لن يستوعب عقلك ما كاد أن يفعله مخربون في قصة اكتشاف انفصال كوبري سمنود. أعظم المخرجين قد لا تخطر بباله تصوير الفكرة إلى الجمهور قبل أن يتهمه البعض بالمغالاة في تصور الأحداث.
لا أبالغ في ردة فعلي وغضبي على الواقعة. فجأة اكتشفنا أن كوبري سمنود، الذي شهد تطويرا بملايين عام 2021، مثل غيره ضمن خطة تطوير البنية التحتية في الدولة، ظهر فيه جزء كبير منفصل قد يهدده بالسقوط حتى انتشرت أحاديث على السوشيال ميديا بأنه انكسر بالفعل ويهدد بكارثة.
مع تتبع القصة بتفاصيلها، لبيان ما أصل الموضوع، وهل هناك كسر وكيف تترك الأجهزة المعنية الأمور ليصل كوبري مطور صرفنا عليه وتحملنا ميزانيته، إلى تلك النقطة أو بالأحرى لماذا لم تُخصص له صيانة دورية، قبل اكتشافي عندما تحدثت مع مصادري في وزارة النقل، بشأن ما تم نشره وتداوله عبر السوشيال بخصوص حدوث كسر، أن الجزء الرابط بين العوامة وكوبري سمنود على النيل انفصل وتحرك بعيدا... تلقائيا تتابعت الأسئلة على ذهني.. يارب لا يكون ما فكرت فيه وهو «انفصل بسبب الإهمال في التركيب والإنشاء والتطوير» !!!.. لكن حدث أكثر.
بمعاينة حالة كوبري سمنود الملاحي على فرع دمياط والعوامة الخاصة تبين للجنة المعنية أن فصل العوامة عن جسم الكوبري ليس كسرًا، ولا إهمالا، وإنما حدث نتيجة سرقة أجزاء معدنية للكوبري، نعم والله حدث أجزاء الكوبري الجديدة اتسرقت.. يعني طورنا وبنينا وصرفنا واتحملنا وبعدين مفيش خوف من القانون والعقاب فاتسرقنا.
تخيل معي عزيزي هذا المشهد، لصوص سرقوا المسامير والأقراص المعدنية وبعض مهمات تثبيت عوامة الكوبري، وهربوا عادي وبكل بساطة، ولم ترصدهم حتى كاميرا مراقبة، لأن مفيش كاميرات مراقبة، لم يكتشف أحد قبل وقوع كارثة، انفكت بعض الأجزاء، ولو كان لديهم وقت لفكوا الكوبري بالكامل حتة حتة وأنت تعرف وأنا أعرف ذلك.
حمدا لله أننا اكتشفنا الوضع قبل حدوث كارثة للكوبري أو كسر، لم يحدث أي تأثير على جسم الكوبري الرئيسي، وتم تكليف شركة متخصصة لعمل معاينة وفحص لحالة الكوبري بالكامل والبدء الفوري في إعادة تصنيع الأجزاء المفقودة لعمل صيانة شاملة للكوبري.
قبل قصة كوبري سمنود، بشهر تقريبا اكتشف مواطنون ونشروا على صفحات فيس بوك أن أحدهم سرق أجزاء من السوري الحديدي الخاص بأحد الكباري في منطقة شبرا الخيمة محافظة القليوبية. وقتها تحركت الأجهزة الأمنية وضبطت مرتكبي الواقعة واعترفوا وأرشدوا عن مكان المسروقات.
أسطيع أن أسرد لك عشرات القصص والجرائم في هذا الشأن، في بورسعيد السنة الماضية، وفي الإسكندرية السنة قبل الماضية، وغيرهما، ولكن كانت تُكتشف وقتها يُقبض على الفاعلين دون تأثير، إلا أن قصة كوبري سمنود مختلفة هذه المرة، لم يكتشفها أحد إلا بظهور انفصال لأجزاء الكوبري، فتحركنا، فماذا لو كانت تلك الأجزاء ستؤدي إلى كسر أو سقوط، تخيل معي حجم الكارثة.
إذا مرت تلك القصة، التي قد تكون في وجهة نظر أحدهم عادية وتحدث كل يوم ونعرف جميعا ذلك، فإننا أمام انحراف ينخر كالسرطان للدرجة التي يستحيل معها علاجه، لابد من التنسيق الكامل بين هيئة الطرق والكباري مع وزارة الداخلية والأجهزة المعنية، لابد من تركيب كاميرات على كل كوبري وطريق ومشروع، لن تكلفنا شيئا قبل أن نتحمل جميعا فاتورة الكارثة ويضيع كل شيء نبنيه.
نداء إلى المعنيين بالأمر في مختلف القطاعات: أرجوكم لابد من تفعيل الضبطية القضائية فورا، أرجوكم قبلها، غلّظوا العقوبات ليكون من يفعلها عبرة، ألا تصل هذه الجريمة لمستوى القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.. يسرق أجزاء من الكوبري ومن يموت يموت. أرجوكم كثفوا الدوريات لوقف سرقات أجزاء الكباري والأسوار المعدنية والعلامات الإرشادية، طالما يستحل هؤلاء خرق السفية ولا يشغله غرقها بالجميع.