حكومات الغرب تكذب

الثلاثاء، 20 أغسطس 2024 03:56 م
حكومات الغرب تكذب
حسام الدين على

لطالما قدمت الدول الغربية نفسها كحامية لحقوق الإنسان وحرية التعبير، معتبرة تلك القيم أساسية لديمقراطياتها وأنهم الاساتذة ونحن التلاميذ الذين يجب أن نستمع لتوجيهاتهم. إلا أن الأحداث الأخيرة المرتبطة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والتي مر عليها أكثر من 300 يوم قد كشفت عن تناقضات واضحة بين هذا الخطاب المثالي والممارسات الفعلية على أرض الواقع.
 
تمثلت هذه التناقضات في قمع تظاهرات دعم غزة في مختلف الجامعات في أوروبا وأمريكا، وكذلك إغلاق حسابات العديد من المؤثرين مثل باسم يوسف على منصة X، و أيضا تقليل انتشار المواد التي تهاجم الجرائم الإسرائيلية حيث تتحكم منصة فيسبوك او اكس في عدد من يشاهدون اي مواد توثق الجرائم الإسرائيلية. كل هذه الأحداث تبرز كيف أن ملف حقوق الإنسان وحرية التعبير يستخدم كأداة سياسية بيد الغرب للضغط على الحكومات غير الموالية لها، بينما يتم تجاهل هذه القيم عندما تتعارض مع مصالحهم.
 
رأينا جميعا عبر بعض الشاشات التلفزيونية في العديد من العواصم الغربية، خرجت مظاهرات حاشدة لدعم غزة والتنديد بالجرائم الإسرائيلية. لكن هذه التظاهرات غالباً ما قوبلت بقمع شديد من قبل السلطات المحلية. في فرنسا، على سبيل المثال، تم حظر بعض المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين تحت ذريعة "الحفاظ على الأمن العام"، وهو ما أثار انتقادات واسعة حول انتهاك حقوق التظاهر والتعبير السلمي، في الولايات المتحدة، شهدت بعض المدن استخدامًا مفرطًا للقوة ضد المتظاهرين، مما يعكس ازدواجية في التعامل مع حق التظاهر بين السياقات المختلفة.
 
منصة X (تويتر سابقًا) قامت بإغلاق حسابات العديد من المؤثرين الذين انتقدوا السياسات الإسرائيلية، بما في ذلك حساب الكوميدي والمعلق السياسي المصري الأمريكي الساخر باسم يوسف. وهو المعروف بانتقاده الحاد للحكومة الأمريكية وأعضاء الكونجرس، وجد نفسه هدفًا للرقابة الرقمية عندما بدأ في التعبير عن دعمه للفلسطينيين وانتقاده للجرائم الإسرائيلية. هذه الخطوة تكشف عن تواطؤ بعض شركات التكنولوجيا الكبرى ومواقع التواصل الإجتماعي مع أجندات سياسية معينة، حيث يتم إسكات الأصوات الناقدة لإسرائيل بينما تُترك الحسابات التي تنشر الكراهية والتحريض بدون رقابة تذكر.
 
وإلى جانب إغلاق الحسابات، لوحظ بوضوح شديد من العديد من النشطاء والصحفيين أن المواد التي تنتقد إسرائيل أو تدعم القضية الفلسطينية غالبًا ما تقل نسبة انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي. خوارزميات منصات مثل فيسبوك وإنستغرام قد تم تعديلها بشكل يجعل من الصعب وصول تلك المواد إلى جمهور واسع، مما يعد شكلًا من أشكال الرقابة الرقمية الحديثة. هذا التضييق على المحتوى يكشف عن مدى استخدام التكنولوجيا لتحقيق أهداف سياسية، بعيدًا عن القيم المعلنة حول حرية التعبير.
 
اللافت للنظر أن هذه السياسات القمعية تتناقض تمامًا مع الخطاب الغربي حول حقوق الإنسان وحرية التعبير، الذي يتم استخدامه بشكل مكثف ضد الدول التي تُعتبر غير موالية للغرب. في الشرق الأوسط، غالبًا ما يتم تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في دول معينة كوسيلة للضغط السياسي، بينما يتم تجاهل الانتهاكات في دول أخرى طالما أنها تتماشى مع المصالح الغربية. هذا التناقض يبرز كيف أن حقوق الإنسان ليست سوى أداة سياسية يتم توظيفها حسب الحاجة، وليس التزامًا مبدئيًا كما يتم الترويج له.
 
لقد تأكد ان الدفاع الغربي عن حرية الرأي وحقوق الإنسان ما هو إلا اكذوبة كبيرة . فبينما يتم قمع التظاهرات الداعمة لغزة، وإغلاق حسابات المؤثرين، وتقليل انتشار المواد المناهضة لإسرائيل، يظهر بوضوح أن هذه القيم يتم الالتزام بها فقط عندما لا تتعارض مع المصالح السياسية والاقتصادية للغرب. إن هذه الازدواجية لا تقوض فقط مصداقية الغرب في الدفاع عن حقوق الإنسان، بل تساهم أيضًا في زيادة الشكوك والعداء تجاه سياساته في العالمين العربي والإسلامي.

مهندس حسام الدين علي 
النائب الاول لرئيس كتلة الحوار ورئيس حكومة الظل

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق