بعد ساعات عصيبة، أخيرا تنفست الأسواق العالمية الصعداء من موجة بيعية قوية، كانت نتيجة طبيعية لبيانات اقتصادية أمريكية مخيبة لآمال مجتمع الأعمال، جعلت المستثمرين يتخوفون من حدوث ركود في أكبر اقتصاد بالعالم.
على مدار أسبوع اكتست أغلب البورصات العالمية، باللون الأحمر، وصارت الأسواء المالية مضطربة في سناريو كارثي يصعب التنبؤ معه بالمستقبل، إضافة إلى القلق الذي خيم على المستثمرين بشأن التأثير المباشر على أموالهم.
كان الأسبوع الماضي الأكثر حدة في عدم اليقين الاقتصادي بتقلبات حادة على مستويات عالمية، أشهرها في وول ستريت، حيث انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بأكثر من 1000 نقطة يوم الاثنين، ما أثار قلق المستثمرين بعد عدة أشهر من الهدوء النسبي، كما قاد بعض أكبر الفائزين هذا العام الانخفاضات في الأسهم، حيث كانت إنفيديا وأمازون وشركات التكنولوجيا الأخرى من بين الخاسرين في هذا اليوم الحافل بـ "اللون الأحمر".
إذًا هناك أسباب منطقية لهذا القلق بشأن الاقتصاد، بما في ذلك سوق العمل التي تظهر علامات على التباطؤ، والإنفاق الاستهلاكي البطيء وعدم الاستقرار الجيوسياسي المتزايد.
في مصر، اهتزت أسواق البورصة إلى حد ما تأثرا بشبح الركود العالمي، لكن سرعان ما استعادت خسائرها وتعافت المؤشرات، ومع ذلك فإن الاقتصاد بوجه عام يؤشر إلى النمو المتصاعد والأرقام الإيجابية تعطي فرصة للمستثمرين العرب والأجانب إلى الدخول للسوق المصرية، وخاصة مع برنامج الحكومة الذي أولى اهتماما للمستثمرين وتسهيل الإجراءات بفرص استثمارية كبرى، مثلما حدث في مشروع رأس الحكمة، والاتجاه صوب الاستفادة من العائدات السياحية والاقتصادية لمنطقة الساحل الشمالي.
وفي ظل التخوفات العالمية من شبح الركود، تباطأ معدل التضخم السنوي في المدن المصرية، في يوليو الماضي، إلى 25.7%، مقابل 27.5% في يونيو، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وعلى أساس شهري، تباطأ التضخم إلى 0.4%، بعد أن ارتفع بنسبة 1.6% في يونيو.
وفقا لمؤشرات الأرقام التي تدعو إلى الإيجابية، يواصل التضخم تراجعه للشهر الخامس على التوالي، والذي كان قد وصل إلى ذروة غير مسبوقة بلغت 38% في سبتمبر الماضي.
ومنذ تحرير سعر الصرف ورفع الفائدة بمقدار 6% في مارس الماضي، يحافظ البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة عند مستواها البالغ 27.25 للإيداع 28.25% للإقراض، وفقا لسياسات معلنة وإجراءات حاسمة أنهت على تجارة السوق السوداء للدولار وتثبيت الأسعار الرسمية لصرف الجنيه.
قبل أسبوع الركود العالمي، نجحت الحكومة في أول شهر من توليها في تنفيذ تعهدتها بتحسين الأوضاع الاقتصادية وجاءت المؤشرات والأرقام مبشرة بالخير واستطاعت الحكومة ممثلة في وزارة المالية في تحقيق فائض أولى قدره 857 مليار جنيه، مقارنةً بنحو 164 مليار جنيه في العام المالي السابق، وذلك على الرغم من الصدمات التي أثرت على النشاط الاقتصادي، وأن وزارة المالية قامت بتلبية مختلف احتياجات قطاع التعليم، والتي بلغت نحو 256 مليار جنيه، مقارنة بنحو 230 مليار جنيه في الموازنة الأصلية، كما اتاحت احتياجات قطاع الصحة، والتي بلغت نحو 180 مليار جنيه، مقارنة بنحو 148 مليار جنيه في الموازنة الأصلية، وسددت الخزانة العامة مستحقات صندوق التأمينات والمعاشات التي بلغت 185 مليار جنيه، كما سددت كافة المستحقات الخاصة بدعم السلع التموينية بقيمة 133 مليار جنيه، مقارنة بنحو 128 مليار جنيه في الموازنة الأصلية، لافتا إلى أن ذلك بجانب زيادة أجور ومرتبات العاملين بأجهزة الموازنة، وتوفير مخصصات كافية لمختلف بنود الدعم وبرامج الحماية الاجتماعية، ساهم في زيادة المصروفات بمعدل نمو سنوي قدره 37.4%.
حققت الإيرادات نمواً سنوياً بنحو 59.3% خلال العام المالي 2023/2024، كما حققت الموازنة عجزاً كلياً أقل مما هو مدرج بالموازنة المعدلة بنحو 706 مليارات جنيه، منوهاً في هذا الصدد إلى انخفاض العجز الكلي في الموازنة العامة خلال العام المالي 2023/2024، حيث بلغ نحو 505 مليارات جنيه، مقارنةً بعجز قدره نحو 610 مليارات جنيه في العام المالي السابق.
في الوقت الذي يواجه العالم حالة كبيرة من التضخم الاقتصادي بفعل الارتفاع الرهيب في الأسعار جاءت الأرقام لتؤكد تراجع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مصر إلى 27.5 %في يونيو من 28.1 % في مايو، وبذلك فقد واصلت معدلات التضخم التباطؤ للشهر الرابع على التوالي ليستكمل مسار هبوط التضخم، وأكدت بيانات المركزي للتعبئة العامة والإحصاء على تراجع انخفاض أسعار مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية، مجموعة الزيوت والدهون بنسبة وانخفاض أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة "-2.6%"، انخفاض أسعار مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة"-1.0%".
كشفت أرقام البنك المركزي عن ارتفاع صافى الاحتياطيات الأجنبية مسجلا 46.384 مليار دولار بنهاية شهر يونيو 2024 مقارنة بنحو 46.125 مليار دولار فى نهاية شهر مايو 2024 بارتفاع قدره نحو 259 مليون دولار فاستمرار ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى للشهر الرابع على التوالي، كما تصاعدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال شهر مايو 2024 بمعدل 73.8% - على أساس سنوى - لتصل إلى نحو 2.7 مليار دولار، مقابل نحو 1.6 مليار دولار خلال شهر مايو 2023 ، كما ارتفعت بمعدل 26.6% مقارنة بالشهر السابق مباشرةً إبريل 2024 والتي سجلت خلاله نحو 2.2 مليار دولار..
وساهم ارتفاع الاحتياطي الاجنبى لمصر في قدرته على الوفاء بالتزامات الدين الخارجي فقد تم تسديد 25 مليار دولار من الدين العام في الفترة الماضية، وسنسدد في 2024 مبلغ موازيا، فرغم كل الازمات الإقليمية والعالمية إلا إن الدولة لم تتخلف عن سداد الديون الخارجية ووصلت إلى تسديد 20% من الديون الخارجية وستستمر مسيرة الإصلاح في الوفاء بباقى الديون.
وأعلن البنك المركزي عن تراجع الدين الخارجي لمصر ليسجل 153.86 مليار دولار أمريكي في نهاية مايو 2024 مقابل 168.03 مليار دولار أمريكي في نهاية ديسمبر 2023 بانخفاض قدره 14.17 مليار دولار بنسبة تقدر بحوالي 8.43%، مشيرًا إلى أن هذا الانخفاض خلال فترة الخمسة أشهر محل المقارنة يُعد الأكبر حجما في تاريخ المديونية الخارجية على الاطلاق.
وما يؤكد المؤشرات الإيجابية لمصر ما أعلنته منصة "بيزنس إنسايدر" المختصة فى الشأن الإفريقى، تصدر مصر قائمة دول شمال إفريقيَا، كأفضل وجهة للاستثمار الأجنبى لعام 2024.
ستند التصنيف على تطور البنية التحتية والتكنولوجيا والأمن والمناخ السياسي، ما جعلها ملاذًا آمنا للشركات الأجنبية التي تتطلع إلى توسيع نفوذها.
استند التصنيف على عدة مقاييس أخرى، منها الناتج المحلي الإجمالي، نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، هيكل النمو، توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي، حجم السكان، النمو السكاني، التحضر، استقرار النقد الأجنبي والسيولة، الحرية الاقتصادية.
وأضاف "بيزنس إنسايدر" أن الاستثمار الأجنبي المباشر يغذي النمو الاقتصادي بشكل كبير ما ينتج عنه حلقة تغذية مرتدة إيجابية من الثروة والتوسع؛ حيث طورت العديد من البلدان الأفريقية في السنوات الأخيرة بيئة مواتية للاستثمارات المحلية والأجنبية.