الدور المصري المتنامي في المؤسسات الدولية.. تشكيل جديد ومهام موسعة
الثلاثاء، 27 أغسطس 2024 02:52 مهانم التمساح
شهدت الآونة الأخيرة تعزيزًا ملحوظًا لدور مصر في المؤسسات الدولية، حيث أصبحت القاهرة تلعب دورًا متزايد الأهمية على الساحة العالمية، هذا الدور المتنامي يأتي في إطار سعي مصر إلى تعزيز موقعها كقوة إقليمية مؤثرة، ويدعم جهودها لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، في هذا التحقيق، نستعرض كيف تطورت مساهمات مصر في المنظمات الدولية، وما الذي يعنيه التشكيل الجديد والمهام الموسعة لهذه المؤسسات بالنسبة لمصر.
منذ فترة، تسعى مصر جاهدة لتعزيز تواجدها في المنظمات الدولية والإقليمية، وذلك من خلال المشاركة الفعالة في الاجتماعات والقمم، وتقديم مقترحات عملية تساهم في حل النزاعات وتحقيق التنمية المستدامة، كان من بين أبرز ملامح هذا الدور هو ترؤس مصر للعديد من الجلسات الهامة في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى دورها البارز في الاتحاد الأفريقي، حيث تولت رئاسته عام 2019، هذا التوجه يعكس استراتيجية مصرية واضحة لتعزيز الدبلوماسية النشطة، وتحقيق مصالحها الوطنية على مستوى عالمي.
التشكيل الجديد والمهام الموسعة
مؤخرًا، تم الإعلان عن تشكيل جديد للبعثات المصرية في المؤسسات الدولية، مصحوبًا بمهام موسعة تتعلق بالسلام والأمن والتنمية، هذا التشكيل الجديد لم يقتصر على تعيين شخصيات جديدة فقط، بل شمل أيضًا توسيع دائرة المهام لتشمل قضايا مثل مكافحة الإرهاب، التغير المناخي، وحقوق الإنسان، ويأتي هذا التوسع في المهام كجزء من رؤية مصر للعب دور أكثر فعالية في مواجهة التحديات العالمية، خاصة تلك التي تؤثر بشكل مباشر على منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وضم التشكيل تعيين الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، محافظًا لجمهورية مصر العربية لدى مجموعة البنك الدولي، ومحافظًا لمصر في مجلس محافظي المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية، كما تم تعيينها محافظًا مناوبًا في البنك المركزي الأفريقي وبنك التنمية الجديد التابع لتجمع البريكس.
بالإضافة إلى ذلك، تم تعيين محافظ البنك المركزي محافظًا لمصر لدى صندوق النقد الدولي، بنك التنمية الأفريقي، وصندوق النقد العربي، بينما تولى وزير المالية منصب المحافظ المناوب في هذه المؤسسات، كما شمل التعيين وزير الزراعة واستصلاح الأراضي كمحافظ لمصر لدى الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (الإيفاد) والهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، ووزير الاستثمار والتجارة الخارجية كمحافظ لمصر في بنك شرق وجنوب أفريقيا للتجارة والتنمية (بنك الكوميسا).
وذكر تقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات، حول دور مصر في منظمات الأمم المتحدة، أن مصر تعد إحدى الدول المؤسسة للأمم المتحدة وأحد أعضائها الفاعلين فى كافة تنظيماتها ووكالاتها المتخصصة الدولية والإقليمية، وذلك من منطلق إيمانها بأهمية وجود تنظيم دولى متعدد الأطراف يتسم بالفاعلية، بما يسهم فى تعزيز جهود التوصل إلى حلول سياسية للأزمات الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى مناقشة القضايا الاقتصادية والتنموية والاجتماعية ذات الاهتمام الدولى.
و قالت الهيئة، أنه منذ بدأت مصر عضويتها فى المنظمة الدولية مع انطلاقها فى 24 أكتوبر عام 1945، تبدى السياسة المصرية تجاوباً كبيراً فى التفاعل مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة التابعة لها، وتدعو دوماً للاحتكام للقرارات الصادرة عنها، وتعمل على الالتزام بصون السلم والأمن الدوليين، وتنمية العلاقات الودية مع شعوب العالم، وتعزيز التقدم الاجتماعي، وتحسين مستويات المعيشة وحقوق الإنسان.
و أكد التقرير الصادر عن الهيئة، أن مصر تحرص بشكل دائم على المشاركة الفاعلة في كافة أنشطة الأمم المتحدة في المجالات السياسية وقضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية وضبط التسلح على المستويين الإقليمى والدولى، كما تعد مصر من الدول التى لها تمثيل كبير فى المجالس التنفيذية والهيئات والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، وتتمتع بثقل سياسى متزايد فى الشئون الدولية انطلاقاً من دورها العربى والإقليمى والقارى، حيث مواقف مصر الحاسمة والملتزمة تجاه حقوق ومصالح دول الجنوب ومشاركتها فى العديد من عمليات حفظ السلام فى مختلف القارات، وتحرص مصر أيضاً على المشاركة الفاعلة فى اجتماعات الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، لعرض مواقفها وتوجهات سياستها الخارجية إزاء القضايا الإقليمية والدولية المختلفة.
وتسثمر مصر علاقاتها في المنظمات الدولية سياسياً واقتصادياً لاسيما فيما يتعلق بالمشروعات القومية العملاقة والتى يمكن للمستثمرين الأجانب المشاركة فيها بجانب بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتبادل الرؤى حول التعامل مع التحديات الراهنة على المسرح الدولى وتنسيق المواقف بشأن الموضوعات المطروحة على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا سيما فى ظل تنوع القضايا والأزمات المرتبطة بمنطقتى الشرق الأوسط وأفريقيا والدور الهام الذى تضطلع به مصر إزاء تلك القضايا نظراً لعضويتها الحالية فى كل من مجلس الأمن الدولى ومجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقى
ولعبت مصر دورا رئيسيا فى تسوية الكثير من النزاعات منذ إنشاء الأمم المتحدة بصفتها عضوا مؤسسا فى عدد كبير من المنظمات الدولية وعلى رأسها جامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقى، ومنظمة التعاون الإسلامي،ولعل أحد المجالات الأساسية المرتبطة بتسوية النزاعات، والتى احتلت مصر فيها موقعا مميزا هو مجال عمليات حفظ السلام، حيث دعمت مصر هذه العمليات منذ تأسيسها عام 1948، وكانت أول مساهمة مصرية فى عمليات حفظ السلام فى الكونغو عام 1960، ومنذ ذلك الحين ساهمت مصر فى 37 مهمة لحفظ السلام، بنحو 30 ألفا من ضباطها وجنودها بالجيش والشرطة، تم نشرهم فى 24 دولة فى أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية.
وتعتبر مصر حاليا من الدول الرئيسية فى عمليات حفظ السلام، حيث تساهم حاليا بـ 2659 من أفراد الجيش والشرطة فى تسع مهمات لحفظ السلام حول العالم، كما قدمت مصر أرواح 28 من أبنائها من أجل تحقيق السلام، وتستضيف مصر مركز القاهرة الإقليمى لتسوية المنازعات وحفظ السلام فى أفريقيا الذى أنشأته وزارة الخارجية المصرية عام 1994، وهو أحد مراكز التميز الأفريقى فى مجال حفظ السلام.