التصفيق لا يطهر المجرم من سفك دماء

الأحد، 28 يوليو 2024 06:00 ص
التصفيق لا يطهر المجرم من سفك دماء
يوسف أيوب

في خطابه الذى امتد لـ55 دقيقة أمام مجلس النواب الأمريكي، لاقى رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، والمتهم دولياً بارتكاب جرائم حرب وإبادة ضد الفلسطينين في قطاع غزة، بنيامين نتانياهو، 81 تصفيقا حارا من أعضاء الكونجرس، الذين أعموا أبصارهم عمداً لكى لا يروا الجرائم التي يرتبكها القاتل نتانياهو كل يوم في حق الشعب الفلسطيني.
 
هذا التصفيق، ومن قبله الاستقبال الذى لاقاه المجرم نتانياهو خلال زيارتهم إلى واشنطن لا تعنى الا شيء واحد، وهو أننا أمام دولة تخلت مطلقاً عن الإنسانية والعدالة، وقررت عبر مؤسستها التشريعية "مجلس النواب" الانحياز في صف القاتل على حساب المقتولين، فإذا كانت الأمريكيين يرون في وجود إسرائيل ضماناً لأمن الشرق الأوسط كما يزعمون دوماً، فما هو مبررهم للجرائم والفضائع التي يرتكبها الاحتلال كل يوم، الا إذا كانوا مباركين ومؤيدين لهذه الجرائم، وأن كل أحاديثهم الأخرى عن السلام وحل الدولتين وغيرها من الشعارات التي طالما نسمعها تردد في الأروقة الأمريكية ما هي الا شعارات وهمية، لا يريدون منها سوى حفظ ماء الوجه.
 
نعم هم يريدون حفظ ماء وجههم المصاب بالعمى والاختلال والإدراك، الذى جعلهم لا يفرقون بين القاتل والمجنى عليه، بل أن القاتل هو فرتبة أعلى اذا كان إسرائيلياً، والمجنى عليه ليس له أية حقوق إذا كان فلسطينيا، والعكس صحيح، فالمجنى عليه إذا كان إسرائيليا فالعالم كله يجب أن ينتفض دفاعاً عن هذا الإسرائيلي المقتول، وبخلاف ذلك فليهدأ الجميع.
 
ما أقوله ليس تبرياً لقتل هذا أو ذاك، وإنما دعوة لكل منصف أن يحكم عقله، فالدماء كلها واحدة، وتوصيفات الإجرام والقتل والإبادة الجماعية واحدة ولا خلاف عليها، الا اذا كان لهذه التوصيفات معنى أخر لدى شراع القانون في الولايات المتحدة الأمريكية.
 
نعم، البيت الأبيض يحاول الظهور ومعه بعض المؤسسات مثل الخارجية والدفاع وغيرها، في صورة المحايدين، رغم الانحياز الواضح لهم إلى جانب تل أبيب. ونعم رأينا كاملا هارس، نائبة الرئيس الحالية، والمرشح الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قالت لنتانياهو خلال استقبالها له إنها أوضحت "مخاوفها الجادة" بشأن الضحايا في غزة، وأخبرت نتنياهو أن كيفية دفاع إسرائيل عن نفسها أمر مهم، لكن "لقد حان الوقت لإنهاء هذه الحرب"، مع التشديد على الحاجة إلى إيجاد طريق لحل الدولتين، لكن ما فعله أعضاء الكونجرس خلال خطاب نتانياهو سيظل الانطباع السائد عن الموقف الامريكى مما يحدث في غزة.
 
ما حدث في مجلس النواب الأمريكي، أعتقد أنه أساء كثيراً للديمقراطية الامريكية، ولصورتها أمام العالم كله، فمهما يكن تأييدك للقاتل، لا يجب أن تصل إلى درجة التباهى أمام العالم كله بتفنن هذا القاتل في تعذيب المجنى عليهم، فالعالم كله يعلم أن يد نتانياهو ملظخة بدماء الأبرياء والأطفال الذين قتلون يومياً على يد الآلة العسكرية الإسرائيلية، فكيف للنواب الأمريكيين أن يكون هذا موقفهم، الا أذا كانوا يريدون القول للعالم كلهم أنهم داعمين للإبادة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق