قانون الإجراءات الجنائية الجديد.. انتصار للعدالة الناجزة
الأربعاء، 28 أغسطس 2024 11:39 ص
يمثل مشروعُ قانون الإجراءات الجنائية الجديدِ نقلةً نوعيةً في تعزيز النظام القضائي المصري، بما يتماشى مع متطلبات العصر الحديث ويحقق العدالة الناجزة، وهو خطوةٌ مهمةٌ لتطويرِ منظومةِ العدالة، وتحقيق توازن بين حماية حقوق المواطنين ومتطلبات العدالة الجنائية، مع الالتزام بالمعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
إن القانون الحالي للإجراءات الجنائية صدر منذ عام 1950، وكان يتماشى مع دستور 1923. ومع مرور ثلاثة أرباع قرن على تطبيقه، بات من الضروري تعديل القانون ليتوافق مع الدستور الحالي ومتطلبات العصر وخلق مزيد من مناخ الحرية الذي يتسق مع مبادئ الجمهورية الجديدة. والتعديلات الجديدة تهدف إلى تحقيق العدالة الجنائية بشكل يتماشى مع النصوص الدستورية، مع حماية الشهود والمتهمين، وضمان حقوقهم في سبل التقاضي العادلة والتعويض المناسب.
لعب الحوار الوطني دورًا محوريًا في صياغة التعديلات المتعلقة بالحبس الاحتياطي، حيث قدم منصة للمصارحة والمصداقية، مما أسهم في التوصل إلى حلول تتماشى مع الاحتياجات المجتمعية الحالية. ومن أبرز التعديلات تخفيض مدد الحبس الاحتياطي، ما يعكس رؤية جديدة لضمان عدم تحول الحبس الاحتياطي إلى عقوبة فعلية، وكذلك إدخال بدائل تكنولوجية لمراقبة المتهمين بدلًا من احتجازهم.
تتضمن التعديلات الجديدة العديد من الضمانات لحماية حقوق المتهمين والشهود، بما في ذلك إجراءات تعويض المتهمين عن الحبس الاحتياطي في حال ثبوت براءتهم. كما يشمل المشروع نصوصًا تحمي حقوق ذوي الهمم، وتضمن توفير الدعم الفني اللازم لهم خلال جميع مراحل التحقيق والمحاكمة. بالإضافة إلى ذلك، يمنح المشروع المرأة الحامل حقوقًا خاصة تتعلق بتأجيل تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية والاتفاقيات الدولية.
ويؤشر القانون إلى أن الدولة تسعى لتطوير التشريعات بما يتماشى مع المستجدات المجتمعية والتحديات القانونية، ويعزز مبدأ سيادة القانون ويواكب التطورات التكنولوجية الحديثة، بما في ذلك الاعتراف بالأدلة الرقمية في المحاكم. كما يسهم المشروع في تسريع إجراءات التقاضي وتقليل التكدس القضائي، مما يضمن تحقيق العدالة الناجزة.
ويأتي استجابة لتوصيات الحوار الوطني، وخاصة فيما يتعلق بتخفيض مدد الحبس الاحتياطي، ويهدف إلى تحقيق التوازن بين حماية الأمن القومي وضمان حقوق المواطنين، مع التأكيد على أهمية التعويض عن الحبس الاحتياطي في حال ثبوت براءة المتهم.
ويركز القانون الجديد على تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، من خلال مناقشة مستفيضة لفكرة التعويض عن الحبس الاحتياطي. وأكد أن القانون يرسخ لمبدأ الحكم على درجتين، ما يتيح للمحكوم عليه الطعن على الحكم وإعادة محاكمته، ويساهم في تحقيق العدالة الناجزة وضمان حقوق الدفاع.
إذًا يُعد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد خطوةً مهمةً نحو تحقيق العدالةِ الجنائيةِ وحمايةِ حقوق الإنسان في مصر. من خلال التعديلات المقترحة، يسعى القانون إلى تحديث النظام القضائي ليتماشى مع المعايير الدولية، ويعزز مناخ الثقة بين الدولة والمواطنين. هذا المشروع ليس مجرد تعديل قانوني، بل هو جزء من رؤية أوسع لبناء جمهورية جديدة تقوم على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.