الحل فى يد الجنائية الدولية والدولة الفلسطينية المستقلة

المدعى العام للمحكمة الدولية يطالب بمذكرة اعتقال ضد أعضاء الحكومة الإسرائيلية.. وحل الدولتين يحمى المنطقة من الحرب الشاملة

السبت، 14 سبتمبر 2024 01:36 م
 المدعى العام للمحكمة الدولية يطالب بمذكرة اعتقال ضد أعضاء الحكومة الإسرائيلية.. وحل الدولتين يحمى المنطقة من الحرب الشاملة
محمود على

بدت جرائم إسرائيل فى قطاع غزة واضحة للعيان أمام جميع المنظمات الدولية، فلا غبار على أن ما يرتكبه الاحتلال ضد الفلسطينيين، هو إبادة جماعية، دمرت الأخضر واليابس، محطات الكهرباء، والمياه، والوقود وشبكات الاتصالات، حتى المستشفيات، والقطاع الصحى بأكمله، لم يسلم من الإجرام الإسرائيلى، والآن يعيش ما لا يقل عن 2 مليون مواطن فى حصار بمساحة لا تزيد على 40 كيلو مترا مربعا.
 
وإزاء كل هذا الإجرام الإسرائيلى، تتحرك المحاكم الدولية من أجل وقف الإبادة الجماعية فى غزة، وذلك عبر الضغط على تل أبيب عن طريق ملاحقة قادة الاحتلال، لإيقاف الانتهاكات المستمرة ضد الفلسطينيين فى غزة المحاصرة، فقبل أيام، ألقت تحركات المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، بظلالها على المشهد، وما يحدث فى قطاع غزة من استمرار للعدوان، حيث طالب خان للمرة الثانية بإصدار أوامر اعتقال عاجلة بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، ووزير جيش الاحتلال، يوآف غالانت، مشيرا إلى مخاوفه بشأن تدخل «إسرائيل» المحتمل فى التحقيقات الجارية، وسط تصاعد العنف وجرائم الحرب المستمرة بالقطاع.
 
وفى ملفه المقدم للمحكمة، كان واضحا، وفق تقارير، إن خان عبر عن إحباطه من تأخير المحكمة إصدار أوامر الاعتقال بحق قادة تل أبيب، فبعد أن طالب فى مايو الماضى بمعاقبة رئيس الوزراء الإسرائيلى، ووزير جيش الاحتلال، لاتهامهما بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، لم تأت المحكمة بجديد، فيما يبدو أنه كان هناك تدخل من قبل حلفاء تل أبيب، لعرقلة قرارات المحكمة، وقال خان، إن المحكمة الجنائية الدولية لها الحق فى التحقيق مع المسئولين الإسرائيليين بشأن «جرائم الحرب» فى فلسطين، وحث القضاة على التحرك دون تأخير، قائلا إن «أى تأخير غير مبرر فى الإجراءات، يضر بحقوق الضحايا».
 
ويبدو أن الحل الفعلى فى يد المحكمة الجنائية الدولية، فتحركاتها لمقاضاة قادة تل أبيب إحدى الأدوات الرئيسية من أجل الضغط على إسرائيل، لتراجعها عن التصعيد المستمر فى الأراضى الفلسطينية المحتلة والمنطقة بأكملها، فإذا أصدرت المحكمة حكمها ضد القادة الإسرائيليين، فإننا نكون أمام أمر اعتقال لقادة الاحتلال؛ ما يعنى منع المسئولين الإسرائيليين من السفر إلى 124 دولة أعضاء فى المحكمة الجنائية، فعدم عضوية تل أبيب فى المحكمة الجنائية، لا يمنع اعتقالهم فى الدول الأعضاء.
 
لذا فتفكير قادة الاحتلال فى تداعيات قرار كهذا، صادر عن المحكمة الجنائية، ربما يكون مؤثرا بشكل كبير على قراراتهم المستقبلية بشأن الحرب على غزة، حيث سيزيد من عزلتهم الدولية، وسيتعين على نتنياهو وغالانت، التفكير جيدا قبل أن يقررا السفر للخارج، خشية تعرضهما للاعتقال، ولن يستطيعا فى الأصل السفر لأى دولة خارجية، إلا التى ترضى بأن تستقبل مجرمى جرائم دولية، فمعظم الدول الأوروبية، هى جزء من نظام روما الأساسى، وبالتالى هى ملزمة باعتقال من يصدر بحقه مذكرة اعتقال.
 
كما سيكون قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة إسرائيل، أمرا مهما جدا، فتوجيه الاتهام إلى إسرائيل للمرة الثانية من محكمة دولية غير محكمة العدل الدولية، سيعزز من الاتهامات الموجهة لتل أبيب حول العالم، بأنها ترتكب إبادة جماعية فى غزة، وستكون سابقة دولية، إصدار قرارات مهمة ضد إسرائيل من أكبر محكمتين دوليتين بالعالم.
 
ويعول مدعى عام المحكمة الجناية الدولية على كل الدول الأطراف فى نظام روما الأساسى فى أن يتعاملوا مع هذه الطلبات، والقرار القضائى، الذى سيترتب عليه بالجدية نفسها، التى أبدوها فى الحالات الأخرى، وأن يوفوا بالتزاماتهم، ويريد، خان، من هذا الضغط بتصريحاته الداعية إلى إصدار قرارات فورية لاعتقال قادة إسرائيل، داعيا إلى اتخاذ إجراءات سريعة قبل خطاب نتنياهو، المقرر فى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى وقت لاحق من هذا الشهر، وكان خان قد ضغط فى السابق على المحكمة، للبت فى مذكرات الاعتقال الشهر الماضى، مطالبا برفض الطعون القانونية، التى تشكك فى اختصاصها فى هذه القضية بحجة أن سلطة المحكمة فى الحكم فى هذه المسألة راسخة بموجب القانون.
 
والأسبوع الماضى، تحركت الجامعة العربية فى اتجاه الضغط على المحكمة الجنائية الدولية من أجل المضى قدما فى تحقيقاتها وملاحقاتها للمسئولين الإسرائيليين، الذين يرتكبون جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجريمة العدوان ضد الشعب الفلسطينى، مطالبة بوقف كل الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة فى غزة والضفة الغربية.
 
كما حذر المجلس من استمرار ارتكاب إسرائيل، جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى، ورفضها الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بوقف إطلاق النار، والأوامر الملزمة من محكمة العدل الدولية بوقف قتل المدنيين، وإيذائهم جسديا وعقليا، وتوفير الحاجات الإنسانية لهم، ما يمثل اعتداء على المنظومة الدولية بشكل عام، وعبثا بالقانون الدولى، والقيم الإنسانية، ومطالبة المجتمع الدولى ومجلس الأمن بتنفيذ تدخل حقيقى وحاسم، يُمكن من وقف جريمة الإبادة الجماعية فورا، وملاحقة إسرائيل على جرائمها.
 
كما أدان بشدة السياسات والإجراءات العدوانية، التى تتخذها حكومة الاحتلال الإسرائيلى ضد دولة فلسطين بهدف منع تجسيد استقلالها على الأرض، والإمعان فى خطط ضم أراضى الضفة الغربية المحتلة، والتوسع الاستعمارى الاستيطانى، بما فى ذلك شرعنة ٥ بؤر استيطانية فى مناطق استراتيجية من الضفة الغربية المحتلة، والشروع بترخيص وبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الاستعمارية الجديدة، وتقويض صلاحيات الحكومة الفلسطينية المدنية والاقتصادية فى حوالى ٨٠٪ من أراضى الضفة الغربية المحتلة، وقرصنة أموال حكومة وشعب دولة فلسطين، وفرض عقوبات على المسئولين الفلسطينيين.
 
وبخلاف الضغط القائم من المحاكم الدولية ضد إسرائيل، فهناك مسار مهم وضرورى، لابد من التوجه إليه من أجل حل الوضع الخطير المستمر فى الشرق الأوسط، وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67، فلا حل سوى أن يحكم الفلسطينيون دولتهم، وتكون لهم سيادة على أرضهم، طبقا لحق تقرير المصير، فتنصل قادة إسرائيل، ورفضهم وإعلانهم باستمرار اغتصاب الأرض، هو ما يؤزم القضية، وإنهاء انتهاكات تل أبيب المستمرة فى الاستيطان، والتصعيد فى غزة، والقبول بإقامة دولتين فى سلام.. هو بداية الحل.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق