تعرف على أحب الأدعية ليلة مولد النبي.. وخير الأعمال المستحبة

الأحد، 15 سبتمبر 2024 03:39 م
تعرف على أحب الأدعية ليلة مولد النبي.. وخير الأعمال المستحبة
منال القاضي

أجابت دار الإفتاء خلال ردها على سائل يقول "ما هو دعاء المولد النبوي؟" موضحة أن الدعاء عبادة عظيمة، وهي أيضا مرداف للصلاة، فالصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام ما هو إلا دعاء، وقد وصف القرآن الكريم المستكبرين عن الدعاء وتوعدهم فقال الحق جل شأنه:«وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)»، وعن النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الدعاء هو العبادة».
 
ومع تأكيد المؤسسات الدينية بمشروعية الاحتفال بـالمولد النبوي الشريف، فإن الدعاء أحب العبادات وأعظمها، بل إنه مفروض على كل مسلم ومسلمة بشأن النبي صلى الله عليه وسلم لقول الحق جل وعلا:«إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)».
 
يذكر الطبري في تفسيره أن القول في تأويل قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)، يقول تعالى ذكره: إن الله وملائكته يبرّكون على النبي محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
 
كما حدثني علي، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ ) يقول: يباركون على النبي. وقد يحتمل أن يقال: إن معنى ذلك: أن الله يرحم النبي، وتدعو له ملائكته ويستغفرون، وذلك أن الصلاة في كلام العرب من غير الله إنما هو دعاء . وقد بينا ذلك فيما مضى من كتابنا هذا بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته.
 
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين آمنوا ادعوا لنبي الله محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) يقول: وحيوه تحية الإسلام، وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون، عن عنبسة، عن عثمان بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: أتى رجل النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فقال: سمعت الله يقول (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ...) الآية، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: " قلِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إبْرَاهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، وَبَارك عَلَى مُحَمَّد وَعَلى آلِ مُحَمد، كَمَا بَارَكتَ عَلَى إبْرَاهيمَ إنكَ حَمِيد مَجِيدٌ".
 
كما حدث جعفر بن محمد الكوفي، قال: ثنا يعلى بن الأجلح، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قال: لما نـزلت ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) قمت إليه، فقلت: السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: " قل اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد ".
 
وعن أَبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيل، قال: ثنا أَبو إسرائيل، عن يونس بن خباب، قال: خطبنا بفارس فقال: (إِنَّ الَّلهَ وَمَلائِكَتَه ...) الآية، فقال: أنبأني من سمع ابن عباس يقول: هكذا أنـزل، فقلنا: أو قالوا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: " اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد ".
 
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن زياد، عن إبراهيم في قوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ ...) الآية، قالوا: يا رسول الله هذا السلام قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا " اللهم صلِّ على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد ".
 
حدثني يعقوب الدورقي، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود الأنصاري، قال: لما نـزلت ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) قالوا: يا رسول الله هذا السلام قد عرفناه، فكيف الصلاة وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: " قولوا: اللهم صلِّ على محمد كما صليت على آل إبراهيم، اللهم بارك على محمد كما باركت على آل إبراهيم ".
 
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) قال: لما نـزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله، قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صلِّ على محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد كما باركت على إبراهيم ". وقال الحسن: اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم، إنك حميد مجيد ".

فضل الصلاة على النبي
تقول دار الإفتاء إن الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من أقرب القربات، وأعظم الطاعات، فمَن تمسّك بها فاز بالسعادة في الدنيا، وغُفر ذنبه في الآخرة، وهي جالبة للخيرات، قاضية للحاجات، دافعة للنقمات، بابٌ لرضاء الله، وجزيل ثوابه ومحبته لعباده؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أصل كل خير في الدارين، وهو شفيع الخلائق في الآخرة، والصلاة على جنابه الشريف شفيع الدعاء في الدنيا؛ لذلك جاء الأمر الشرعي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فأما الكتاب؛ فقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
 
كما أن الصلاة على النبي من باب التحية له؛ يقول الإمام فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب" (3/ 500، ط. دار إحياء التراث العربي): [فالله تعالى أمر الكل بأنهم إذا حيَّاهم أحدٌ بتحية أن يقابلوا تلك التحية بأحسن منها أو بأن يردوها، ثم أمرنا بتحية محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾] اهـ.
 
وأما السنة: فقد تواترت الأحاديث النبوية التي تبيّن فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ فعن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذهب ربع الليل -وفي رواية: ثلثا الليل- قام فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا الله، اذْكُرُوا الله، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ»، قلت: الرُّبُعَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لك»، قلت النِّصْفَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ»، قلت فالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لك»، قلت: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمُّكَ، وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ» أخرجه الترمذيُّ في "سننه" وحسَّنه، والحاكمُ في "المستدرك على الصحيحين" وصحَّحه، والبيهقي في "شُعب الإيمان"، وفي رواية للإمام أحمد في "المُسند" قَالَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَنْ يَكْفِيَكَ اللهُ مَا أَهَمَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ».
 
وقد ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» رواه مسلم في "صحيحه".
 
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ» رواه أبو داود في "السنن".
 
فضل الصلاة على النبي " ص "
 
ومن احب العبادات والذكر كثرة صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات وأجل الطاعات؛ لما فيه من التعبير عن الحب والفرح بمولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذي هو أصل من أصول الإيمان؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» أخرجه الشيخان.
 
قال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (1/ 48، ط. مكتبة الغرباء الأثرية): [محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أصول الإيمان، وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها الله بها، وتوعد من قدم عليهما محبة شيء من الأمور المحببة طبعا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك] اه.
 
 
وبحسب ما  أكدتة المؤسسات الدينية؛ وأن هناك الكثير من العبادات المحببة في هذا الشهر العظيم شهر ربيع الأنوار، وهي القراءة في السيرة النبوية، والإكثار من الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم)، إضافة إلى إطعام الطعام، وصيام يومي الاثنين والخميس والثلاث أيام القمرية وغيرها الكثير من العبادات الصالحة.  
 
كما قالت الإفتاء إن الاحتفال بذكرى مولد سيد الكونَيْن وخاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلم لهو أصدق تعبير عن الفرح والحب لهذا النبي، الذي محبته أصل من أصول الإيمان، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يُؤمِنُ أَحَدُكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه ووَلَدِه والنَّاسِ أَجمَعِينَ». وعن زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ»، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الْآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم: «الآنَ ‌يَا ‌عُمَرُ». أخرجهما البخاري.
 
وتابعت دار الإفتاء: إن ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان من تجليات الرحمة الإلهية على العالمين كافة؛ فقد اتحدت الرحمة به وانحصر فيها وهي ملازمة في شريعته للناس في سائر أحوالهم، ولذلك قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق