غياب الحلول في أزمة غزة يدفع إلى اتساع دائرة الصراع الإقليمي بالمنطقة

الجمعة، 30 أغسطس 2024 12:22 م
غياب الحلول في أزمة غزة يدفع إلى اتساع دائرة الصراع الإقليمي بالمنطقة
أزمة غزة

المشكلة الأساسية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال الأشهر الماضية، وتحديدًا منذ بدء العدوان على قطاع غزة، تبرز بشكل واضح في غياب الحلول المتاحة، نظرًا لعدة حقائق، أبرزها التعنت الإسرائيلي، ويتمثل هذا التعنت في إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تمديد أمد المعركة، بهدف البقاء في منصبه على رأس السلطة في إسرائيل.
وفي المقابل، تعاني بعض دول المنطقة من هشاشة داخلية دفعتها للتورط في هذا الصراع، مما أدى إلى تمدد جغرافي للحرب، بحيث تجاوزت غزة لتصل إلى سوريا ولبنان وحتى اليمن، وقد يتسع نطاق الصراع ليشمل قوى أخرى، مثل إيران، خاصة بعد اغتيال الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها.
 
توسيع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط كان من بين أبرز التحذيرات التي أطلقتها مصر منذ بداية العدوان على غزة، وهذه التحذيرات لم تقتصر على مستقبل المنطقة فقط، بل امتدت لتشمل العالم بأسره، وخاصة الغرب الأوروبي والولايات المتحدة.
 
فالتداعيات الحالية تؤثر بشكل كبير على التجارة العالمية، فضلًا عن تأثيرها على قطاعات حيوية مثل الغذاء والطاقة، هذه القطاعات تأثرت بشكل كبير جراء الأحداث العالمية خلال السنوات القليلة الماضية، بدءًا من جائحة كورونا في أواخر العقد الماضي، مرورًا بالصراع في أوكرانيا، وصولًا إلى العدوان على غزة.
 
كل هذه العوامل أسهمت في تعطيل حركة التجارة وسلاسل الإمداد العالمية، مما زاد من تفاقم الأزمات التي تعاني منها الشعوب في الغرب، وأدى إلى وضع الحكومات في موقف صعب.
 
التعنت الإسرائيلي يمثل العقبة الأكبر أمام إيجاد حلول جذرية يمكن أن تنهي المعركة، أو على الأقل تفتح المجال لتهدئة مؤقتة تتيح تحقيق قدر من الاستقرار الإقليمي، مما قد يمهد الطريق لمفاوضات تهدف إلى إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية.
 
ولكن نتنياهو يسعى جاهدًا لتجنب نهاية الحرب، لأنها قد تعني نهاية فترة حكمه، ودخوله في مواجهات قانونية. في الوقت ذاته، ترفض التيارات المتطرفة داخل إسرائيل، والتي تشمل وزراء بارزين في الحكومة مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، أي مفاوضات قد تؤدي إلى تأسيس دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
 
هذا الرفض تجلى في تهديدات بن غفير بالانسحاب من الحكومة، ومشاركته في اقتحام المسجد الأقصى، ودعوته لبناء كنيس يهودي داخل المسجد، الذي يعتبر أحد أقدس المواقع الإسلامية.
 
لكن التعنت الإسرائيلي ليس العامل الوحيد وراء غياب الحلول لأزمة غزة، رغم أنه الأهم. إذ يعتبر تراجع التأثير الأمريكي على إسرائيل عاملًا آخر ذا أهمية كبيرة. فواشنطن كانت دائمًا الداعم الرئيسي لإسرائيل منذ تأسيسها عام 1948. ولكن، تصاعد التحدي الإسرائيلي أمام مطالب الحليف الأمريكي، بما في ذلك رفض وقف إطلاق النار واستهداف المساعدات الإنسانية، يعكس تراجع التأثير الأمريكي.
 
المشهد الأكثر وضوحًا لتحدي إسرائيل للولايات المتحدة تجلى في خطاب نتنياهو أمام الكونجرس، والذي أظهر حالة الانقسام داخل السياسة الأمريكية، فالديمقراطيون، بقيادة نائبة الرئيس كامالا هاريس التي تترأس مجلس الشيوخ، قاطعوا الخطاب، في حين كان الحضور الجمهوري طاغيًا، ليس بالضرورة لدعم نتنياهو، بل للمعارضة الديمقراطيين، وذلك قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر المقبل، والتي يتوقع أن تشهد مواجهة شرسة بين الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس.
 
التعنت الإسرائيلي وتراجع التأثير الأمريكي ساهما بشكل كبير في تمدد الصراع خارج حدود قطاع غزة ليشمل دولًا أخرى مثل لبنان واليمن وسوريا، مما أدى إلى تعميق الأزمات ليس فقط في المنطقة، بل امتدت تداعياتها إلى دول أخرى، حيث تأثرت حركة التجارة الدولية بشكل كبير، وفشلت قطاعات حيوية مثل الغذاء والطاقة في التعافي من الأزمات المتلاحقة، بدءًا من جائحة كورونا، مرورًا بالصراع في أوكرانيا، وصولًا إلى العدوان على غزة، الذي زاد من حدة التدهور الاقتصادي العالمي.
 
على الصعيد الداخلي في الدول المتورطة في الصراع، هناك عامل لا يقل أهمية، وهو تنامي دور الجماعات المسلحة على حساب الدولة المركزية. هذا التنامي أدى إلى اشتباك هذه الجماعات، مما ورط الدول في حروب شاملة قد تلتهم كل شيء في حال توسع نطاقها أو فشل السيطرة عليها.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق