ثوابت الأمن القومى ترسم دور الوساطة المصرية فى غزة
السبت، 31 أغسطس 2024 01:31 م
الحفاظ على حقوق الفلسطينيين.. وإطلاق مسار السلام وفق حل الدولتين.. وتجنيب المنطقة الصراع المفتوح والحرب الإقليمية
القاهرة ترفض أى تواجد إسرائيلى بمعبر رفح أو محور فيلادلفيا.. وتنسق مع الشركاء فى قطر وأمريكا لإنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع
القاهرة ترفض أى تواجد إسرائيلى بمعبر رفح أو محور فيلادلفيا.. وتنسق مع الشركاء فى قطر وأمريكا لإنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع
هل مصر وسيط فى المفاوضات المتعلقة بالهدنة والتهدئة فى قطاع غزة؟ أم طرف فاعل وأصيل؟ ولمصلحة من تدير هذه الوساطة؟ هذه الأسئلة تتردد كثيرا منذ بدأت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، حينما تصدت القاهرة للأمر، فاتحة خطوط اتصال وتواصل مع كل الأطراف المعنية، فى سبيل الوصول إلى حل تنهى من خلاله الحرب، وتوقف آلة القتل الإسرائيلية المستمرة ضد الاشقاء الفلسطينين التى حصدت أكثر من 40 ألف شهيد.
ومن يتابع التحركات المصرية بعد أحداث 7 أكتوبر، سيجد أنها تسير فى اتجاهات متعددة، اتجاه سياسى ودبلوماسى، من خلال لقاءات واتصالات للرئيس السيسى مع القادة والزعماء، وأيضا تكثيف للعمل الدبلوماسى المصرى، الهادف إلى إيقاف الحرب، والتوصل إلى هدنة إنسانية، يسمح خلالها بترتيب الأوضاع فى القطاع، وعلاج المصابيين، والتوصل إلى اتفاق تبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وهو ما تحقق فى بداية الحرب، ونتج عنه إفراج الفصائل عن عدد من المحتجزين لديها فى القطاع، مقابل الإفراج الإسرائيلى عن معتقلين فلسطينيين فى سجونها.
وبجانب التحركات السياسية، فإن مصر لم تألُ جهدا فى سبيل تخفيف معاناة الفلسطينين فى الحرب، من خلال إدخال مساعدات طبية وغذائية، واستقبال آلاف الجرحى والمصابين الفلسطيينيين وتوفير العلاج لهم، وغيرها من الأمور الإنسانية التى تصدت لها الدولة المصرية، ولا تزال تواصل هذا الدور حتى اليوم.
ولأن مصر هى الأقرب لفلسطين وللقضية الفلسطينية، فإنها حينما تصدت فى أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، لدور الوساطة، بجانب الولايات المتحدة الأمريكية وقطر، فإنها دخلت من منطلق واضح ومعروف للجميع، فهى ليست موجودة لتنوب عن طرف، وإنما من ينظر ويتابع كل التحركات المصرية، من جانب الرئيس السيسى وتكليفاته لكل المؤسسات والهيئات الوطنية المعنية، سيجد أنها تتعامل من منطلق واضح، وهو التوافق مع أمن مصر القومى، وبما يحفظ حقوق الشعب الفلسطينى الشقيق، لذلك فهى فى كل جولات التفاوض سواء مع إسرائيل أو مع حماس وفى وجود الوسيطين الأمريكى والقطرى، فإنها تتحدث دوما باسم فلسطين ككل، وليس فصيلا معينا، استكمالا للدور المصرى التاريخى الداعم للقضية الفلسطينية.
وعبرت مصرعن هذا التوجه أكثر من مرة، وأكده مصدر رفيع المستوى، الأسبوع الماضى بشكل واضح بقوله إن مصر تدير الوساطة بين طرفى الصراع فى غزة بما يتوافق مع أمنها القومى، وبما يحفظ حقوق الشعب الفلسطينى الشقيق، وأن الوفد الأمنى المصرى يبذل قصارى جهده لتحقيق قدر من التوافق بين الطرفين وينسق جهوده مع الشركاء فى قطر والولايات المتحدة الأمريكية، مع تجديد التأكيد لجميع الأطراف المعنية بعدم قبولها أى تواجد إسرائيلى بمعبر رفح أو محور فيلادلفيا.
والرؤية المصرية للأحداث الجارية فى المنطقة تقوم على أهمية تجنيب المنطقة الصراع المفتوح الذى لن يحقق أى مصلحة لأحد، وإنما سيؤدى إلى تدمير شامل لكل مقدرات المنطقة، وهو ما اكده الرئيس السيسى الأسبوع الماضى من أن استمرار التصعيد الجارى يضع المنطقة رهينة لاحتمالات توسع الحرب إقليميا، وما قد ينتج عن ذلك من عواقب خطيرة على شعوب المنطقة كافة.
حيث أكد الرئيس السيسى لنظيره البلغارى «رومِن راديڤ» ضرورة إنهاء المأساة التى تواجه الشعب الفلسطينى فى غزة بشكل فورى، موضحا فى الوقت نفسه أهمية اضطلاع المجتمع الدولى بدور حاسم فى ما يتعلق بالاعتراف الدولى بالدولة الفلسطينية، بما يدعم مسار السلام فى المنطقة وحل الدولتين، مع التشديد على أن الوضع الإقليمى الراهن يتطلب وقفة حاسمة من المجتمع الدولى وجميع الأطراف الفاعلة، لبذل كل المساعى وتكثيف الضغوط، لنزع فتيل التوتر، ووقف حالة التصعيد التى تهدد أمن واستقرار المنطقة بالكامل، محذرا فى هذا الصدد من مخاطر فتح جبهة جديدة فى لبنان، ومؤكدا ضرورة صون استقرار لبنان وسيادته.
كما أكده أيضا الرئيس السيسى للفريق أول « تشارلز براون» رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، مع التشديد على ضرورة التجاوب مع الجهود المشتركة، المصرية الأمريكية القطرية، الرامية للتوصل لاتفاق لوقف الحرب بقطاع غزة بشكل فورى، وتبادل الأسرى والمحتجزين، بما يسمح بتعزيز مسار التهدئة والاستقرار بالمنطقة، منوها إلى صعوبة الأوضاع الإنسانية المأساوية التى يعانى منها أبناء الشعب الفلسطينى الشقيق بالقطاع، وما تفرضه من ضرورة وقف الحرب فورا، لإيصال ما تحتاجه غزة من كميات هائلة من المساعدات الإغاثية والصحية، كما أكد ضرورة تضافر الجهود الدولية نحو إطلاق مسار سياسى شامل، يفضى لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة فى إطار حل الدولتين، كأساس للاستقرار الإقليمى المستدام.
ويمكن تلخيص الموقف المصرى تجاه الأوضاع الحالية فى عدة مبادئ أساسية تتحرك على أساسها الدبلوماسية المصرية، تقوم على:
أن وقف العدوان الإسرائيلى على غزة يمثل الأولوية التى يجب أن تتكاتف كل الجهود لتنفيذها، وأن التوصل لوقف فورى لإطلاق النار هو الخطوة الأولى نحو خفض التصعيد الخطير الذى تشهده المنطقة، والذى قد يقود إلى حرب إقليمية.
التوصل لصفقة تبادل تضمن وقفا دائما لإطلاق النار تضمن النفاذ الإنسانى وتتيح إدخال مساعدات إنسانية وطبية كافية ودون قيود إلى جميع أنحاء قطاع غزة وإنهاء الكارثة الإنسانية والصحية فيه.
ضرورة إطلاق مسار سياسى جاد يضمن حصول الشعب الفلسطينى على حقه المشروع والعادل فى دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية باعتبار ذلك هو السبيل المستدام لإرساء السلام والأمن والتنمية فى المنطقة.
ضرورة احترام الوضع القانونى والتاريخى القائم فى المقدسات، وأن المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسى الشريف بكامل مساحته البالغة ١٤٤ دونما هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشئون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية الأردنية هى الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصرى بإدارة شؤون الحرم القدسى الشريف كافة وتنظيم الدخول إليه.
الرفض المطلق للسياسات المتطرفة التى تعمل على تغيير الوضع التاريخى والقانونى فى القدس ومقدساتها عبر سياسة فرض الأمر الواقع.
التحذير من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة فى لبنان، مع التشديد على أهمية الحفاظ على استقرار لبنان وسيادته وتجنيبه مخاطر انزلاق المنطقة إلى حالة عدم استقرار شاملة، وأن التطورات الخطيرة والمتسارعة التى تشهدها منطقة جنوب لبنان تعد مؤشرا واضحا على ما سبق وأن حذرت منه مصر من مخاطر التصعيد غير المسئول فى المنطقة على خلفية تطورات أزمة قطاع غزة والاعتداءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى القطاع.