مخاوف من حرب شاملة.. كيف تؤثر تصاعد التوترات بين «إيران وإسرائيل» على استقرار الإقليم؟
الإثنين، 05 أغسطس 2024 01:50 م
تداعيات خطيرة تنتظر إقليم الشرق الأوسط، إثر مخاوف من اندلاع حرب بين إيران وحلفائها من جانب وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية من جانب أخر، لن تؤثر فقط على الجوانب السياسية بل ستمتد أثارها إلى الجانب الاقتصادي، إذ من المتوقع أن تتسبب الحرب المحتملة في انخفاض وتراجع في معدلات الإنتاج في جميع دول الجوار، بسبب اضطراب سلاسل الإمداد وتوقف حركة الطيران وتراجع القطاع السياحي، وسط توقعات بأن تكون الأثار كارثية وأكبر بكثير من أثار الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي تقرير سابق للبنك الدولي، أكد التقرير أن التوترات المستمرة في الشرق الأوسط تهدد بوقف - أو حتى تقويض - بعض جوانب التقدم المحرز مؤخرا في معالجة التضخم العالمي، وأن تصاعد التوترات في المنطقة بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تسببت في ارتفاع أسعار النفط، وهو ما يُشكل ضغوطا تصاعدية على أسعار السلع الأساسية، فضلا عن تفاقم التضخم العالمي. وهو ما توافق عليه أيضا عدد من السياسيين وخبراء الاقتصاد، الذين أكدون أن هذه الحرب سيكون له تأثيرات غير متوقعة على العالم باعتبار أن منطقة الشرق الأوسط وخاصة منطقة الخليج لها مساهمات كبيرة في سوق النفط والغاز الطبيعي العالمي.
ماذا عن الاقتصاد المصري؟
يرى مراقبون، أن التوترات الإقليمية الجارية على الساحة سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي وليس فقط دول المنطقة، محذرين من مغبة تطور التصعيد وصوله إلى حرب إقليمية مشيرين في الوقت ذاته إلى أن أسواق النفط شهدت ارتفاعات كبيرة خلال الساعات الماضية ليتخطى سعر البرميل 80 دولار قابلة للزيادة في حال حدوث تطورات أو عمليات عسكرية جديدة.
وبحسب المراقبين، فإن الحرب الروسية الأوكرانية كان لها تأثير سلبي على جميع دول العالم، فماذا لو كانت الحرب في منطقة الشرق الأوسط؟! مؤكدا أن أي صراع جديد في المنطقة سيكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد المصري حتى لو لم تكن أحد أطراف هذه الحرب، قائلا: «الجميع سيتضرر من الحرب بدرجات متفاوتة فالأمر سيمثل ضربة عنيفة للاقتصادي العالمي والمصري».
وأكد المراقبون، أن الحرب ستكلف الموازنة المصرية أعباء إضافية خاصة أن استمرار التوتر أو إندلاع حرب سيؤدي إلى تراجع حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس، ومن ثم مزيد من الأضرار وتراجع مستمر في إيرادات قناة السويس، داعيا دول العالم لاحتواء الصراع الحالي ومنع تطوره وأن يقتصر على ضربات محدودة تنتهى بإعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والبحث عن مسار سياسي للتعامل مع الصراعات القائمة.
بدوره، أكد الدكتور مصطفي أبوزيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن التوترات الأخيرة والتصعيد الخطير في الشرق الأوسط سيكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي والمصري، مشيرا إلى أن انزلاق المنطقة في حرب إقليمية سيكون هناك تأثيرات مباشرة على أسعار النفط والسلع والمنتجات مما سيكون له تأثير على ارتفاع معدل التضخم العالمي والتي تجاهد البنوك المركزية فى السيطرة عليه ووضعه على مسار نزولي.
وبحسب «أبوزيد»، فإن الحرب ستؤدى بكل تأكيد إلى عدم انتظام حركة سلاسل الإمداد في البحر الأحمر والذى بدوره ينعكس بالسلب على اتخاذ مسارات بديلة أطول في المسافة وأكثر تكلفة وخطورة مما يساهم في استهلاك وقود أكثر وارتفاع في تكلفة التأمين على السفن إلى جانب ارتفاع فى تكلفة الشحن مما يساهم في ارتفاع أسعار البضائع المحملة على تلك السفن، منوها عن أن التوتر فى الشرق الأوسط سيكون له تأثير مباشر على أسواق المال العالمية فقد شهدت البورصة الأمريكية خسائر بمليارات الدولارات.
وأكد الخبير الاقتصادي، خلال تصريحات صحفية، أن مصر ستكون أحد المتضررين من هذه الحرب، موضحا أن هذا التوتر سيكون له تداعيات سلبية على حركة المرور بقناة السويس والتي بالفعل متأثرة منذ بداية الأحداث وحتى الآن، حيث تراجعت إيراداتها إلى 200 مليون شهريا مقابل 800 مليون شهريا قبل الأحداث، بالإضافة إلى التأثير على حركة الطيران وبالتالي التأثير على قطاع السياحة، إلى جانب الضغوط على الموازنة العامة للدولة فيما يتعلق إمكانية خروج جزء من استثمارات الاجانب في أذون الخزانة والتي بلغت 32 مليار دولار، مما قد يسبب نقص فى توافر السيولة الدولارية فى الاقتصاد المصري.
لكن.. هل تتسع رقعة الصراع؟
وبينما تحبس دول العالم أنفاسها تحسبا لرد إيراني وشيك، غير أن المخاوف لا تتوقف على الرد الإيراني وحسب، بل من اتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط التي هي بالأساس على صفيح ساخن منذ سنوات طويلة. وبحسب مراقبين، فإن التصعيد الخطير الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط وتزايد سياسة الاغتيالات وانتهاك سيادة الدول الأخرى وتأجيج الصراع فى المنطقة، بات يهدد باتساع رقعة الصراع بعد انزلاق قوى إقليمية في الحرب الدائرة الآن من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ليصبح العالم على أعتاب حرب شاملة.
ويؤكد المراقبون، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لديه رغبة في استمرار هذا التصعيد والحرب على قطاع غزة من أجل إطالة أمد محاكمته الداخلية على خلفية قضايا الفساد، وهو مؤشر واضح إلى غياب الإرادة السياسية الإسرائيلية للتهدئة، الأمر الذي يقود العالم إلى الهاوية، مثمنا الجهود المصرية المبذولة رغم التصعيد الحالي من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضمان مسار أمن لنفاذ المساعدات الإنسانية للتخفيف من التدهور الإنساني الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني المحاصر في القطاع.
وأشار المراقبون، إلى ضرورة تحكيم العقل والحيلولة دون خروج الأوضاع الأمنية فى المنطقة عن السيطرة، ووضع حد لسياسة حافة الهاوية، وذلك من خلال تدخل قوى دولية وإقليمية فاعلة من أجل احتواء الموقف الحالي ووقف إطلاق النار في غزة في أقرب وقت ممكن، مشددا على أن الحرب لم تُلقى بتداعياتها السلبية على الشرق الأوسط فقط وإنما ستمتد آثارها إلى جميع دول العالم، وسيدفع العالم كله ثمن التلاعب بمقدرات المنطقة، وتحويلها لساحة صراع دولي.
وأكد المراقبون، أن التصعيد الحالي حذرت منه مصر مرارا وتكرارا لما له من تبعات كارثية على المنطقة بأكملها، منوها عن أن الخطوة الأولى في سبيل إنهاء هذا التصعيد هو إعلان وقف العدوان على غزة واحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني من جانب دولة الاحتلال، وبدء مسار جديد لحل القضية الفلسطينية من خلال اللجوء لمائدة المفاوضات، وعبر الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.