كاتبة خطابات جونسون تكشف السر
الأحد، 22 سبتمبر 2024 03:56 م
كتاب «يد الله» يلقى الضوء على الأصولية المسيحية الإنجيلية أكبر حركة دينية سياسية فى العالم وأشدها خطرا لدورها المؤثر فى صناعة القرار السياسى الأمريكى
عندما تحدث السيد أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة لقناة الجزيرة، قال بملء فمه:«يجب ممارسة ضغوط على الولايات المتحدة حتى تدفع إسرائيل لوقف الحرب».
سجل كلام الأمين هدفا غير مسبوق، فهو أول قيادى دولى، يضع النقاط على الحروف، فقرار الحرب والسلام، هو قرار أمريكى أولًا وأخيرًا، فلو شاءت أمريكا، أن تستمر الحرب، فستستمر، ولو أرادت إيقافها، فستتوقف فور صدور أدنى إشارة أمريكية.
لماذا هذا الولع الأمريكى بكل ما هو إسرائيلى؟
نعرف جميعًا، أن إسرائيل، ما هى إلا حاملة طائرات أمريكية، لا تبحر، لأنها مثبتة على بقعة غالية من أرض الوطن العربى، وحاملة الطائرات تلك تحقق دون أدنى شك مصالح أمريكية مهمة، ولكن هل الأرباح، التى تجنيها الولايات المتحدة من اختراعها لحاملة الطائرات، تعوضها عن خسائر تدفعها من سمعتها ومكانتها الدولية؟
لماذا هذا الإصرار على مناصرة دولة الاحتلال ظالمة أو ظالمة، لأن دولة الاحتلال لم تكن مظلومة فى يوم من الأيام؟
الإجابة عن تلك الأسئلة أو بعضها، سنجدها لدى الأمريكية جريس هالسل، وهى كاتبة بارزة، عملت محررة لخطابات الرئيس الأمريكى الأسبق «ليندون جونسون»، وصحفية ومؤلفة لعدد من الكتب المميزة، وكان أبرزها كتاب «النبوءة والسياسة»، الذى صدر فى الولايات المتحدة فى نهاية الثمانينيات، وأثار ردود فعل واسعة، ويعد من أبرز الكتب، التى فتحت ملف «المسيحية الصهيونية».
ويعد كتاب «يد الله» من أبرز مؤلفات السيدة جريس، وقد ظهرت ترجمة كتابها إلى العربية قبل سنوات عن دار الشروق المصرية، وترجمه الأستاذ محمد السماك، الذى كتب فى مقدمة الترجمة: «عملت على ترجمة الكتاب بحماس، وأدركت وأنا غارق فى فصولة الأربعة عشر، أن قراءة هذا الكتاب ضرورية، لأنه يجيب عن علامة الاستفهام الكبيرة، التى تلازم السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط منذ قيام «إسرائيل»، وهى لماذا تضحى الولايات المتحدة بمصالحها من أجل إسرائيل؟!»
يقول الباحث الأستاذ عيسى القدومى: إن كتاب «يد الله»، يلقى الضُوء على الأصولية المسيحية الإنجيلية فى الولايات المتحدة، والتى تُعد أكبر حركة دينية سياسية فى العالم، وأشدها خطرا، لدورها المؤثر فى صناعة القرار السياسى الأمريكى عمومًا، وفى الشرق الأوسط خاصة .
ما هى المسيحية الصهيونية؟ ومتى نشأت؟
وقبل أن نبدأ فى قراءة الكتاب، لابد أن نعرف باختصار ما هى «المسيحية الصهيونية» وكيف بدأت فكرتها؟ وكيف نشأت وتطورت معتقداتها؟ وما علاقتها باليهود؟
الإجابة عن تلك الأسئلة، تستلزم معرفة النظرة المسيحية اللاهوتية لليهود، التى كانت ترتكز على ثلاثة أسس ومبادئ وضعها القديس «أوغسطين».
أن الأمة اليهودية، انتهت بمجىء المسيح.
إن طرد اليهود من فلسطين كان عقابًا لهم على صلب المسيح.
إن النبوءات، التى تتحدث عن عودة اليهود، قد تحققت بعودتهم من بابل على يد الإمبراطور الفارسى «قورش».
واستمرت هذه المبادئ حتى عام 1607م، حينما نشر لاهوتى بريطانى يدعى «توماس برايتمان» كتابًا بعنوان «أبو كالبسيس»، يقول فيه: «إن الله يريد عودة اليهود إلى فلسطين لعبادته من هناك، لأنه يجب أن يعبد من هناك».
لماذا لا يعبد الله فى كل مكان؟
ثم لماذا يجب أن يعبد الله فى فلسطين تحديدًا دون غيرها من أرض الله الواسعة؟
هنا مربط الفرس، الذى كشف عنه كتاب جريس هالسل.
فالمؤلفة سافرت إلى فلسطين، وهناك تأكدت أن حرص المسيحية الصهيونية التى ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية على نشوب الحر ب الكبرى أو «هر مجدون»، ليس دعاية عربية أو شائعات إسلامية.
الأمر جد لا هزل فيه، لقد رأت دولة الاحتلال، وهى تحاول هدم الأقصى بحجة البحث عن هيكل سليمان، وعندما فشلوا فى العثور على أى شىء متعلق بالنبى سليمان بن داود، قرروا إقامة معسكر بهدف التدريب على قصف الأقصى بالطائرات، لكى ينتهوا من الأمر كله بغارة واحدة، ثم بعد هدم الأقصى، سيثور مسلمو العالم، لتنشب الحرب الكبرى، حرب نهاية العالم الظالم من وجهة نظرهم!
بثورة مسلمى العالم، ستندلع المواجهة الكبرى، لينزل المسيح عليه السلام مسلحا بالنووى، ليواجه الأعداء، بينما يرفع أتباعه إلى شرفات كونية يجلسون على الأرائك، ليتمتعوا برؤية أجساد أعدائهم، وهى تتبخر بفعل ضربات المسيح النووية، ثم ينفردون هم بالكرة الأرضية، ليقيموا عليها مملكة الرب، منطلقين من فلسطين، التى يجب أن يعبد الرب فيها بمفردها!
هذه ليست تخاريف، أو شائعات تهدف إلى تعكير السلم العالمى، هذه عقيدة لدى النخبة السياسية الأمريكية، تفسر لنا بوضوح، لماذا تساند الولايات المتحدة دولة الاحتلال، وستظل تساندها بالغالى والنفيس!