خبراء عسكريون: إغتيال إسرائيل لـ "حسن نصر الله" تغطية لفشلها في غزة
الأحد، 29 سبتمبر 2024 03:11 م
أثارت عملية اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، في غارة جوية إسرائيلية، استهدفت مقر القيادة المركزية في الضاحية الجنوبية، عدة تساؤلات حول مدى استمرار الحزب وكيفية استمرار الجبهة؟.
وأكد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، احتمال انتهاء جماعة "حزب الله" اللبنانية بعد اغتيال قادتها، معرباً عن اعتقاده بأن نوعية حزب الله وغيرها، من التنظيمات الفاعلة والمسلحة على وجه الخصوص، والتي تنتهج العمل والأداء السري بشكل أو بآخر، تتأثر بفقدانها لقياداتها من الناحية العملية والنظرية، حيث لا يقتصر دورهم فقط هذه القيادات على الإدارة اليومية والعسكرية، ورسم السياسات والاستراتيجيات، كما أن القيادات تمثل في كل المرحلة العمرية لهذه التنظيمات الصندوق الأسود، الذي يجمع بيديه كافة الخطوط، من حيث الداعمين الخارجيين الممولين، وطريقة التعامل مع النفقات والأسلحة والذخائر والتخزين، وغيرها من الأمور اللوجيستية التي تمثل العمود الفقري، عملياً في حياة هذه التنظيمات.
وأضاف: لم يكتسب (حزب الله) هذه الشهرة الكبيرة كونه أحد أقوى الأذرع الإيرانية إلا لنجاح هذه القيادة، وهنا لا أقصد حسن نصر الله، وحده، لكن مجموعة القيادات التي جرى اغتيالها مؤخراً، والتي وضعت إسرائيل نصب أعينها أنها لا يمكنها أن تستطيع أن تهزم الحزب على المستوى العسكري، دون أن تحرمه من مجهودات وخبرات هذه القيادات، وهذه النقطة على وجه التحديد تفسر لنا طبيعة الجهود الاستخباراتية الدقيقة، التي بذلتها إسرائيل من أجل الوصول إلى هذه القيادات، بداية من فؤاد شكر وصولاً إلى حسن نصر الله، وما بينهما من أعضاء المجلس الجهادي الثوري، وكل قيادات الكتائب التي كانت موجودة والتي سبقت فؤاد شكر.
ولفت عكاشة إلى أن هذه كانت مهمة رئيسية ومحددة من قبل القيادة الإسرائيلية، وكان هناك ترتيب سابق على المستوى الزمني بالطبع، كي يمكن للأجهزة الإسرائيلية أن تحدث هذا الاختراق الكبير الذي كان حديث العالم كله خلال الفترة الماضية بعمليات متتابعة، ولم تأخذ قرار الدخول الكامل بإيذاء وإيلام البعد العسكري لجماعة (حزب الله)، إلا بعد أن تمكنت من أن تحرم حسن نصر الله خلال الأسبوعين الماضيين، من هذه المجموعة التي نتحدث عنها، وهي مجموعة الصندوق الأسود والصندوق العملياتي إذا جاز التعبير.
وأشار إلى أن إسرائيل على المدى القصير تدرك تماماً، وتقرأ كافة الأسئلة المطروحة داخل صفوف (حزب الله)، بل وداخل أيضاً غرف العمليات الإيرانية التي أصبحت الآن موجه لها العديد من المهام العاجلة بعد سقوط حسن نصر الله، معتبراً أن القراءة الإسرائيلية تحتم عليها أن تحرم حزب الله من التقاط الأنفاس، وستمضي بقوة وسرعة وبشكل مفتوح إلى أن تستغل هذا النوع من الزخم والنجاح العسكري الذي تحقق، وتوج بالوصول إلى الأمين العام".
ورأى أن الأسبوع الأخير من عمر الاستهداف الإسرائيلي إلى لبنان، يحمل العديد من النجاحات المتتالية، وأن إسرائيل لا تريد أن تتراجع في هذه اللحظة، ولا يهمها على الإطلاق أن تعيد النظر في مسألة التوجه إلى هدنة أو غيرها من الأمور التي ربما تشغلها عن تحقيق هدف ترى أن فرصته أصبحت سانحة عن أي فترة زمنية سابقة، في توجيه ضربة مؤلمة للإمكانات العسكرية لـ "حزب الله".
وقال عكاشة: "الآن أصبح أمام إسرائيل فرصة أخرى يمكن أن تستهدف من خلالها المستوى السياسي، والمستوى التنظيمي للحزب.. لن تستغني إسرائيل وفق كافة المؤشرات والتوقعات، عن تحقيق هذه الأهداف بأقصى سرعة ممكنة، ما يفسر أيضاً مجموعة من التحركات الميدانية التي تابعناها خلال اليومين الماضيين بدفع عدد كبير جداً من التعزيزات على الجبهة الشمالية".
كما قال المحلل السياسي اللبناني يوسف دياب، إن الضربات الإسرائيلية الليلة الماضية على الضاحية بمثابة نقطة تحول فى مسار الحرب، وعملية اغتيال حسن نصرالله فقد أدخلت لبنان والمنطقة برمتها فى مفترق طرق كبير ومنعطف شديد الخطورة؛ فاستهداف رأس الحزب يمثل نقلة كبيرة فى الصراع على أرض لبنان، موضحا أن هذه العملية سيكون لها تداعيات ستغير مواقف ليس فقط لمحور الممانعة بل أيضا إيران التى كانت تهادن فسوف تغير موقفها خاصةً أن المرشد الأعلى فى إيران على خامنئى قد دعا لاجتماع طارئ، وهناك معلومات من إيران تقول بأن الاجتماع الذى كان منعقدا مع حسن نصرالله كان يضم أيضا شخصية بارزة فى الحرس الثورى الإيرانى.
وأكد أن المؤشرات تقول بأن قرار العملية الهجومية على الضاحية واغتيال حسن نصرالله اتخذه نتنياهو قبل السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة فى اجتماعات الجمعية العمومية بنيويورك، وأن من النقاط الخطيرة فى تلك العملية، هى تنفيذها فى ظل المساعي الدبلوماسية التى كانت تجرى لاحتواء الوضع ووقف إطلاق النار، وهى المساعي التى انخرطت فيها عدة أطراف إقليمية ودولية، مؤدا أن المنطقة برمتها أضحت أمام خطر حقيقي لافتا إلى أن مصر من أوائل من دق ناقوس الخطر بخطورة التصعيد وضرورة وقفه، وفى هذا الصدد لعبت الدولة المصرية دورا محوريا من أجل وقف التصعيد وفتح الباب أمام الحل السياسي؛ لكن للأسف جرى تقويض كل هذه المساعى لان الأطراف الممسكة بالورقة العسكرية أفشلت الحلول فكل طرف كان يعتقد أن العمليات العسكرية يمكن أن تحقق نتائج لصالحه لذلك وقعنا فى المحظور وسقطت كل الخطوط الحمراء.
على الجانب الأخر أضاف الخبير العسكري العميد الركن جورج نادر، أن نتنياهو لا يقيم أى وزن للعملية السياسية أو المسار الدبلوماسى لحل الأزمة فى لبنان، وكان مقرر منذ وقت سابق تفجير الوضع على نطاق واسع وأخذ قرار بعدم إتاحة الفرصة لأى حل سلمى، وهذا بالتأكيد يُدخل المنطقة فى نفق مظلم لا أحد يعرف مداه، مؤكدا أن باغتيال نصرالله تنهار القدرة الدفاعية وبذلك إسرائيل أدخلت المنطقة فى حرب مفتوحة بدون أفق، وبالنسبة للهدنة فهذا حديث غير حقيقى لأن إسرائيل سوف تستغل النجاح الذى حققته ولن تلتزم أو تحترم أى اتفاق للهدنة، بل سوف تستغل الانتصارات التى حققتها لتحقيق مزيد من التقدم، مشيراً إلى حزب الله فقد إلى حد بعيد القدرة على الرد، كما أن مع تصاعد الصراع فى لبنان، تتجه الأنظار إلى سوريا.
كما قال العميد الركن فادي داوود، تثبت استراتيجية استهداف حزب الله وملاحقة عناصره أينما كانوا، فيما يشبه تطويق الحزب، فقد سبق أن وجه ضربة عنيفة على الضاحية الجنوبية والتى تمثل معقل "حزب الله" ومركز ثقله، لفصل الرأس عن الجسد من خلال القضاء على القيادات، كاشفاً أن إسرائيل تبحث عن تطوير المعركة فى لبنان بسرعة كبيرة؛ استغلالا للشهرين المتبقين من عمر الإدارة الأمريكية الحالية، فهو يضرب بحرية قبل إجراء الانتخابات الأمريكية غير المعلومة نتائجها، كما أنه يعلم أن استراتيجية إيران فى الوقت الحالى التهدئة ولا تدفع للمواجهات الواسعة المباشرة، لذا فهو يحاول بذل كل المساعى لاستفزاز حزب الله وجر الحزب ومعه إيران للمواجهة الكبرى، أو فى حال لم ينجح فى جرهم لمواجهة شاملة يكون قد ألحق أكبر خسائر ممكنة بجسم الحزب، ويصبح الحزب منهكا وبالتالى عند الجوس لطاولة التفاوض يقبل الحزب بأى شروط إسرائيلية، مضيفاً أن الهدف الاستراتيجى الكبير لنتياهو هو جر المنطقة لحرب شاملة وإعادة تقسيم مناطق النفوذ، فإسرائيل تريد شرق أوسط جديد وفق أهوائها.
وأكد المحلل السياسى العراقى فراس إلياس، أن كل المعطيات فى الساعات الأخيرة تؤشر بما لا يقبل الشك أن إسرائيل اتخذت قرار الحرب، كما اعتبر فى تعليق على حسابه بمنصة إكس أن "تمسك إيران بخيار تجنب الحرب والتصعيد مع إسرائيل، خلق قناعة لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن طهران لن تفعل شيئاً أكثر من الدعم اللوجستى والإدانة.
ويرى العديد من الخبراء أن هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، والرجل الثاني فيه هو أبرز المرشحين لخلافة نصر الله.
من هو هاشم صفي الدين؟
يعد صفي الدين أحد الأعضاء السبعة المنتخبين في مجلس الشورى الحاكم لحزب الله، وهاشم صفي الدين هو ابن خالة نصر الله وتجمعه علاقة مصاهرة قاسم سليماني، القائد السابق لـ "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، ولد صفي الدين عام 1964 في بلدة دير قانون النهر في منطقة صور جنوبي لبنان، وتلقى تعليمه في النجف وقُم مثل حسن نصر الله، وكان من بين مؤسسي حزب الله في عام 1982.
حسن نصر الله، رجل دين شيعي يتولى قيادة جماعة حزب الله في لبنان منذ فبراير 1992، يعتبر الوجه الرئيسي لحزب الله ولعب دورًا رئيسيًا في دخول الجماعة الساحة السياسية، ووُلد حسن نصر الله عام 1960 شرق بيروت وهو الابن الأكبر بين 9 أبناء، انضم نصر الله إلى حركة أمل في سن 15 مع بداية الحرب الأهلية بلبنان.
وفي سن 16 عامًا انتقل إلى النجف بالعراق وتأثر بالأفكار السياسية لـ "الخميني" وبعد عودته إلى لبنان انضم إلى القتال في الحرب الأهلية، وفي عام 1981 التقى قائد إيران في طهران وتم تعيينه ممثلاً له في لبنان ، في عام 1985 أعلن حزب الله رسميًا عن تأسيسه لينضم للحزب في سن الـ 22 عامًا.
وفى عام 1992 انتقلت قيادة الحزب إلى نصر الله ، وفي عام 2000 حقق الانتصار الأكبر بإجبار إسرائيل على الانسحاب، في عام 2006 زادت شعبيته بعد تنفيذ عملية ضد إسرائيل، تمكن من تجاوز أزمات تاريخية مثل الربيع العربي والحرب الأهلية السورية.
وكان حزب الله اللبنانى قد أعلن رسمياً، أمس السبت، استشهاد الأمين العام للحزب حسن نصر الله، وذلك بعد أقل من 24 ساعة من عملية اغتياله التى نفذتها قوات الاحتلال مساء الجمعة على الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت.
سبق إعلان حزب الله، أن أعلن الجيش الإسرائيلى رسمياً اغتيال نصر الله، وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاى أدرعى فى بيان أمس السبت أن الغارات أدت إلى مقتل نصرالله، وأضاف أن على كركى قائد جبهة الجنوب فى الحزب وعدد آخر من القادة قتلوا معه، وأشار الجيش الإسرائيلى إلى أن " لبنان أصبح قاعدة مسلحة فى ظل قيادة نصر الله"، لافتا إلى أن الأخير كانت لديه خطة للتسلل إلى المجتمعات الإسرائيلية وقتل وخطف مواطنين إسرائيليين.