مصطفى محمود رسم طريق النور بمشرط جراح.. قراءة في كتاب «حوار مع صديقي الملحد»
الأحد، 22 سبتمبر 2024 10:53 ص
الإلحاد من الموضوعات التي تم تأليف فيها كتب عديدة منذ زمن طويل، وكان أشهرهم كتاب "حوار مع صديقي الملحد"، الذي أصدره الكاتب الكبير الراحل مصطفى محمود والذى يتضمن ردًا على أسئلة الملحدين فيما يتعلق بالدين الإسلامي بالدلائل والأمثلة حيث يجيب عن تساؤلات عقلنا في فترة ما نمر بها ويرد بها على الآخرين الماديين.
والدكتور مصطفى محمود فيه يضرب مثالاً فيقول: صديقي رجل يحب الجدل ويهوى الكلام وهو يعتقد أننا نحن المؤمنون السذج نقتات بالأوهام ونضحك على أنفسنا بالجنة والحوار العين وتفوتنا لذات الدنيا ومفاتنها.. وصديقي بهذه المناسبة تخرج من فرنسا وحصل على دكتوراه وعاش مع الهيبيز وأصبح ينكر كل شئ.
قال لي ساخرا:
-انتم تقولون: أن الله موجود، وعمدة براهينكم هو قانون "السببية" الذى ينص على أن لكل صنعة صانعا ولكل خلق خالقاً ولكل وجود موجدا.. النسيج يدل على النساج والرسم على الرسام والنقش على النقاش والكون بهذا المنطق أبلغ دليل على الاله القدير الذى خلقه.
صدقنا وآمنا بهذا الخالق.. ألا يحق لنا بنفس المنطق أن نسأل.. ومن خلق الخالق.. من خلق الله الذى تحدثوننا عنه.. ألا تقودنا نفس استدلالاتكم إلى هذا.. وتبعا لنفس قانون السببية.. ما رأيكم في هذا المطب دام فضلكم؟. ونحن نقول له: سؤالك فاسد.. ولا مطب ولا حاجة فأنت تسلم بأن الله خالق ثم تقول من خلقه؟! فتجعل منه خالقا ومخلوقا في نفس الجملة وهذا تناقض، والوجه الآخر لفساد السؤال إنك تتصور خضوع الخالق لقوانين مخلوقاته.. فالسببية قانوننا نحن أبناء الزمان والمكان.
والله الذى خلق الزمان والمكان هو بالضرورة فوق الزمان والمكان ولا يصح لنا أن نتصوره مقيدا بالزمان والمكان ولا بقوانين الزمان والمكان، والله هو الذى خلق قانون السببية فلا يجوز أن نتصوره خاضعاً لقانون السببية الذى خلقه، وأنت بهذه السفسطة أشبه بالعرائس التى تتحرك بزمبلك وتتصور أن الانسان الذى صنعها لابد هو الآخر يتحرك بزمبلك.. فاذا قلنا لها بل هو يتحرك من تلقاء نفسه.. قالت: مستحيل أن يتحرك شئ من تلقاء نفسه.. انى أرى في عالمي كل شئ يتحرك بزمبلك، وأنت بالمثل لا تتصور أن الله موجود بذاته بدون موجد.. لمجرد أنك ترى كل شئ حولك في حاجة إلى موجد.
وعلى الرغم من أن ابليس قال :( فبعزتك لأغوينهم أجمعين) عزة الله استغنت ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولن يضروا الله بشيء، قال تعالي : ( ولأقعدن لهم على صراطك المستقيم ولاتينهم من بين ايدهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ) ابليس لم يقل من فوقهم ومن تحتهم لان الفوق ربوبية لله وحده ، وتحت تواضع العبودية ومن لزم مكانه الأدنى من ربه الأعلى لم يستطع الشيطان أن يدخل عليه مجموعة من المقالات يجمع فيها المؤلف معظم الأطروحات التي يتبناها الفكر الإلحادي، ثم يقوم بمناقشتها والرد عليها، وذلك في صورة حوار بين صديقين.