51 عاماً ورسالة النصر المجيد باقية.. التأهب للحرب هو طريق السلام
الجمعة، 04 أكتوبر 2024 12:25 ميوسف أيوب
مصر مارست سياسة التوازن والاعتدال رغم الاضطرابات الخطيرة.. وأدارت التحديات بشكل يحفظ بلدنا ومحيطنا
السيسي: دولتنا بخير وقوية ما دمنا متحدين ومتماسكين ومتحملين لمسئولياتنا.. والشعب الركيزة الأهم للحفاظ على أمن واستقرار الوطن
السيسي: دولتنا بخير وقوية ما دمنا متحدين ومتماسكين ومتحملين لمسئولياتنا.. والشعب الركيزة الأهم للحفاظ على أمن واستقرار الوطن
ونحن نحتفل بمرور 51 عاما على انتصارات السادس من أكتوبر المجيدة، التي ستظل أيقونة خالدة في تاريخ الأمة المصرية، تُجسد قدرات الجيش المصري القتالية المُميزة، ودوره الوطني في الذود عن تراب الوطن، وردع كل محاولات المساس بمقدراته، وتعكس قوة إرادة المصريين وصلابتهم، يمر الشرق الأوسط بلحظة فارقة، لحظة تغلب عليها الضبابية وعدم اليقين في شكل المستقبل، والسبب لعبة خلط الأوراق التي نراها تتكرر كل يوم.
في غزة كانت البداية.. اندلعت حرب دون مقدمات حقيقية. حرب لم يكن يتوقعها من أشعلوا نيرانها، كانوا يظنوها فترة تصعيد ستنتهى إلى الشكل المتوقع، هدنة وتهدئة.
من غزة انتقل الصراع إلى بقية المنطقة، في لبنان وسوريا وإيران، وصولاً للممر الملاحى الأهم، البحر الأحمر، الذى أدخل على خط المواجهة، وأصبح منطقة مليئة بالتشديدات العسكرية.
حالة عدم اليقين هي السمة الغالبة في المنطقة حالياً، ترافقت مع أنحدار سريع للمنطقة نحو هوة سحيقة من الفوضى والدمار، وسط غياب فكر أو رؤية عقلانية دولية تحاول انتشال المنطقة المؤثرة في القرار الدولى، من الفوضى التي تعيشها.
منذ السابع من أكتوبر 2023، وهنا أصوات عاقلة خرجت لتحذر من مخاطر المستقبل، لكن لم ينبته أحد. القاهرة كانت أول من حذرت ونبهت، وكانت نقطة البداية في قمة القاهرة للسلام في 21 أكتوبر الماضى، التي قال خلالها الرئيس عبد الفتاح السيىسى أن المنطقة تعيش "أوقات صعبة تمتحن إنسانيتنا، قبل مصالحنا تختبر عمق إيماننا، بقيمة الإنسان، وحقه في الحياة وتضع المبادئ، التي ندعي أننا نعتنقها، في موضع التساؤل والفحص"، مؤكداً في رسالة ذات مغزى أن "شعوب العالم كله، وليس فقط شعوب المنطقة تترقب بعيون متسعة، مواقفنا في هذه اللحظة التاريخية الدقيقة، اتصالًا بالتصعيد العسكري الحالي، منذ السابع من أكتوبر الجاري، في إسرائيل والأرض الفلسطينية".
الرئيس السيسى في هذه القمة قالها بلسان مبين: نحن أمام أزمة غير مسبوقة تتطلب الانتباه الكامل، للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع، بما يهدد استقرار المنطقة، ويهدد السلم والأمن الدوليين. ولذلك، فقد وجهت لكم الدعوة اليوم، لنناقش معًا، ونعمل على التوصل إلى توافق محدد، على خارطة طريق تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام من خلال عدة محاور: تبدأ بضمان التدفق الكامل والآمن والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة وتنتقل فورًا إلى التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار ثم البدء العاجل في مفاوضات لإحياء عملية السلام وصولًا لإعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولية مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل في الأراضي الفلسطينية.
في 21 أكتوبر 2023، أي قبل عام تحديداً، وقبل أن ينتقل الخطر إلى لبنان وسوريا وإيران والعراق والبحر الأحمر، كانت مصر واضحة، لأنها قرأت الواقع على الأرض جيداً، كما أستقرأت وفق رؤية واقعية، توجهات الأطراف الفاعلة في الأزمة والمتداخلة معها، وحذرت من اتساع رقعة الصراع، بما يهدد استقرار المنطقة، ويهدد السلم والأمن الدوليين.
لم ينتبه أحد لهذا التحذير المبكر جداً، والحق أنه لو أمعن الجميع النظر في هذا التحذير، لكنا بعيدين تماماً عن الوضع الذى نحن عليه اليوم.
لكن ما حدث أن أصوات الحكمة كانت في مواجهة ضجيج الصواريخ والبنادق، فضاعت الرؤية والهدف، وتلاشت آمال السلام.
ظلت مصر ورئيسها وسط هذه الفوضى ولعبة خلط الأوراق المتعمدة، الرقم الصحيح العاقل لمعادلة صفرية صنعتها سياسات متطرفة مدعومة من أطراف دولية، لا يهمها أن يعم السلام في المنطقة. لم تتوقف مصر عن العمل والنداء الجاد، لوقف نزيف الدماء، وللحفاظ على أرواح الأبرياء.
وحدها مصر التي تتحرك بحثا عن السلام والاستقرار، ومنطلقها هو الحفاظ على الأمن القومى المصرى، وبالتالي الحفاظ على أمن العرب والمنطقة.
الرؤية المصرية كانت ولاتزال واضحة، وجددها الرئيس السيسى الأسبوع الماضى، بتأكيده أن مصر تدير أمورها بشكل يحفظها والمنطقة، دون التورط في أمور قد تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة وفي مصر، مطمئنا الشعب المصري، بأن مصر "بخير وستظل قوية، ما دمنا ثابتين ومتحدين ومتماسكين، متحملين لمسئولياتنا"، رغم ما تشهده المنطقة من توترات.
وفي كلمته خلال الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، الأحد الماضى، نبه الرئيس إلى مخاطر التطورات بالمنطقة، والتي تشي باتساع رقعة الصراع، مؤكدا أن مصر دولة تمارس سياسة تتسم بالتوازن والاعتدال، كما أكد أن المنطقة والعالم يمران بظروف صعبة للغاية، ومصر تحرص على أن تكون سياستها متوازنة؛ في ظل هذا الاضطراب الخطير، مجددا تحذيره من أن استمرار هذا الاضطراب سيؤدي إلى عواقب وخيمة في منطقتنا، وربما في العالم.
كما أكد السيسي، الحرص على ممارسة سياسة تتسم بالتوزان والاعتدال والموضوعية، والتي تتبناها الدولة منذ سنوات، وذلك أيضا في ظل الظروف الحالية على الحدود الغربية والجنوبية، وكذلك التي تحدث على الحدود المصرية الشرقية، منذ عام تقريبا ويتابعها العالم أجمع، وتساءل الرئيس السيسي "هل ما يحدث يجعل الشعب المصري قلقا؟" مجيبا: "بدون شك يجب أن نشعر بالقلق لأن التطورات التي تحدث خطيرة قد تؤدي لاتساع رقعة الصراع في المنطقة بشكل يؤثر على الاستقرار".
وخاطب الرئيس الشعب المصري: "أريد أن أطمنئكم أن مصر بخير والأمور - بفضل الله - مستقرة ومن جيد للأحسن.. مادمنا ثابتين ومستقرين ومتماسكين ومتحملين لمسئولياتنا، ومتحدين جميعا يدا واحدة ومطمئنين بأننا ندير أمورنا بشكل يحفظ بلدنا والمنطقة ما أمكن، دون التورط في أمور قد تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة وفي مصر"، لافتاً إلى أن مصر فقدت ما بين 50% إلى 60% من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الـ8 شهور الماضية.
والأثنين الماضى، وفي إطار استعدادات الأكاديمية العسكرية المصرية لتخريج دفعات جديدة من طلابها لعام 2024، أجاب السيسى على استفسارات طلاب الأكاديمية الذين أنهوا دراستهم بها، أكد خلاله أن حماية الأمن القومي عملية مستمرة بلا كلل أو ملل، مؤكداً أن تماسك ووحدة الشعب هما محور الارتكاز والحماية الاستراتيجي للدولة المصرية، والضامن الأساسي للحفاظ على أمن واستقرار الوطن، مشدداً على أن الأعوام العشر الماضية برهنت على وعي الشعب المصري وتماسكه في الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، فكان الشعب هو حائط الصد ضد محاولات زعزعة الاستقرار والنيل من المؤسسات الدستورية تجنباً للعواقب السلبية لعدم الاستقرار.
وأكد الرئيس أن التطورات على مدار العقود الماضية أدت بالمنطقة إلى مفترق طرق تاريخي، يتطلب من الجميع الحذر والتأني والدراسة المتعمقة قبل اتخاذ أي قرار، مؤكداً في هذا السياق أن ثوابت السياسة المصرية تقوم على التوازن والاعتدال والإيجابية لإنهاء الأزمات وليس تصعيدها، تحسباً من الانزلاق إلى مخاطر حقيقية تهدد الأمن الإقليمي بأكمله.
وأكد الرئيس السيسي، على تماسك الشعب المصري باعتباره الركيزة الأهم للحفاظ على أمن واستقرار الوطن، وقال إن "الاختبار خلال السنوات الـ10 أو 12 الماضية ورغم الظروف الصعبة وهو متماسك ومتفاهم، وأنا أسجل ذلك له والتاريخ سيسجل له ذلك أنه أمام تلك الاجراءات التي تم تنفيذها والظروف الصعبة التي مررنا بها، صامد ومستقر"، مؤكدا على ضرورة "أن نستمر في صمودنا واستقرارنا حتى نحقق بفضل الله سبحانه وتعالى ما ننشده من خير وتقدم وازدها لبلدنا".
وقال الرئيس السيسي "إن الشعب المصري هو محور ارتكاز استيراتيجي للحفاظ على الدولة المصرية"، منبها إلى أن من يحاول أن يعبث أو يحرض يعمل على ذلك. وأضاف "هناك شباب كثيرون موجودون يبلغون من العمر 20 أو25 عاما أو أقل من ذلك لم يحضروا الحالة التي كنا موجودين فيها وحجم الخراب الذي عشناه".
ما قاله السيسى، هو تأكيد لواقع نعيشه، قوامه أن الدبلوماسية المصرية تتبنى نهجا إقليميا متزنا، في إدارة علاقاتها الإقليمية، يهدف في الأساس إلى تحقيق أكبر قدر من الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، في ضوء اشتعال الموقف على العديد من الجبهات، ربما أبرزها في الأراضى الفلسطينية، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ولبنان، مؤكدة للعالم كله، أن إحلال السلام بالمنطقة لن تتحقق إلا بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإعطاء شعب فلسطين حقوقه المشروعة في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنبا إلى جنب في أمن وسلام مع إسرائيل.
وأحدثت التحركات المصرية في هذا الاتجاه اختراقات متعددة، أبرزها دفع عددا من الدول إلى مراجعة موقفها بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، كخطوة ضرورية تستبق أي تحرك لاستئناف المفاوضات الجادة لإنهاء الجمود الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط وإيجاد أفق سياسي للتقدم نحو السلام العادل، فقد كان ولا زال الدور المصري في التعامل مع الأوضاع الراهنة في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية له تأثيره الإيجابي والبناء على مسار القضية الفلسطينية، وعلى مسار مواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، حيث أصبح هناك تفهم دولي بأن إسرائيل لديها سياسة استيطانية واستعمارية، وأن الحل الوحيد للسلام في الشرق الأوسط هو قيام الدولة الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية والمقررات الأممية.
ولإنه يدرك قيمة اللحمة الشعبية، خاصة تجاه قضايا الامن القومى، جدد الرئيس، الأسبوع الماضى، مطالبته للحوار الوطني بإيلاء قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية أولوية في فعاليات الحوار خلال الفترة الحالية والقادمة، وهو ما أكده ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطني، الذى قال إنه في ظل التطورات شديدة الخطورة التي يمر بها إقليمنا كله منذ العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة، والتي تعقدت وزادت حدتها خلال الأيام الأخيرة بعد العدوان الإسرائيلي مكتمل الأركان على لبنان، جاءت مطالبة السيسى للحوار الوطنى، مشدداً على أن اهتمام الرئيس السيسي بهذه القضايا قد برز منذ خطابه في 2 أبريل الماضي بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، عندما وضع "حماية وصون أمن مصر القومي"، في مقدمة المحاور السبعة لمهام فترة الرئاسة الجديدة، وقد طالب الرئيس السيسي بعدها بأيام في إفطار الأسرة المصرية، الحوار الوطني بإدراج قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية ضمن جلساته، نظرا للتطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة.
وأشار رشوان إلى أن مجلس أمناء الحوار الوطني استجاب في اجتماعه التالي مباشرة للدعوة الرئاسية مؤكدا بالإجماع على دعم ومساندة الموقف المصري، الذي تميز بالصلابة والجدية تجاه القضية الفلسطينية، التي أكد الرئيس السيسي مراراً وتكراراً على أنها تعتبر قضية القضايا، وهي التي تحفظ للإقليم استقراره، ولا حل لها سوى بالاعتراف بالدولة الفلسطينية رافضاً التهجير وتصفية القضية، وأي مساس بالأمن القومي المصري وسيادة مصر الكاملة على أراضيها، كما أكد المجلس في بيانه حينها على أهمية وضرورة استمرار الاصطفاف الشعبي والسياسي حول القيادة السياسية ومواقفها المبدئية والعملية الثابتة والحاسمة في ظل الأوضاع الدقيقة الراهنة.
وأضاف المنسق العام للحوار الوطني، أنه في ظل مطالبة الرئيس الأخيرة بعد النذر الخطيرة لاتساع الصراع في المنطقة كلها، فإنه سيكون مطروحا على مجلس أمناء الحوار مناقشة وتحديد الخطوط العريضة للجلسات التي ستناقش قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، بحيث يتم بعد عقدها، رفع توصياتها كالمعتاد للرئيس السيسي ليتخذ بشأنها ما يراه مناسبا.
المؤكد أن المنطقة تمر بمفترق طرق خطير جدا، والشئ الأخر المؤكد، أن الدولة المصرية منتبه جيداً لما حدث ويحدث، وتبذل جهدا كبيرا، ومستمرة في هذا الجهد، للحفاظ على المنطقة، معتمدة على قوة الداخل المصرى.