رفض الحكومة السودانية لتوصيات بعثة تقصي الحقائق.. تصعيد جديد في الصراع الداخلي
الإثنين، 09 سبتمبر 2024 01:17 م
بينما كشف تقرير بعثة تقصي الحقائق عن توصيات تضمنت حظراً جديداً على الأسلحة بالسودان، رفضت الحكومة السودانية تلك التوصيات متهمة البعثة الدولية بالافتقار إلى المهنية والاستقلالية، فيما تنذر هذه التطورات بتصعيداً جديداً في الصراع الداخلي.
وتضمنت توصيات تقرير بعثة تقصي الحقائق حظر على الأسلحة وتوسيع نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليشمل جميع أنحاء السودان، ونشر قوة حفظ سلام لحماية المدنيين في ظل القتال العنيف المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ ما يقرب من عام ونصف.
وفي أكتوبر من العام الماضي، اعتمد مجلس حقوق الإنسان في جنيف قرارًا بإنشاء بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق في السودان، للتحقيق في الانتهاكات والجرائم التي صاحبت القتال العنيف.
وفي بيان اتهمت وزارة الخارجية السودانية البعثة الدولية المستقلة بالافتقار الى المهنية والاستقلالية، بعد استباقها موعد الدورة الجديدة للمجلس، في 10 سبتمبر، بنشر تقريرها، الذي ستقدمه خلال هذه الدورة، وعقد مؤتمر صحفي حوله، قبل أن يستمع إليه المجلس.
وأكدت الوزارة أن الحكومة ترفض توصيات بعثة تقصي الحقائق جملة وتفصيلا، وتجدد موقفها المعلن من البعثة والتعاون معها.
ووصف البيان البعثة بأنها جسم سياسي وليس قانوني، معتبرةً أن هذا يؤيد موقف الحكومة منها منذ تشكيلها.
ورأت الوزارة أن التوصيات التي قدمتها البعثة تتجاوز حدود تفويضها، وتتوافق مع التحركات التي شهدها مجلس الأمن من قوى دولية معروفة بمواقفها العدائية ضد السودان.
وأضافت: إن لجوء البعثة إلى العمل الدعائي قبل بدء مداولات مجلس حقوق الإنسان يهدف إلى التأثير على مواقف الدول الأعضاء لتحقيق أهداف سياسية محددة وتوسيع نطاق عمل البعثة.
وأشارت إلى أن التقرير تناول بشكل متناقض الجرائم التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع، بما في ذلك جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم العنف الجنسي، والاسترقاق، وتجنيد الأطفال، واستهداف المدنيين على أسس عرقية.
ولاحظت وزارة الخارجية – وفقًا لبيانها – أن التقرير زعم تمدد الصراع إلى 14 ولاية من أصل 18 ولاية، ومع ذلك دعا إلى فرض حظر على الأسلحة، بما في ذلك القوات المسلحة السودانية التي تواجه الدعم وتدافع عن المواطنين في مواجهة هذه الجرائم، كما دعا إلى تشكيل قوة دولية لحماية المدنيين.
وتابع البيان: هذا تناقض غريب.. التوصية بحظر السلاح عن الجيش الوطني الذي يقوم بدوره الدستوري والأخلاقي في حماية البلاد وشعبها بما يتوافق مع القانون الدولي، وإسناد مهمة حماية المدنيين لقوة دولية غير معلوم تشكيلها، وهل ستكفي لتغطية 14 ولاية؟ وهل حظر السلاح الذي دعت إليه البعثة سيشملها؟ هذا انتهاك واضح لولايتها وصلاحياتها. هذه الدعوة ليست أكثر من أمنية لأعداء السودان، ولن تتحقق.
وأضاف البيان أن حماية المدنيين ظلت على رأس أولويات الحكومة السودانية، ولذلك وقعت على إعلان جدة في 11 مايو 2023، وقدمت مقترحات عملية لإنشاء آلية مراقبة لضمان تنفيذه، لكن الأطراف الدولية المعنية تجاهلت ذلك واستمرت في التسامح مع الاستهداف الممنهج للمدنيين والمؤسسات المدنية من قبل الميليشيات بحسب تعبير الخارجية السودانية.
وأكد البيان أن إعلان جدة يظل الإطار العملي المناسب لحماية المدنيين.
من جانبه يعتزم النائب العام السودانى مواجهة تقرير البعثة، ووفقا لوكالة السودان للأنباء (سونا)، وصل الفاتح محمد عيسى طيفور النائب العام السوداني، رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني والوفد المرافق له إلى جنيف، للمشاركة في أعمال الدورة 57 لمجلس حقوق الإنسان.
ووفقا للوكالة السودانية، فإن مشاركة اللجنة الوطنية في أعمال الدورة 57 للمجلس تأتي لتقديم بيان السودان الذي سيقدمه النائب العام خلال جلسة الحوار التفاعلي المعزز مع بعثة تقصي الحقائق المشكلة من قبل المجلس.
وأشارت إلى أن البيان سيستعرض التحقيقات والإجراءات القضائية التي أجرتها اللجنة ويفند تقرير بعثة تقصي الحقائق وما تضمنه من توصيات ذات طابع سياسي ولا تقع ضمن تفويض البعثة بحسب قرار تشكيلها.
وبشأن الوضع الصحي، كشفت وزارة الصحة السودانية، عن تخطي إصابات الكوليرا حاجز الـ 5 آلاف، فيما دفع تزايد الحالات في القضارف السلطات المحلية إلى الاستنجاد بالمنظمات الإنسانية لإقامة مراكز عزل.
وقالت وزارة الصحة، في بيانٍ لها : تم تسجيل 285 إصابة جديدة بالكوليرا، ليرتفع إجمالي الحالات إلى 5,081 إصابة، تشمل 176 حالة وفاة.
وأشارت الوزارة إلى أن ولاية كسلا سجلت 117 حالة من الإصابات الجديدة، تلتها ولاية نهر النيل التي سجلت 61 حالة، بينما سجلت ولاية القضارف 47 إصابة.
واجتاح وباء الكوليرا 38 محلية في ولايات كسلا، القضارف، نهر النيل، الجزيرة، الخرطوم، والشمالية؛ حيث يُتوقع أن تكون الحالات أعلى من الرقم المُعلن نظرًا لضعف الرصد الوبائي بعد تأثر النظام الصحي بالنزاع.
وأفادت وزارة الصحة بتأثر 617 منطقة في 54 محلية موزعة على 11 ولاية بالأمطار والسيول والفيضانات، ما تسبب في تضرر 45 ألف أسرة، بما يفوق 195 ألف شخص.
كما كشفت الوزارة عن تدمير الأمطار والسيول لـ 26,931 منزلًا وانهيار 33,659 منزلًا جزئيًا، معظمها في الولاية الشمالية ونهر النيل، بينما أصيب 886 شخصًا جراء السيول، بينهم 205 حالات وفاة.
وبدأ مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، زيارة إلى السودان الذي يكافح انتشار أوبئة قاتلة في عديد من ولاياته.
واستقبل نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، وعضو المجلس إبراهيم جابر، تيدروس أدهانوم في مكاتبهم. كما استقبله وزير الصحة، هيثم محمد إبراهيم، في مطار بورتسودان الدولي.
وقدم مالك عقار، وفقًا لمنصة الناطق الرسمي، تقريرًا مفصلًا عن الأوضاع الصحية والإنسانية في السودان بعد النزاع.
وقال وزير الصحة إن مالك عقار قدّم لأدهانوم تنويرًا حول أوضاع السودان والتطورات الجارية نتيجة تداعيات الحرب وتأثيرها على الوضع الصحي والإنساني في البلاد.
وأبدى عضو مجلس السيادة، إبراهيم جابر، خلال لقائه بتيدروس أدهانوم، تطلع بلاده إلى دعم منظمة الصحة العالمية يتناسب مع حجم الدمار الذي أحدثته قوات الدعم السريع في قطاع الصحة.
وقال جابر إن السودان بحاجة إلى حملة تطعيم شاملة ضد الأوبئة التي تسببت فيها السيول والأمطار التي ضربت أجزاء واسعة من البلاد.
ومن المقرر أن يقوم تيدروس أدهانوم بزيارات ميدانية إلى مرافق صحية ومراكز إيواء النازحين، إضافة إلى عقد لقاءات مع ممثلي وكالات الأمم المتحدة العاملة في السودان.