مصر تحذر وتطالب بوضع حد لسياسة حافة الهاوية.. تهور الاحتلال يدفع بالشرق الأوسط إلى الخطر

السبت، 03 أغسطس 2024 08:00 م
مصر تحذر وتطالب بوضع حد لسياسة حافة الهاوية.. تهور الاحتلال يدفع بالشرق الأوسط إلى الخطر
محمد الشرقاوى

- نقلا عن العدد اليومي النسخة الورقية:

- اغتيال هنية فى طهران وفؤاد شكر فى لبنان يستفز «محور المقاومة» للرد على تل أبيب

- الاغتيالات وحالة «اللا مسئولية» الإسرائيلية تؤدى إلى انهيار مفاوضات وقف إطلاق النار فى غزة وتمهد لجولة صعبة من الصراع

 
دخلت الأوضاع فى الشرق الأوسط منحى خطيرا، فبعد اغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، إسماعيل هنية، فى طهران فجر الأربعاء الماضى، ومن قبله بساعات اغتيال القيادى البارز فى حزب الله اللبنانى، فؤاد شكر، فى الضاحية الجنوبية لبيروت، فإن الأمور تتجه على التصعيد. 
 
وتشكل هذه الأحداث تطورا خطيرا من شأنه إشعال فتيل النزاعات فى المنطقة، وزيادة التوتر بين مختلف الأطراف المعنية، ما يهدد بتوسيع رقعة الحرب، خاصة فى غزة، وهو ما أظهره بيان الحرس الثورى الإيرانى، الذى أكد أن «الكيان الصهيونى ودون التقيد بالقواعد والقوانين الدولية وللتغطية على هزيمته لأكثر من 9 أشهر وجرائمه ومجازره بحق عشرات الآلاف من النساء والأطفال الفلسطينيين، لا يتوانى عن أى جريمة.. من دون أى تردد، سيتلقى ردا شديدا ومؤلما من جبهة المقاومة».
 
ماذا حدث؟
 
صباح الأربعاء، نشرت وكالة تسنيم الإيرانية، تفاصيل اغتيال هنية، الذى تواجد فى طهران للمشاركة فى حفل تنصيب رئيس إيران الجديد، مشيرة إلى أنه كان يتواجد فى أحد المبانى الخاصة شمالى طهران عندما استشهد بمقذوف جوى فى حوالى الساعة الثانية فجرا، وفور هذا البيان تتالت بيانات التصعيد. 
 
حماس اعتبرت اغتيال هنية «عملا جبانا، ولن يمر سدى»، وفق تصريحات القيادى موسى مرزوق، كذلك القيادى فى الحركة سامى أبو زهرى، الذى قال إننا «نخوض حربا مفتوحة لتحرير القدس، وجاهزون لدفع مختلف الأثمان».
 
الأمور تتجه للأسوأ، فهذا التصعيد الخطير، ينذر بمخاطر إشعال المواجهة فى المنطقة بشكل يؤدى إلى عواقب أمنية وخيمة، وهو ما أكدته الخارجية المصرية، محذرة من مغبة سياسة الاغتيالات، وانتهاك سيادة الدول الأخرى، وتأجيج الصراع فى المنطقة، وطالبت مصر مجلس الأمن والقوى المؤثرة دوليا، بالاضطلاع بمسئوليتهم فى وقف هذا التصعيد الخطير فى الشرق الأوسط، والحيلولة دون خروج الأوضاع الأمنية فى المنطقة عن السيطرة، ووضع حد لسياسة حافة الهاوية.
 
واعتبرت مصر، أن تزامن هذا التصعيد الإقليمى، مع عدم تحقيق تقدم فى مفاوضات وقف إطلاق النار فى غزة، يزيد من تعقيد الموقف، ويؤشر إلى غياب الإرادة السياسية الإسرائيلية للتهدئة، ويقوض الجهود المضنية التى تبذلها مصر وشركائها من أجل وقف الحرب فى قطاع غزة، ووضع حد للمعاناة الإنسانية للشعب الفسطينى.
 
المؤكد، أن هذه الاغتيالات، تزيد من حدة التوترات فى الشرق الأوسط، حيث قد تدفع حماس وحزب الله إلى الرد بقوة على هذه العمليات، فحزب الله أيضا نالته ذراع تل أبيب، ومن المتوقع أن تؤدى هذه التطورات إلى تصعيد أكبر فى غزة، وجنوب لبنان، وتوسيع نطاق المواجهات، ما يهدد بإشعال الأوضاع بشكل غير مسبوق فى المنطقة. 
 
تقول كتائب القسام الجناح العسكرى لحماس، إن عملية الاغتيال الإجرامية بحق القائد هنية، وفى قلب العاصمة الإيرانية، هى حدث فارق وخطير، ينقل المعركة إلى أبعاد جديدة، مشددة على أن ذلك ستكون له تداعيات كبيرة على المنطقة بأسرها، مؤكدة أن العدو أخطأ التقدير بتوسيعه لدائرة العدوان.
 
وتدفع تطورات الأحداث نحو تطور عسكرى جديد فى المنطقة، فى ظل تشابك محور المقاومة، وتعدد أطرافه فى المنطقة، خاصة حماس وحزب الله، وهو ما سيعرقل عملية السلام فى الشرق الأوسط، حيث ستزيد من صعوبة التوصل إلى تسوية سلمية بين إسرائيل والفلسطينيين، قد تؤدى هذه التصعيدات إلى تأجيل أى مفاوضات محتملة، وإثارة المزيد من العداء بين الأطراف المتنازعة. 
 
تقول وزارة الخارجية القطرية، إن عملية الاغتيال هذه، والسلوك الإسرائيلى المستهتر باستهداف المدنيين المستمر فى غزة من شأنها أن تؤدى إلى انزلاق المنطقة إلى دائرة الفوضى، وتقويض فرص السلام، وهو ما وافقته الخارجية الصينية بتزايد احتمالية أن يؤدى ذلك إلى مزيد من عدم الاستقرار فى الوضع الإقليمى.
 
منذ بداية العدوان الإسرائيلى على غزة، حذرت مصر من مخاطر إطالة أمد العدوان، واتساع رقعة الصراع فى المنطقة، مشددة على ضرورة اتخاذ خطوات جادة ومؤثرة لمنع اتساع رقعة الصراع.
 
وتأتى عمليات الاغتيالات بعد أيام من ضربة إسرائيلية على اليمن، استهدفت منشآت حيوية فى ميناء الحديدة، ما أثار ردود فعل عنيفة من الحوثيين، الذين توعدوا بتصعيد الهجمات على إسرائيل، الذين ردوا بضرب «إيلات»، كتمهيد لرد أوسع وأشمل، ما يعكس تصعيدا عسكريا خطيرا فى المنطقة. 
 
تداعيات خطيرة ومفاوضات مهددة
 
يرى خبراء الشأن الدولى، أن حوادث الاغتيالات وحالة «اللا مسئولية»، التى تتصرف بها إسرائيل، ستؤدى إلى مزيد من التعقد والجمود فى مباحثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، ويصعب الموقف على الوسطاء، الأمر الذى يعطل الإفراج عن الرهائن المحتجزين، وإشعال الأوضاع بشكل كبير، كون رئيس الوزراء الإسرائيلى، نجح حتى الآن فى فرض استراتيجيته لاستمرار الحرب، وعدم وقفها دون القضاء تماما على الحركة.
 
توقيت عملية اغتيال «هنية» فى قلب طهران، يستهدف رسالة واضحة، تفيد بأن إسرائيل تسعى لترسيخ مفهومها لهذه الجولة من الصراع، بأنها ليست فى حرب فقط مع حماس فى غزة، لكن مع إيران وكل أذرعها فى المنطقة، ويقول محمد مرعى، كبير الباحثين بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن الاغتيال جاء بعد أقل من يوم من نجاح إسرائيل فى اغتيال القيادى العسكرى فى حزب الله «فؤاد شكر» بضربة جوية استهدفت مقر إقامته فى الضاحية الجنوبية ببيروت، هو بمثابة رسالة من نتنياهو لطهران أن إسرائيل قادرة للوصول لأى شخصية، وأى قيادة فيما يسمى محور المقاومة مهما كان شكل تأمينها. 
 
يضيف مرعى، أنه بعد هجوم السابع من أكتوبر، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلى بتشكيل وحدة خاصة من الشاباك والموساد الإسرائيلى، وأطلق عليها «نيلى»، منوطة باغتيال قادة حماس فى أى مكان فى العالم، وهى التى قامت بعملية اغتيال فؤاد شكر فى الضاحية الجنوبية ببيروت، ومن قبل ذلك صالح العارورى.
 
وعملية اغتيال هنية، تتجاوز أى عمليات اغتيال نفذتها إسرائيل ضد قادة حماس، وردود الفعل لم تكن بنفس قوة اغتيال صالح العارورى ومحمد الضيف ورائد سلامة، كون رئيس المكتب السياسى، هو الذراع السياسية الأقوى للحركة، يؤكد «مرعى»، أن هذه خطوة متهورة، وتقضى على كل الجهود والمحاولات، التى تبذل لوقف إطلاق النار فى غزة، وتحقيق صفقة لتبادل الأسرى. 
 
ويعنى انهيار المفاوضات، استمرار التصعيد على الجبهة الإسرائيلية مع حزب الله، واشتعال جبهة البحر الأحمر، وتمدد حالة الحرب فى المنطقة، وتحديدا المناطق التى يتواجد بها ما يسمى «محور المقاومة». ويشير الباحث فى الشأن الدولى، إلى نتنياهو، يعبث بالأمن والاستقرار الإقليمى، وعلى المجتمع الدولى أن يتحمل مسئولياته، ويتم التخلى عن عملية الشجب والإدانة، للتحرك الفعلى لدفع إسرائيل بوقف حربها فى غزة، ومنع اشتعال الشرق الأوسط.  
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق