التسهيلات الضريبية.. خطوة على طريق الإصلاح

الإثنين، 16 سبتمبر 2024 02:20 م
التسهيلات الضريبية.. خطوة على طريق الإصلاح

في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر على مختلف الأصعدة، أعلنت الحكومة عن حزمة من التسهيلات الضريبية التي تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار ودعم مجتمع الأعمال.. هذه الحزمة تمثل نقطة انطلاق جديدة في العلاقة بين الحكومة والمستثمرين، كما تعتبر جزءًا من استراتيجية أشمل تسعى إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الإنتاجية... ولكن السؤال الرئيسي هنا: هل ستكون هذه الإجراءات كافية لتجاوز العقبات التي تعرقل التنمية الاقتصادية في مصر؟
 
1. الشراكة بين الدولة ومجتمع الأعمال
الخطوة التي اتخذتها وزارة المالية، ممثلة في وزير المالية أحمد كجوك، تشير إلى توجه واضح نحو فتح صفحة جديدة مع مجتمع الأعمال، وتمثل "الشراكة" بين الدولة والقطاع الخاص الأساس الذي ستبنى عليه هذه المرحلة، وفكرة الشراكة هنا ليست مجرد تعاون سطحي، بل ترتكز على الثقة المتبادلة والعمل المشترك بين الطرفين.
 
إعادة بناء الثقة بين المستثمرين ومصلحة الضرائب هو أمر بالغ الأهمية، فالشكاوى السابقة من البيروقراطية والغموض في الإجراءات كانت أحد الأسباب التي حدت من قدرة مصر على جذب المزيد من الاستثمارات، ولذلك، فإن توضيح القواعد الضريبية وتبسيط الإجراءات يمثل خطوة حاسمة في هذا الاتجاه.
 
2. توسيع القاعدة الضريبية
أحد أبرز جوانب الحزمة الضريبية هو توسيع القاعدة الضريبية لتشمل قطاعات لم تكن جزءًا من الاقتصاد الرسمي، ودمج المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر في الاقتصاد الرسمي يشكل خطوة استراتيجية لتحقيق العدالة الضريبية، حيث ستساهم هذه المشروعات بشكل أكبر في الإيرادات الحكومية، ما يؤدي إلى تقليل العبء على الشركات الكبرى والمستثمرين التقليديين.
 
النظام الضريبي المبسط الذي تستهدفه الحكومة للشركات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 15 مليون جنيه يعكس رغبة في تحفيز ريادة الأعمال والاقتصاد غير الرسمي، الذي يشكل جزءًا كبيرًا من الاقتصاد المصري، وهذا التوجه قد يؤدي إلى زيادة الإنتاجية والابتكار، ولكنه يحتاج إلى تنفيذ فعال لضمان نجاحه.
 
3. الإصلاح الضريبي
بالإضافة إلى توسيع القاعدة الضريبية، تركز الحزمة على تبسيط الإقرارات الضريبية وتقليل الفحص العشوائي، حيث يعتمد الفحص الضريبي الآن على نظام إدارة المخاطر، وهذا التوجه يهدف إلى تقليل الاحتكاك بين المستثمرين والمأموريات الضريبية، مما يعزز الشفافية ويقلل من الفساد.
 
لكن مع هذه الخطوات، تبرز تحديات تتعلق بقدرة الحكومة على تنفيذ هذه الإصلاحات بشكل فعال، فمصر، مثل العديد من الدول النامية، تعاني من مشكلات بنيوية في نظامها الضريبي، بما في ذلك نقص الكوادر المؤهلة والبنية التحتية اللازمة لدعم التحديث الرقمي في النظام الضريبي، فإذا لم يتم معالجة هذه التحديات بشكل حاسم، قد تفشل الحزمة في تحقيق أهدافها، وهو ما تعمل الحكومة على حل الإشكالية بشكل جذري.
 
4. التركيز على المستقبل
تتميز هذه الحزمة بالتركيز على المستقبل بدلاً من النظر إلى الماضي، وعدم فرض غرامات على المشروعات الصغيرة والمتوسطة عن الفترات السابقة (2021-2023) يمثل رسالة واضحة بأن الحكومة لا تسعى إلى تحميل الشركات أعباء إضافية، وهذا النهج يمكن أن يشجع العديد من الشركات على الانضمام إلى الاقتصاد الرسمي، مما يؤدي إلى زيادة الاستثمارات وخلق فرص عمل جديدة.
 
لكن التحدي يكمن في القدرة على التوفيق بين تقديم التسهيلات ودعم ميزانية الدولة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر، مثل التضخم الناتج عن الأحداث العالمية.
 
5. آليات التحفيز المالي والمستقبلي
مع توقّع رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، انخفاض معدل التضخم إلى أقل من 10% بحلول 2025، يظهر أن الحكومة تسير بخطى ثابتة نحو تحسين البيئة الاقتصادية، ونرى تحفيز الاستثمار وزيادة تدفقات النقد الأجنبي يمثلان جزءًا من هذه الرؤية.
 
ومع ذلك، يجب أن نضع في اعتبارنا أن تحسين الاقتصاد المصري لا يعتمد فقط على الإصلاحات الضريبية والمالية، بل أيضًا على تحسين البنية التحتية وتطوير التعليم والتكنولوجيا، فمصر تعمل بشكل كبير على تحفيز الابتكار والبحث العلمي لتحقيق نمو مستدام.
 
في الختام، يمكن القول إن حزمة التسهيلات الضريبية التي أعلنتها الحكومة المصرية تمثل خطوة إيجابية نحو تحسين مناخ الاستثمار، لكنها ليست الحل الوحيد، ويجب أن يتبع هذه الخطوة استراتيجية شاملة تشمل تحسين البنية التحتية، تطوير التكنولوجيا، وتعزيز الابتكار لتحقيق نمو اقتصادي مستدام ومتنوع.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق