خدعة «السوشيال ميديا».. عندما انتصر اليوتيوبر على علماء الفيزياء!

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024 08:50 م
خدعة «السوشيال ميديا».. عندما انتصر اليوتيوبر على علماء الفيزياء!

ربما صنعت «السوشيال ميديا» ولو بصريا ما قد يصح أن نطلق عليه «عوالم موازية»، وحيوات جديدة ومختلفة ساحرة أحيانا أو مثيرة للدهشة والغثيان في أحايين أخرى!


انتشرت عبر مساحات الإنترنت اللامتناهية فيديوهات شتى ما بين تقليد لفنانين أو رقص واستعراض لملابس أو دعاية لمحال مأكولات أو ملبوسات تتخللها فيديوهات لقرآن كريم ونصائح طبية ومقالب في مسالمين فقط مروا في لحظات تعيسة من شارع يتصيد فيه أحدهم دون رادع ضحيته ليقع في فخ «الاستظراف» واقتحام الخصوصية، تتخللها فيديوهات لنصائح طبية وترويج لكبسولات «عودة الشيخ إلى صباه» ومستحضرات إطالة شعر وحناء وكريمات إزالة تجاعيد الوجه، ونهم «فود بلوجر» يزدرد الطعام، بدافع بضعة آلاف تلقاها من أحد أصحاب محال الطعام.

جانب آخر مما أطلقوا على أنفسهم «يوتيوبر»، وجدوا في عدم تقديم المحتوى «محتوى»، ما يدر عليهم آلاف الدولارات شهريا، فقط ربما بسبب تهريجهم أو سبهم لمتابعيهم، أو ربما استغلالهم حالة تشظي الوعى عند البعض.

استطاعت الحياة الافتراضية أن تسحب البساط من واقعنا ليهرع كثيرون إليها رافضين لحياتهم، ناقمين عليها، أو مستمتعين بعالم ساحر، وكأنهم تحت تأثير مخدر مستمر المفعول!

تحولت جدلية العوالم الموازية «الأكوان الموازية» إلى حقيقة وواقع ملموس، بفضل انتشار الإنترنت، وما يتضمنه من محتوى متنوع يخاطب كل العقول ويجذبهم إلى متاهة لا فكاك منها!

من الأعمال السينمائية التى تناولت قضية الأكوان الموازية فيلم «كل شيء في كل مكان في آن واحد» أو «Everything Everywhere All At One ».


يسرد الفيلم الأمريكي قصة ايفيلين «ميشيل يوه»، سيدة تعانى من مشاكل مادية وحياتية إذ تنقلب حياتها رأسا على عقب بعدما زارتها نسخة من زوجها وايموند «كي هيو كوان» من عالم موازي.

أخبرها الزوج الراحل أنها يجب أن تتحد مع نسخها الأخرى المنتشرة في أكوان موازية لعالمها والهدف من ذلك مواجهة وحش سيدمر الكون، مؤكدا لها أن هذا الوحش هو أحد نسخ ابنتها جوي «ستيفاني هسو».

استند الفيلم على نظرية «الأكوان الموازية» التى رفضها علماء وأيدها آخرون، ووسط مواقف كوميدية وأخرى تستحق التأمل لتجد إيفلين نفسها تستكشف نسخا مختلفة من نفسها، وتتصرف بطريقة مختلفة تماما في عالم افتراضي بعيد عما عاشته في واقعها.

وحول نظرية النسبية لـ«ألبرت أينشتاين» يقول الراحل الدكتور مصطفى محمود في مقالا له: «فكرت طويلًا في حكاية البعد الرابع.. وأعتقد أني وجدت مثلًا يقرب هذه الحكاية إلى الذهن، هو مَثَل السينما المتحركة، فالشريط السينمائي إذا أدرناه ببطء جدًا لنعرض محتوياته على شكل لقطات منفصلة.. فإننا نراه صورة .. بصورة .. كل صورة ذات بعدين طولي وعرضي .. وإذا كانت اللقطات مجسمة فإننا نرى الصورة ذات ثلاثة أبعاد .. ولكننا نراها ساكنة لا حراك فيها حتى يُدار الشريط بالسرعة المناسبة فنرى أن عقلنا قد أضاف بُعدًا رابعًا إلى الشريط.. هو الزمن.. فأصبحت اللقطات المنفصلة.. رواية متصلة .. ذات تتابع زمني».

يذهب «أينشتاين» إلى أن الكون له 4 أبعاد «الطول والعرض والإرتفاع والزمن» يعيش بداخلها الإنسان لكنه أضاف لها 3 أبعاد أخرى قبل رحيله، ليثبت من وجهة نظره أن القوانين الفيزيائية التقليدية ليست المنتهى.

فيما افترض عالم الفيزياء النظرية الراحل «ستيفن هوكينغ» والفيزيائي «جيمس هارتل» أن الانفجار العظيم خلف أكوانا متوازية، كفقاعات متجاورة، بعضها مثل كوننا، وأخرى مختلفة تماما.

يذهب علماء الإسلام إلى أن مثل هذه الأمور غيبية تندرج تحت الغيبيات فلا يجوز التعرض لها دون بينة من نقل صحيح، أو عقل صريح، مستشهدين بابن كثير وقوله إن الله تعالى نهى عن القول بلا علم، بل بالظن الذي هو التوهم والخيال وذلك بشأن تفسير قوله تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا «الإسراء: 36».

وذهبوا في تفسير قولة تعالى: «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا» -الطلاق 12- إلى أن قول ابن كثير في البداية والنهاية بشأن قول ابن عباس رضي الله عنهما: «سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدمكم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى» هو - قول- محمول - إن صح عن ابن عباس - على أنه أخذه من الإسرائيليات.

ما فشل علماء الفيزياء في إثباته نجح «اليوتيوبر» في تحقيقه بصنع عالم موازي، افتراضي، لكنه ساحر أخاذ، قد لا يستطيع البعض الفكاك منه «حتى يلج الجمل في سم الخياط»!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق