المرصد الأورومتوسطي يكشف مدى مستوى دمار المدارس في غزة

الخميس، 19 سبتمبر 2024 06:32 م
المرصد الأورومتوسطي يكشف مدى مستوى دمار المدارس في غزة

أكدت ليما بسطامي، مديرة الدائرة القانونية المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن تدمير القطاع التعليمي منذ أكتوبر الماضي كان ولا يزال أحد أهم الأسلحة والأدوات التي تستخدمها إسرائيل في تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، خاصة أن إسرائيل دمرت كافة الجامعات ومعظم المدارس والبنية التحتية التعليمية في القطاع بشكل منهجي وواسع النطاق، وبنمط واضح ومتكرر، ما يعكس نيتها بالقضاء على الشعب الفلسطيني ووجوده في القطاع، بالقتل والتهجير القسري، وخصوصا بعد تحويل هذا الجزء من وطن الفلسطينيين إلى مكان غير قابل للسكن ويفتقد لأبسط مقومات الحياة والخدمات الأساسية.
 
وأضافت مديرة الدائرة القانونية المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الإبادة التعليمية التي نفذتها إسرائيل في القطاع لا تؤدي فقط إلى تعطيل التعليم على المدى القريب، بل تخلق سلسلة مترابطة من التأثيرات السلبية التي تمتد إلى المستقبل البعيد. فبجانب حرمان الأجيال من حقهم الأساسي في التعليم، إن هذا الحرمان وبخاصة إذا كان لفترات طويلة، سيساهم في انتشار الفقر والجهل، وسيقوض من قدرة المجتمع الفلسطيني في القطاع على التعافي وإعادة البناء، وسيشكل تهديدا للهوية الثقافية الفلسطينية ولفقدان الذاكرة الجماعية والتقاليد الثقافية، مما يسهل بالتالي عملية السيطرة والاستعمار المستمر على الشعب الفلسطيني.
 
 
وأوضحت "بسطامي"، أن الأرقام تتحدث بصوت عال عن حجم الإبادة التعليمية التي ارتكبتها إسرائيل في القطاع، كجزء من جريمة الإبادة الجماعية الأوسع، فمنذ السابع من أكتوبر، قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير جميع الجامعات في القطاع، كما قام باستهداف 92.9% من المدارس هناك؛ مما تسبب بأضرار متفاوتة في مبانيها، بما في ذلك أضرار مباشرة، وأضرار جزئية. وهناك 84.6% من المدارس على الأقل بحاجة إلى إعادة بناء كاملة أو عمليات ترميم كبيرة قبل القدرة على استئناف العملية التعليمية. كما أن ثلث المدارس التي تعرضت لأضرار مباشرة أو تدمير كبير هي مدارس تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
 
وأشارت مديرة الدائرة القانونية المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى أنه منذ السابع من أكتوبر في قطاع غزة، قُتل 9,211 طالبًا وطالبة، و397 من الكوادر التعليمية على يد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، بينما أُصيب أكثر من 14,237 طالبًا وطالبة و2,246 معلمًا ومعلمة، كما فقد جميع الطلاب الـ 625,000 المسجلين في قطاع غزة عامًا دراسيًا كاملًا، وهم الآن على وشك خسارة عام دراسي آخر للسنة الثانية على التوالي.
 
وأكدت أنه حتى بعد انتهاء حرب الإبادة الجماعية هذه، لن يكون هناك عودة سريعة إلى المدارس وبخاصة أن معظمها قد تحول إلى مراكز إيواء للنازحين قسرا، الذين غالبا لن يغادروها على الفور نظرا لأن معظمهم قد فقدوا منازلهم بسبب التدمير الإسرائيلي المنهجي والواسع النطاق للمنازل والأحياء السكنية. وحتى في حال رغبوا بالعودة إلى مناطق سكناهم، فإن الخطط الاستعمارية والاستيطانية التي أعلنت عنها إسرائيل، خاصة في شمال قطاع غزة، قد تمنع ذلك، موضحة أن معظم هذه المدارس تحتاج إلى عمليات إعادة بناء شاملة، والتي ستستغرق وقتًا طويلًا، إلى جانب الحاجة إلى التأكد من خلوها من الأسلحة والمواد غير المنفجرة، خاصة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد حول العديد منها إلى مراكز عسكرية وساحات للإعدامات الميدانية.
 
وبشأن مخالفة استهداف الاحتلال للمدارس في غزة للقانون الدولى، قالت إن استهداف المدارس خلال النزاعات المسلحة يعد عملا غير قانونيا، بموجب القانون الدولي الإنساني، الذي يوفر حماية محددة للأعيان المدنية، بما في ذلك المؤسسات التعليمية، ولا يسمح باستهدافها إلا إذا كانت تُستخدم لأغراض عسكرية. وبالتالي، إن الهجمات على المدارس التي لا تعتبر أهدافًا عسكرية تعتبر انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، ويمكن أن تُصنف كجرائم حرب. كما أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية نص بشكل صريح على أن الاستهداف المتعمد للمباني المخصصة للتعليم يُعتبر جريمة حرب، شريطة ألا تُستخدم هذه المباني لأغراض عسكرية.
 
وأشارت "بسطامي"، إلى أن مفهوم استخدام المدارس للأغراض العسكرية، يدفعنا إلى مراجعة الادعاءات التي تقدمها إسرائيل عند استهدافها لبعض المدارس في قطاع غزة. حيث تبرر إسرائيل عادةً هذه الهجمات بالزعم بأن المدارس تُستخدم من قبل التنظيمات الفلسطينية المسلحة أو أن هذه التنظيمات لها عناصر داخل المدارس.
 
وأوضحت أنه، وفقًا للقانون الدولي الإنساني، لا يُسمح باستهداف المنشآت التعليمية إلا إذا كانت تُستخدم فعليًا لأغراض عسكرية وفقا لأدلة واضحة وحاسمة ومُوثقة، ولكن إسرائيل لا تفعل ذلك، هي تنفرد بتقديم الدليل دون القدرة على إخضاعه للتدقيق من جهات دولية مستقلة ومحايدة، فهي تمنع حتى الآن أي جهات لتقصي الحقائق والتحقيق من الدخول الى الأرض الفلسطينية المحتلة، وبخاصة إلى قطاع غزة، بما في ذلك فريق التحقيق التابع للمحكمة الجنائية الدولية، ولجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل، بالإضافة إلى منعها دخول العديد من المقررين الخاصين للأمم المتحدة إلى هناك.
 
متابعة :"نحن أمام حالة عبثية تُظهر تلاعبًا واضحًا بالعدالة، وتلعب فيها إسرائيل أدوار الجاني والمحقق والقاضي في آن واحد، مما يؤدي إلى تبرئتها تلقائيًا دون أي رقابة أو مساءلة حقيقية. هذا النهج يقوّض مبادئ القانون الدولي ويعزز ثقافة الإفلات من العقاب، ويهدر فرص المساءلة والعدالة، حيث لا يُتاح للمجتمع الدولي فرصة فحص الأدلة والتحقق من صحتها بشكل شفاف ومستقل".
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق