إصلاحات الحبس الاحتياطي.. كيف تعكس توصيات الحوار الوطني الأخيرة التزام مصر بتحسين حقوق الإنسان؟

الإثنين، 19 أغسطس 2024 03:23 م
إصلاحات الحبس الاحتياطي.. كيف تعكس توصيات الحوار الوطني الأخيرة التزام مصر بتحسين حقوق الإنسان؟
هانم التمساح

تتسم جلسات الحوار الوطني بالتنوع والتعدد والتخصص، وهو ما يثري الجلسات والحوار ويساهم في الخروج بتوصيات ورؤى مهمة ومخرجات قابلة للتطبيق، ولعل  ما  أولاه مجلس أمناء الحوار الوطني من اهتمام بقضية الحبس الاحتياطي، يأتي استكمالا للالتزام والاهتمام البالغين والمستمرين من الحوار الوطني بقضايا حقوق الإنسان في مصر، ومن بينها القواعد المنظمة للحبس الاحتياطي، باعتبارها من القضايا المرتبطة بترتيب أولويات العمل الوطني في المرحلة المقبلة ، ويعبر عن التزام مصر بتحسين ملف حقوق الإنسان، على النحو الذي انطلقت به دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي في إفطار الأسرة المصرية بإطلاق دعوة الحوار، ووضعا في الاعتبار الجهود المبذولة المقدرة من جميع مؤسسات الدولة وأجهزتها بهذا الشأن.
 
وتحظى توصيات الحوار الوطنى باهتمام كبير من القيادة السياسية والحكومة، وأن الرئيس السيسي يحرص على توجيه الحكومة إلى تنفيذ التوصيات والمخرجات، ولذلك الحكومة اعتمدت في برنامجها الذي عرضته على البرلمان مخرجات وتوصيات الحوار الوطني ضمن محاوره وأهداف البرنامج.
 
جدير بالذكر أن مجلس أمناء الحوار الوطني عقد عدة جلسات متخصصة لمناقشة قضية الحبس الاحتياطي والقواعد المنظمة لها وما يرتبط بها من مسائل، باعتبارها جزءًا أصيلا من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وكانت هذه الجلسات معبرة عما دأب عليه الحوار الوطني من تنوع وتعدد وتخصص. 
 
و ناقش مجلس الأمناء في هذه الجلسات الموضوعات التالية: مدة الحبس الاحتياطي- بدائل الحبس الاحتياطي- موقف الحبس الاحتياطي في حالة تعدد الجرائم وتعاصرها-  التعويض عن الحبس الاحتياطي الخاطئ-  تدابير منع السفر المرتبطة بقضايا الحبس الاحتياطي، واتخذ مجلس الأمناء قرارًا برفع التوصيات إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، فور انتهاء الجلسة مصحوبة بقائمة تتضمن عددًا من المحبوسين ووضعها تحت بصره.
 
تحديات كبيرة
 
ولا تزال حقوق الانسان في مصر تواجه تحديات كبيرة، وتعود أسباب هذه التحديات لغياب الإرادة السياسية في عصور سابقة ولبعض الموروثات الثقافية المترسخة لدى بعض فئات المجتمع، التي تتعارض مع قيم ومبادئ حقوق الإنسان في مجملها، غير أن الحكومة المصرية، خلال السنوات الست الماضية، قامت باتخاذ عدة خطوات إيجابية لمعالجة بعض التحديات ذات الصلة بحقوق الإنسان، أهمها تشكيل اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، برئاسة وزير الخارجية 2018، ثم الالتزام بتقديم التقارير الدولية في مواعيدها بعد انقطاع دام سنوات طويلة، وتعد الآن التقرير الوطني للجولة الرابعة من الاستعراض الدوري الشامل والمأمول تقديمه يناير 2025 الذى يستعرض الجهود الوطنية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في البنية الدستورية والتشريعية، وبناء المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، وبناء القدرات الوطنية في ذات المجال، باعتبار حقوق الإنسان متأصلة في الكرامة الإنسانية، وهى عالمية مترابطة ومتشابكة وغير قابلة للتجزئة، علما بأن الديمقراطية وحقوق الإنسان مترابطان ويعزز كل منهما الآخر، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في 2021، وإعادة تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان 2018.
 
إرادة سياسية حقيقية 
 
ومؤخرا صدقت مصر على الميثاق العربي لحقوق الإنسان بموجب القرار الجمهورى رقم 429 لسنة 2018، حيث إن الميثاق يشكل إطارا إقليميا تعاهديا مهما يضع التزامات قانونية ذات صلة بحماية وتعزيز حقوق الإنسان على أغلب الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، وإطلاق فاعليات الحوار الوطنى الذى يضم كل أطياف المجتمع المدنى والقوى السياسية المؤيدة والمعارضة، ولمسنا من خلال هذه التجارب إرادة سياسية حقيقية لإجراء إصلاحات من شأنها أن تساهم فى تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وبالرغم من تطبيق بعض هذه التدابير الإصلاحية بالفعل، تظل الحاجة للمزيد من التدابير والسياسات الإصلاحية الجريئة ضرورة ملحة، مما يستلزم تحفيز الدولة ودعمها على الاستمرار فى نهجها الإصلاحى لتحسين حالة حقوق الإنسان على كافة الأصعدة.

مشروع متكامل للإجراءات الجنائية 
 
الحوار الوطني ومجلس النواب بدورهما  يدرسان مشروعا متكاملا للإجراءات الجنائية، بما يعد مؤشرا على وجود رغبة لمعالجة هذه المسألة، ولكن يبقى التطبيق هو المعيار الذى تقيم به، ومع ذلك، شهدت حالة السجون في مصر تحسنا ملحوظا، حيث تم إصدار القانون رقم 14 لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم السجون وتحويلها إلى مراكـز للإصلاح والتأهيـل، وذلك في إطار خطة الدولة لتطوير المؤسسات العقابية، وقامت الحكومة بإغلاق وهدم نحو 15 سجنا، ويتم نقل النزلاء طبقا للتوزيع الجغرافي للتخفيف عن أسر النزلاء.
 
وتعهدت الحكومة بتحسن حالة حقوق الإنسان على كل الأصعدة، على الجانب الآخر اهتم البرلمان وأصدر عددا من القوانين الداعمة لحقوق الإنسان، مثل رعاية المسنين ومواجهة جريمة التحرش وغيرهما، ولا ننسى دعم الرئيس لتمكين المرأة فى كل مؤسسات الدولة.
  
 وتتقدم مصر- بخطى واثقة - نحو بناء مستقبل يليق بمكانتها وبطموحات شعبها الذى قام بثورتين فى عامى 2011 و2013 مطالبا بالإصلاح السياسى والاقتصادى والاججتماعى وبإعلاء قيم الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، فعلى مدار الست سنوات الماضية، حققت الدولة المصرية العديد من الإنجازات الوطنية المهمة على كل المستويات التشريعية والتنفيذية والمؤسسية، التى تهدف إلى الارتقاء بحياة المواطن، إيمانا منها بأن هذا الارتقاء يأتى بتعزيز واحترام حقوق الإنسان وعلى نحو متساو، وهو الأمر الذى يستلزم بذل المزيد من الجهد للتغلب على التحديات المتراكمة، والتصدى لأوجه النقص القائمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق