظل الوضع الصعب الذي تمر به الموازنة، لافتاً إلى أن الدعم عملية معقدة تحتاج إلى تعامل كفء، ومن الواجب أن ندرس الموضوع بمنطق أنه حق للمواطن وليس منحة، موضحاً أنه لا بد من فتح الطريق أمام المصانع ودعم ملف الجمارك والتسعير مع الرقابة على الأسواق لنصل إلى سياسة خاصة بالسلع التموينية في شكل وثيقة تموينية توضح ضوابط ودور الدولة في دعم القطاع الصناعي، لافتا إلى أن السلع التموينية رقمية وليست مادية.