الدعم النقدي في مصر.. تحديات التضخم وجهود التموين لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية

الثلاثاء، 01 أكتوبر 2024 04:49 م
الدعم النقدي في مصر.. تحديات التضخم وجهود التموين لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية
هانم التمساح

تقدم الدولة عدة برامج للدعم إلى المواطنين بمختلف مستوياتهم الاجتماعية، سواء كان شبه نقدي مثل منظومة السلع التموينية المطبقة حالياً، أو منظومة نقدية خالصة المتمثلة في برنامج تكافل وكرامة، الذي يوفر مساعدات مشروطة تستهدف الأسر الأكثر احتياجًا.
 
وساهمت إعادة هيكلة منظومة الدعم في مصر، التي تم إطلاقها وتنفيذها بداية من عام 2014، مع انطلاقة الجمهورية الجديدة، بتحقيق نتائج إيجابية، استدعت إعادة النظر في إمكانية التوسع في التحول بالمنظومة شبه النقدية الحالية إلى النقدي بكافة برامج الدعم السلعي، حيث يستهدف هذا النوع من البرامج تحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية جيدة.
 
وحققت منظومة الدعم النقدي المشروط (تكافل) وغير المشروط (كرامة)، فعالية في خفض معدلات الفقر وفقًا للخطوط الثلاثة للفقر، سواء كان خط الفقر البالغ 1.90 دولار لكل شخص في اليوم، أو خط الفقر المدقع البالغ 1.25 دولارالتي حددها البنك الدولي، أو حتى على خط الفقر الوطني.


التحديات التي تواجه التحول للدعم النقدى 
 
وتواجه وزارة التموين عدد من التحديات  ونقاط ضعف التي تواجه تطبيق المقترح ،يمكن  اجمالها  على النحو التالي : 
 
1- وجود ثقافة مجتمعية مقاومة لفكرة التحول نحو الدعم النقدي، نتيجة استقرار انماط الاستهلاك للسلع المدعمة وعلى رأسها الخبز كنتيجة لعقود طويلة من سياسات دعم والتي أصبح هناك اعتماد كبير عليها في مختلف شرائح الدخل، فوفقا لبحث الدخل والإنفاق 2019/2020 بلغ نسبة الاسر المصرية التي يتم تغطيتها في منظومة الدعم 84%، كما أن هناك أكثر من 90% من الأسر تستفيد من الدعم الغذائي في بعض محافظات الجمهورية، وحوالي 90% من الاسر تقع تحت مظلة منظومة الدعم حتى الشريحة الثانية وأكثر من 80% حتى الشريحة التاسعة من المجتمع. كذلك سجلت نسبة ما تحصل عليه الأسرة من دعم السلع الغذائية إلى إجمالي استهلاك الاسرة من الطعام والشراب على مستوى محافظات الجمهورية 10.6%. وهذه المؤشرات تعكس تشوه منظومة الدعم السلعي، بالإضافة لتخوف قطاعات من للمواطنين أن التحول سيتسبب في موجة تضخمية تؤدي لتآكل قيم مبالغ الدعم النقدي.
 
2- ارتفاع معدلات التضخم في أسعار السلع الغذائية ككل، وتحديداً في المجموعة السلعية السبعة الاستراتيجية، ففي تقرير التحليل الشهري للتضخم الصادر عن البنك المركزي، ارتفع المعدل السنوي للتضخم العام ليسجل 26.2% في أغسطس 2024، مقابل 25.7% في يوليو 2024%، مع توقعات باستمرار ارتفاعه حيث قام بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس بتعديل توقعه بانخفاض معدل التضخم في مصر إلى نحو 22% على أساس سنوي بحلول نهاية العام الجاري، وذلك من تقديرات سابقة عند 20%.. وذلك يعني أن التحول إلى الدعم النقدي قد يؤدي إلى موجة تضخمية متوقعة، كما أن انخفاض القوة الشرائية قد يؤثر على السلة السلعية التي تحصل عليها الأسرة مع تطبيق المنظومة الجديدة.
 
3- قيام المواطن بتكثيف استهلاكه من سلعة بعينها، أو التلاعب بشراء كميات كبيرة من الخبز وإعادة بيعها لتحقيق هامش ربح خاص به. 
 
4- عدم استيعاب أصحاب المصلحةلفلسفة المنظومة الجديدة وانتقادها في وسائل الإعلام المختلفة، ومجلس النواب.
 
نقاط الضعف
 
ومن ناحية أخرى يقابل تطبيق المنظومة عدة نقاط ضعف  تمثل المشكلات الفنية المرتبط ببيئة عمل المنظومة داخلياً مثل :
 
1- نقص حاد في عدد مفتشي التموين بالوزارة، بما قد يعمل على إفشال المنظومة الجديدة وخفض كفاءتها وفعاليتها.
 
2- مشكلات عديدة مرتبط بقاعدة بيانات الدعم السلعي (خبز + تموين)، بسبب وجود شريحة من غير المستحقين مازالت في قاعدة البيانات، وعدم تحديث قاعدة البيانات بشكل دوري، وإدخال معايير أكثر صرامة في تحديد المسحقين، واستمرار انفصال قاعدة بيانات تكافل وكرامة عن قاعدة بيانات التموين، عن قاعدة بيانات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، بما يعني وجود أسر تحصل على مساعدات من كافة مقدمي المساعدات في المجتمع، وأسر أخرى لا تحصل على مساعدات رغم وجودها تحت خط الفقر.
 
3- عدم مشاركة قواعد البيانات بين الجهات المشاركة في تقديم منظومة الدعم وعدم تجريها بصورة دورية.
 
4-عدم دقة المشروطية وحدوث تسرب للمستحقين نتيجة تعقيد إجراءات الاضافة والحذف لبرامج الدعم المختلفة، وارتفاع تكلفة الانضمام للبرامج بسبب إجراءات إثبات الاستحقاق وانطباق المشروطية على المستفيدين 
 
 
 جهود وزارة التموين  لمواجهة التحديات التي تواجه التنفيذ 
 
ومن جهتها تضع الحكومة ضمن استعداداتها حلول بديلة في إطار عرض التحديات ونقاط الضعف السابقة التي تواجه تنفيذ المنظومة المقترح تطبيقها للتحول نحو الدعم النقدي الرقمي، ثم تصميم عدة حلول وبدائل على النحو التالي :
 
1- إعادة تعريف وتحديد فلسفة واضحة لسياسات الحماية الاجتماعية بشكل عام في برنامج الحكومة الحالي، ومستهدفات برامج الدعم المتنوعة مع التركيز على استهداف التمكين ومكافحة الفقر، على أن يتم اتباع التطبيقات العلمية فيما يخص برامج الدعم النقدي، بحيث تكون برامج مشروطة على غرار النماذج الدولية الناجحة، بحيث تحصل الأسرة على قيمة رقمية على (كارت الأسرة) مقابل التزامها بأحد الاشتراطات وفق كل برنامج (عدم تسرب من التعليم – الالتزام بعدد أطفال أقل من 3- برامج تدريب مهني- الحصول على تمويل مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر للأسر التي بها عمالة فنية معطلة).
 
2- تدقيق قاعدة البيانات الحالية للدعم، من خلال التنسيق الفوري مع الجهات المعنية قبل تنفيذ المنظومة المقترحة، للوقوف على أسباب قصور قاعدة البيانات الحالية، وما يواجها من تحديات، مع توحيدها وتنسيقها وإدماج كافة قواعد البيانات الجزئية والفرعية مع القاعدة الرئيسية، على أن تكون جهة واحدة مسئولة عن إدارة هذا الموضوع، ويقترح أن تكون وزارة التموين والتجارة الداخلية هي الجهة المسئولة عن إدارة ملف تحديث وتحسين وتوحيد وتنقية قاعدة البيانات.، علماً بأن عملية تنقية البيانات لابد وأن تكون دورية (3 شهور) لأنها عملية ديناميكية، وليست ثابتة تتم لمرة واحدة.
 
3- ضم كافة الجهات المعنية بما لا يسمح بأي قصور أو عقبات قد تظهر نتيجة عدم ضم جهة بعينها في بداية المشروع. 
 
4- يقترح أن تكون اللجنة برئاسة وزارة التموين، على أن تنعقد بمقر مجلس الوزراء بحضور الجهات المعنية، كي تتم المتابعة بشكل دوري من جانب السيد رئيس مجلس الوزراء، واهتمام الجهات المعنية بتقديم كافة أنواع البيانات المطلوبة وأوجه الدعم لنجاح عملية التنقية والتوحيد، ضماناً لنجاح المنظومة الجديدة 
ضرورة نجاح المرحلة الأولى من عملية تنقية وتوحيد قاعدة البيانات قبل بدء مشروع التحول للدعم النقدي، لتفادي جزء كبير من الثغرات والمشكلات التي من المتوقع ظهروها مع بداية التطبيق.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق