استراتيجيات حكومية لجذب الاستثمار وتعزيز الابتكار بالذكاء الاصطناعى والتعليم التكنولوجى لتحقيق قفزات اقتصادية
التوطين.. أول طريق الريادة التكنولوجية
السبت، 31 أغسطس 2024 01:54 ممحمد فزاع
قرار إنشاء المجلس الوطنى لتوطين تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية يحقق التنمية المستدامة ويخلق فرص عمل جديدة
خطوات التوطين تشمل تحديث المناهج والمنح الدراسية وتطوير المدارس الفنية وفتح الباب للشركات العالمية
قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يحقق قفزة 16.3% ويصبح القطاع الأكثر نموا بالدولة للعام الخامس
خطوات التوطين تشمل تحديث المناهج والمنح الدراسية وتطوير المدارس الفنية وفتح الباب للشركات العالمية
قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يحقق قفزة 16.3% ويصبح القطاع الأكثر نموا بالدولة للعام الخامس
فى ظل التحولات السريعة، التى يشهدها العالم فى مجالات التكنولوجيا والذكاء الصناعى، تبرز مصر كإحدى الدول، التى تولى اهتماما كبيرا بتطوير هذه المجالات، وتسعى الحكومة المصرية إلى تحويل البلاد إلى مركز إقليمى للتكنولوجيا، من خلال سلسلة من الخطوات التى تتضمن تطوير التعليم التكنولوجى، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتوطين الصناعات التكنولوجية.
ومع تحول العالم نحو التكنولوجيا والرقمنة، اهتمت الدولة بتأهيل القوى البشرية، لاستيعاب التكنولوجيا الحديثة، وسعت مصر الفترات الماضية، لتدعيم الأمر عبر صحوة تعليمية بداية من التعليم الفنى، الذى جرى ربطه بسوق العمل، وصولا إلى التعليم التكنولوجى بالجامعات التكنولوجية، التى استهدفت توطين التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى.
وكون اليابان تعد من أولى الدول المتخصصة فى مجال الذكاء الاصطناعى والتكنولوجى، جعل بوصلة مصر، تتجه وتتبنى شراكات مهمة مع اليابان، اعتمادا على ما تمتلكه الدولة المصرية من مقومات بشرية جديرة بالاهتمام من مختلف مستثمرى العالم.
وتهتم مصر بالصحوة التعليمية من خلال إنشاء الجامعات الأهلية والتكنولوجية، ما يساعد على الاستثمار البشرى، الذى تستهدفه القيادة السياسية من أجل تأهيل الثروة البشرية، حتى لا تصبح عبئا على الدولة، وتجعلها قيمة مضافة للاقتصاد المصرى والعالمى ككل.
توطين تكنولوجيا الرقائق الإلكترونية
اتخذت الحكومة المصرية على عاتقها عملية توطين الصناعة المحلية، وتعزيز القدرات الإنتاجية للبلاد، ما يساهم فى تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين ميزان المدفوعات من خلال زيادة الصادرات وتقليل الواردات.
وضمن توجيهات القيادة السياسية لتوطين التكنولوجيا، وافق مجلس الوزراء، أغسطس الجارى، على مشروع قرار بإنشاء وتشكيل المجلس الوطنى لتوطين تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية.
ويختص المجلس بإقرار استراتيجية تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، ومتابعة تحديثها كل عام، أو كلما اقتضى الأمر ذلك، ومتابعة تنفيذ أجهزة الدولة المعنية لخطط وسياسات استراتيجية تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، ومتابعة تطور العمل بالاستثمارات القائمة فى مجال تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية.
ومن ضمن مهامه، بحث أوجه المشكلات والمعوقات، التى تواجهها، وإقرار الحلول اللازمة، لتذليل معوقات الاستثمار فى مجال تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، وتوجيه أجهزة الدولة المعنية لتنفيذها.
كما يختص المجلس بمراجعة التشريعات، والنظم والقواعد والمعايير المنظمة للاستثمار فى مجال تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، واقتراح ما يلزم منها على جهات الاختصاص.
وتلتزم جميع أجهزة الدولة، بتنفيذ خطط وسياسات تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، وكذا تنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس فى شأن تذليل معوقات الاستثمار فى هذا المجال.
خطوات الدولة لتوطين التكنولوجيا فى مصر
تعد الحكومة المصرية، التعليم التكنولوجى، أحد الأعمدة الرئيسية، لتحقيق التنمية المستدامة، وقد اتخذت الدولة عدة خطوات مهمة فى هذا الإطار، أبرزها تحديث مناهج التعليم العالى والفنى، لتشمل التخصصات الحديثة، مثل الذكاء الصناعى، علوم البيانات، وتكنولوجيا المعلومات، ما يعكس التزام الحكومة بتوفير تعليم يتماشى مع متطلبات سوق العمل العالمى.
وجرى إنشاء جامعات وكليات جديدة، تركز على التكنولوجيا، مثل جامعة الجلالة، وجامعة العلمين الدولية، وتوفر بيئة تعليمية حديثة ومتطورة، تساعد الطلاب على اكتساب المهارات المطلوبة فى سوق العمل، كما تقدم الحكومة العديد من برامج المنح الدراسية للطلاب المتفوقين فى مجالات التكنولوجيا، بهدف تشجيع المزيد من الشباب على الانخراط فى هذه التخصصات، وبجانب الجامعات، تم تطوير المدارس الفنية والمعاهد التكنولوجية، لتزويد الطلاب بالمهارات العملية المطلوبة فى سوق العمل.
وإدراكا لأهمية جذب الاستثمارات الأجنبية فى تعزيز قطاع التكنولوجيا، فتحت الحكومة المصرية الباب أمام الشركات التكنولوجية العالمية للاستثمار فى البلاد.
ومن بين الخطوات، التى جرى اتخاذها تشجيع الاستثمار الأجنبى، بتقديم الحوافز الاستثمارية للشركات العالمية، بما فى ذلك تخفيضات ضريبية، وتسهيلات فى الإجراءات القانونية، وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة، وهذه الحوافز، جعلت مصر وجهة جذابة للشركات التكنولوجية.
وجرى إنشاء مناطق حرة تكنولوجية، مثل «منطقة المعادى التكنولوجية» و «مدينة المعرفة» بالعاصمة الإدارية الجديدة، لتوفر بيئة ملائمة للشركات التكنولوجية، لإنشاء مقارها ومشروعاتها فى مصر.
ووقعت الحكومة المصرية، العديد من الاتفاقيات مع شركات تكنولوجية عالمية، مثل «مايكروسوفت»، «جوجل»، و«IBM»، لتطوير البنية التحتية التكنولوجية فى مصر وتعزيز الابتكار.
ربط الخريجين بسوق العمل
وفى إطار سعى الحكومة المصرية لسد الفجوة بين التعليم وسوق العمل، لجأت إلى مبادرات عدة، منها إنشاء مراكز توظيف داخل الجامعات، لتسهيل عملية انتقال الطلاب من مقاعد الدراسة إلى سوق العمل، ولتقدم خدمات، مثل التدريب المهنى، وورش العمل، وإرشادات حول كيفية كتابة السيرة الذاتية، والاستعداد للمقابلات.
وتعاونت الجامعات مع العديد من شركات التكنولوجيا العالمية والمحلية، لتوفير فرص تدريبية للطلاب، لتضمن للطلاب اكتساب خبرات عملية أثناء فترة دراستهم، ما يسهل عليهم الحصول على وظائف بعد التخرج.
وأطلقت الحكومة العديد من برامج ريادة الأعمال، التى تساعد الخريجين على بدء مشروعاتهم الخاصة فى مجالات التكنولوجيا، وتقدم دعما ماليا وفنيا للمشروعات الناشئة، ما يعزز من فرص نجاحها واستمرارها.
مستقبل التكنولوجيا فى مصر
ومع توجه مصر نحو الرقمنة، يتوقع أن تلعب التكنولوجيا دورا محوريا فى جميع قطاعات الاقتصاد، فالحكومة المصرية، تضع التكنولوجيا فى قلب استراتيجياتها التنموية، ما يفتح الباب أمام المزيد من الابتكار والتطور، والتوسع فى استخدام التكنولوجيا فى القطاعات الحكومية، مثل الصحة، والتعليم، والمالية، حتى يساهم فى تحسين كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وتشهد مصر تزايدا ملحوظا فى الاستثمارات المحلية والدولية فى قطاع التكنولوجيا، وهذه الاستثمارات، تشمل إنشاء مراكز بحثية، وتطوير صناعات تكنولوجية متقدمة، وإنشاء مصانع لإنتاج الأجهزة الإلكترونية، ومن المتوقع أن تؤدى هذه الاستثمارات إلى خلق المزيد من فرص العمل وزيادة صادرات مصر من المنتجات التكنولوجية.
وتواصل الحكومة المصرية دعمها للتكنولوجيا من خلال السياسات والمبادرات، التى تهدف إلى تعزيز الابتكار، وتوطين التكنولوجيا، ومن بين هذه المبادرات «رؤية مصر 2030»، التى تركز على تعزيز التعليم التكنولوجى، وتطوير البنية التحتية الرقمية، كما تعمل على توفير بيئة تنظيمية ملائمة للشركات الناشئة، ما يشجع المزيد من رواد الأعمال على الاستثمار فى هذا القطاع.
وتزايد الوعى بأهمية التكنولوجيا بين الشباب المصرى، يمثل أحد العوامل الرئيسية، التى تدفع نحو تطوير هذا القطاع، فالشباب فى مصر، يدركون أن المهارات التكنولوجية، هى من بين الأكثر طلبا فى سوق العمل، ما يشجعهم على اختيار تخصصات تكنولوجية، وهذا الوعى المتزايد يسهم فى بناء جيل من المهنيين المتخصصين القادرين على قيادة التحول الرقمى فى مصر.
تحسن الترتيب فى المؤشرات الدولية
الجهود الحكومية المتواصلة فى تنمية الاقتصاد الرقمى، وتعزيز البحث والتطوير، أدت إلى تحسن ملحوظ فى ترتيب مصر بالمؤشرات الدولية الخاصة بالابتكار وتكنولوجيا المعلومات.
وحقق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مصر معدل نمو بلغ حوالى 16.3% خلال العام المالى 2022/2023، ما يجعله القطاع الأكثر نموا فى الدولة للعام الخامس على التوالى، ووصلت إيرادات القطاع إلى 315 مليار جنيه خلال العام المالى 2022/2023، ما يمثل زيادة بنسبة حوالى 75%، مقارنة بالعام السابق.
وارتفعت مصر إلى المركز الثالث عالميا فى «مؤشر الثقة فى مواقع تقديم خدمات التعهيد العابرة للحدود 2023»، بعد أن كانت فى المركز 11 العام الماضى، ما يعزز من مكانة مصر كواحدة من أفضل الوجهات العالمية فى هذه الصناعة.
تقدمت مصر 16 مركزا فى مؤشر الاتصال العالمى الصادر عن مؤسسة GSMA لعام 2023، لتصل إلى المركز 79، ما يعكس التحسن فى اتصال المحمول بالإنترنت.
وتصدرت مصر ترتيب متوسط سرعة الإنترنت الثابت فى أفريقيا بمتوسط سرعة 64.5 ميجابت/ ثانية فى نوفمبر 2023.
كما تقدمت مصر فى مؤشر الأداء التنظيمى الصادر عن الاتحاد الدولى للاتصالات إلى المستوى الخامس «المتقدم»، وهو أعلى مستوى عالميا، وتقدمت 3 مراكز فى مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعى الصادر عن مجموعة أكسفورد، لتصل إلى المركز 62، مقارنة بالمركز 65 فى عام 2022.
ونمت الصادرات الرقمية، لتصل إلى 6.2 مليار دولار خلال عام 2023، مقارنة بـ 4.9 مليار دولار فى عام 2022، بنسبة نمو 26٪.
جرى توقيع اتفاقيات مع 74 شركة محلية وعالمية فى صناعة التعهيد، لإنشاء وتوسيع 85 مركز تعهيد، وتعيين 60 ألف متخصص على مدار 3 سنوات، ما يعزز من مكانة مصر فى هذا القطاع.
وزار رئيس الوزراء المصرى 11 شركة عالمية، تعمل فى مجال التعهيد، ما يعكس اهتمام الحكومة بتعزيز الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر.
مدينة المعرفة
وجرى الانتهاء من إنشاء المرحلة الأولى من مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة، والتى تتضمن مبانى للتدريب، وأكاديمية لتكنولوجيا المعلومات، ومركز إمحوتب للإبداع والتطوير، وجامعة مصر للمعلوماتية.
وتضم المدينة 11 معملا بحثيا متقدما فى مجالات مختلفة، مثل الذكاء الاصطناعى، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، ما يجعلها مركزا رئيسيا لدعم الابتكار والتطوير التكنولوجى فى مصر.
وجرى بدء تصنيع الهواتف المحمولة لشركات، مثل سامسونج وشاومى محليا فى مصر بنسبة تصنيع محلى تزيد على 40%، كما تأسس أول مركز إبداع متطور فى الشرق الأوسط، لدعم تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة بالتعاون مع شركة سيمينز العالمية.
وتأسست 8 شركات جديدة متخصصة فى تصميم الإلكترونيات، ما رفع إجمالى عدد الشركات إلى 70 شركة عالمية ومحلية.
وجرى إطلاق برنامج تدريب للتأهيل للتوظيف فى مجال الإلكترونيات، حيث تم تدريب 4850 متدربا، وتخرج 2100 منهم، ويجرى تدريب الباقين حاليا.
مراكز إبداع مصر الرقمية
تم إنشاء 9 مراكز جديدة للإبداع الرقمى فى مختلف المحافظات، ليصل الإجمالى إلى 20 مركزا، واحتضان 164 شركة ناشئة، وتدريب 14690 متدربا، ودعم 6369 مهنيا مستقلا، ضمن أنشطة مراكز إبداع مصر الرقمية، وتدريب 400 ألف متدرب بميزانية 1.7 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى، ضمن استراتيجية شاملة لبناء القدرات الرقمية.
وأطلقت عدة مبادرات تستهدف مختلف الفئات العمرية لبناء المهارات الرقمية فى مجالات، مثل الذكاء الاصطناعى، والأمن السيبرانى، وإدارة الموارد الرقمية، بجانب إنشاء 5 مدارس جديدة للتكنولوجيا التطبيقية فى عدة محافظات، ليصل إجمالى عدد المدارس إلى 12 مدرسة.
وفى ضور التطوير المؤسسى، وتدريب العاملين، اهتمت الدولة ببناء القدرات الرقمية لعدد كبير من العاملين والقيادات فى الوزارات والمحافظات، ليصل الإجمالى إلى حوالى 77 ألف متدرب، بجانب دعم تطوير المؤسسات الحكومية، مثل منظومة التأمين الصحى الشامل، ومنظومة فرض وإنفاذ القانون من خلال برامج تدريبية متخصصة.