خطيب الجامع الأزهر لطلاب الثانوية والمعلمين والآباء: أعيدوا النظر في مفاهيم النجاح

الجمعة، 09 أغسطس 2024 05:50 م
خطيب الجامع الأزهر لطلاب الثانوية والمعلمين والآباء: أعيدوا النظر في مفاهيم النجاح
منال القاضي

ألقى الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، خطبة الجمعة، اليوم، 9 أغسطس 2024، بالجامع الأزهر، ودار موضوعها حول "دروس من الشهادة الثانوية".

قال الدكتور محمود الهواري: إن الشهادة الثانوية تمثل محطة فارقة في حياة الطلاب وأسرهم ومجتمعاتهم، ولا شك أن العلم هو ساحة التنافس الحقيقية بين الأمم، ولا تاريخ لأمة تقدمت؛ إلا بتاريخ تقدمها العلمي.

وأضاف أن ديننا الحنيف قد حث على طلب العلم في آياته وأحاديثه، مؤكدًا أن العلم ضرورة، دعا إليها الإسلام، فكانت أول كلمة نزلت على النبي- صلى الله عليه وسلم- هي "اقرأ"، وهي دعوة صريحة إلى طلب العلم والمعرفة، ونزول الأمر بـ«اقرأ» في ظلمة الغار إشارة إلى أن العلم يبدد ظلمات الجهل والعادات والتخلف والسلبية والانهزامية.

وأشار القرآن إلى أن الاهتمام بالعلم مقرون باللحظة الأولى لتاريخ الإنسانية، عندما خلق الله جلا وعلا آدم عليه السلام، واختاره ليكون خليفته في الأرض، بما ميزه به سبحانه وتعالى بالعلم والمعرفة، فكان بهذه المنحة وهي منحة العلم، أهلا لخلافة الله في الأرض، أما الجهل وعدم المعرفة فهما يبعدان الإنسان عن كونه خليفة الله في الأرض.

وأكد الأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أن العلم والإيمان وجهان لعملة واحدة، فالعلم يقوي الإيمان، والإيمان يوجه العلم، وأن الإيمان الحقيقي يترسخ باليقين بالقضاء والقدر، فكل ما يحدث لنا بحكمة الله.

وأشار إلى أن أساس السعادة والطمأنينة، هو الرضا بما قسم الله، وعلى كل من لم يوفق في تحصيل الدرجات التي يرجوها؛ ألا يقنط، وأن يواصل السعي الدؤوب لتحصيل العلم، وأن كل إنسان فيه جانب من جوانب التميز، عليه أن يكتشفه، ويستثمره، بما ينفعه، وينفع دينه، ومجتمعه.

وشدد على أن «الأجدر بأصحاب الدرجات الكبيرة، أن يعلموا أن ما أتيح لهم؛ هو من فضل الله ومنته، وأن يتجنبوا الكبر والعجب، متذكرين عاقبة قارون الذي لقي جزاء غروره».

وحذر خطيب الجامع الأزهر، من الانحراف في معايير النجاح السائدة في مجتمعاتنا، حيث يربط الكثيرون، النجاح، بالحصول على درجات عالية، للالتحاق بكليات معينة، وهذا التصور الضيق للنجاح، يتعارض مع الشرع الحنيف، الذي يدعو إلى التفوق في كل المجالات، وهذا ما تؤكده  الحقائق العلمية الحديثة حول تعدد أنواع الذكاء.

وأكد على ضرورة أن نعيد النظر في مفاهيمنا حول النجاح، والابتعاد عن التركيز على جانب واحد فقط من قدرات الإنسان، فالنجاح الحقيقي يكمن في اكتشاف كل فرد لمواهبه الفريدة، واستثمارها بأفضل شكل ممكن لخدمة نفسه ومجتمعه.

وقال إن معيار النجاح الحقيقي، يتجاوز الإنجازات المادية، والمكانة الاجتماعية، فكل فرد يمكن أن يحقق النجاح في حياته، من خلال الالتزام بالقيم الإسلامية، والعمل بجد وإخلاص، والسعي إلى تحقيق الأفضل لنفسه ولمجتمعه، فالمعلم الذي يلهم طلابه، والطبيب الذي يساعد في شفاء المرضى، والمهندس الذي يبني المستقبل، جميعهم أناس ناجحون؛ لأنهم يسهمون في بناء مجتمع أفضل.

وأشار الهواري، إلى أن التعليم الحقيقي لا يقتصر على نقل المعلومات، بل يتعداه إلى تنمية القدرات والإمكانات، وتشكيل الشخصية، وغرس القيم والأخلاق، واكتفاء المؤسسات التربوية بنقل المعلومات من بطون الكتب إلى عقول الطلاب، دون أثر في العقل والفكر والمشاعر والسلوك يحول طلابنا إلى مجرد حواسيب بشرية، ويعد إهدارا لوظيفة المؤسسة التربوية، لأن نهضة الأمم وتقدمها تبنى على الفهم والفكر.  

وناشد خطيب الأزهر، المعلمين، بأن يتحملوا بجد، أمانة تعليم الأجيال، وأن يكونوا قدوة حسنة لهم، فالمعلم ليس مجرد ناقل للمعلومات، بل هو مهندس للعقول، وبانٍ للأجيال، عليه أن يحمي عقول طلابه، بدلا من أن يقعوا فريسة في حصون المتربحين، وأن يزرع فيهم حب المعرفة والأخلاق؛ ليكونوا بذلك قدوة حسنة للأجيال القادمة، لأن كل كلمة ينطقون بها، تؤثر بشكل مباشر في نفوس الطلاب، وعليهم الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يؤذي نفوس الطلاب؛ لأنهم القدوة التي يتعلم منها الأجيال القادمة.

وناشد خطيب الجامع الأزهر، أولياء الأمور، بأن يحافظوا على مسؤوليتهم في رعاية أولادهم، ودفعهم بإيجابية إلى العمل والأمل، دون سلبية أو إحباط.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق