حكومة نتنياهو فى ورطة.. «العدل الدولية» تنصف الفلسطينيين في وجه الإرهاب الإسرائيلي وتزيد أوجاع الحكومة اليمينية المتطرفة
السبت، 27 يوليو 2024 07:00 م محمود على
- مسئول فلسطينى لـ «صوت الأمة»: رأى المحكمة تاريخى وانتصار للحق والعدالة الإنسانية فى مواجهة حرب الإبادة الجماعية التى تمارس ضدنا
يعيش الاحتلال الإسرائيلى فترة هى الأصعب منذ نشأته قبل 7 عقود، مع ارتفاع حدة المطالب الدولية الداعية إلى محاكمة قادته بشكل عاجل، جراء ما اكتنفوه من مجازر بحق الشعب الفلسطينى على مدار السنوات الماضية وبالأخص خلال الـ10 أشهر الأخيرة، فى الوقت الذى أنصفت فيه محكمة العدل الدولية الشعب الفلسطينى باعتبارها استمرار الاحتلال غير قانونى، والتأكيد على ضرورة إلزام إسرائيل بإنهاء الاحتلال.
وما يضع الاحتلال أمام مأزق حقيقى، هو حجم الضغط الدولى الواقع على إسرائيل بعد إصدار محكمة العدل الدولية رأيها الاستشارى بوضع حدّ لاحتلال الأراضى الفلسطينية المحتلة بعد 1967، داعية إلى إنهاء أى تدابير تسبب تغييرا ديمغرافيا أو جغرافيا، فى خطوة قضائية غير مسبوقة، مؤكدة أن رأيها يعتمد على فرضية أن الأراضى الفلسطينية هى أراض تحت الاحتلال بمقتضى الخطوات الإسرائيلية منذ 67.
وبعد سنوات من التعنت الإسرائيلى بالاستمرار فى بناء المستوطنات، والسعى إلى ضم الأراضى الفلسطينية المحتلة، وهدم كل الطرق للوصول إلى حل الدولتين، قالت العدل الدولية كلمتها، مؤكدة أن «الشعب الفلسطينى المعترف به له الحق فى تقرير مصيره، وإن الأراضى الفلسطينية المحتلة تمثل أراضى ذات وحدة وتواصل وسيادة يجب احترامها»، داعية المجتمع الدولى للتعاون من أجل تطبيق ذلك والامتناع عن تقديم أى دعم لإسرائيل كقوة احتلال.
وعلقت «العدل الدولية» على «سياسات إسرائيل الاستيطانية واستغلالها للموارد الطبيعية فى الأراضى الفلسطينية، مؤكدة أنها «تمثل انتهاكا للقانون الدولى»، مشيرة إلى أن إسرائيل سرّعت من إنشاء مستوطنات جديدة فى الضفة الغربية والتى بلغت أكثر من 24 ألف وحدة استيطانية، مؤكدة أن عليها وقف جميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة.
وفى تصريح خاص لـ«صوت الأمة» قال المتحدث باسم حركة «فتح» الفلسطينية عبدالفتاح دولة، إن رأى محكمة العدل الدولية تاريخى وانتصار للحق الفلسطينى والعدالة الإنسانية، مضيفا أن حكومة «إسرائيل» المتطرفة ما زالت مستمرة فى حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقى بعقلية أيديولوجية صهيونية تعتقد أنها - بمواصلة جرائمها - ستتمكن من إخضاع الشعب الفلسطينى وتهجيره وتصفية القضية الفلسطينية وحلم الشعب الفلسطينى بالحرية والدولة والاستقلال لصالح مشروع الضم والتوسع الاستيطانى الذى يحقق الوهم التلمودى بإقامة «إسرائيل الكبرى».
وحول رد الفعل الإسرائيلى على قرار محكمة العدل الدولية، قال «دولة» إن إسرائيل عبرت صراحة وعبر رئيس وزرائها «نتنياهو» أنه يرفض أى قرار أو رأى يسمح بقيام دولة فلسطينية، مشيرا إلى أن سياسة هذه الحكومة مبنية على منع قيام دولة فلسطينية لصالح الضم والاستيطان والتهجير، ومشروع صهيونى تلمودى وأهم بإقامة «إسرائيل الكبرى» وهذا يتعارض مع الموقف الدولى وما نادت به محكمة العدل الدولية التى رأت ضرورة بقيام دولة فلسطينية، موضحا أن «العالم يدرك أن الحل هو قيام الدولة الفلسطينية وحصول الشعب على حقوقه، فى ظل أن القانون الدولى مسئول مسئولية مباشرة عن توفير الأمن والحماية والاستقرار للدولة والعمل على انتهاء الاحتلال والظلم الواقع عليها»، مضيفا «يجب أن يكون حل القضية الفلسطينية مبنيا على مصلحة الشعب الفلسطينى، والموقف الفلسطينى والعربى الثابت الذى يضع نصب عينيه مصلحة الشعب وصولا إلى حريته، بعيدا عن أية أجندات لا تخدم القضية»، لافتا إلى أن المجتمع الدولى لم يستخدم أية أدوات ضغط حقيقية تجبر الاحتلال على تنفيذ القرارات الدولية، مناشدا بضرورة ترجمة قرار محكمة العدل الدولية إلى فعل حقيقى يجبر الاحتلال على الانصياع إلى تلك القرارات.
وقال دولة إن «إسرائيل تشعر أنها دولة فوق القانون ولم تلتزم بالإجراءات التى طالبت بها محكمة العدل الدولية، مضيفا أنه ينبغى على المجتمع الدولى أن يلزم إسرائيل بالوفاء بالإجراءات التى طالبت بها محكمة العدل الدولية، والمرحلة الحالية تحتاج إلى توافق فلسطينى فى إطار منظمة التحرير الفلسطينية»، مشيرا إلى أنه «يجب توحيد الصف الفلسطينى، ضمن إطار سياسى واحد بعيدا عن أى أجندات خاصة»، مؤكدا أن «الحركة ترصد جميع مجازر الاحتلال ضد شعبنا لدعم قضيتنا فى محكمة العدل الدولية، ونحن أمام جرائم يجب أن يحاكم عليها الاحتلال الإسرائيلى دوليا».
وحول مستقبل القضية، وما يتم العمل عليه فى الفترة المقبلة لتحقيق رأى محكمة العدل والاستفادة القصوى منه، قال «إنه لا بد استخدام أدوات الضغط القانونى، والمضى فى دعم دعوى جنوب أفريقيا الصديقة فى محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال لارتكابه جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطينى، والعمل على تشجيع كل الدول الموقعة على الاتفاقية بالانضمام للدعوى، ومحاصرة ومقاطعة هذا الاحتلال تمهيدا لمحاكمته على ما اقترفه من جرائم، وتعريته ورفع الغطاء عنه، وإنهاء حقبة إعفائه من المساءلة والعقاب».
وأكد «دولة» أن فرص نجاح أى مسعى لتحقيق «حل الدولتين» أو حل قيام الدولة الفلسطينية، هو بمدى جدية وقدرة دول العالم التى تتوافر لديها قناعة راسخة اليوم أن المشكلة فى الاحتلال، وسلوك وعقلية ومخططات مستوى الحكم المتطرف فى منظومة الاحتلال التى تتنكر لحقوق ووجود الشعب الفلسطينى وتمارس بحقه أبشع مجازر الإبادة الجماعية، وتسعى وتتسبب بتوسيع مساحة الصراع والانفجار بالقدر الذى يمس بأمن واستقرار المنطقة، والأمن والسلم العالميين، مؤكدا أنه يجب فرض الحل السياسى المبنى على قرارات الشرعية الدولية، وهذا ما لم يكن إن ظلت تحصل إسرائيل فى عدوانها ومشاريعها التصفوية، على دعم أمريكا ودول من هذا العالم، وظلت تتعامل مع نفسها على أنها فوق القانون، وخارج مربع المساءلة والعقاب.
وكانت محكمة العدل الدولية أكدت أن ترحيل سكان الأراضى المحتلة من أراضيهم كان قسريا، وهو ما يخالف التزامات إسرائيل، كما قالت إن احتجاز الممتلكات الفلسطينية من قبل المستوطنين يخالف التزامات إسرائيل الدولية، مؤكدة أن من اختصاص هذه الهيئة القضائية إبداء رأى استشارى بشأن الوضع القانونى للاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية.
وجاء رد محكمة العدل الدولية بناء على طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ديسمبر 2022 للحصول على «رأى استشارى» غير ملزم بشأن «العواقب القانونية الناشئة عن سياسات إسرائيل وممارساتها فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية»، ويتعلق ذلك بالاحتلال طويل الأمد للأراضى الفلسطينية منذ عام 1967، ودفع رأى محكمة العدل الدولية كثيرون إلى وصفه تاريخى ويعد انتصارا مهما للعدالة والحقّ أولا، وللقانون الدولى كواحدٍ من أهم أدوات الوصول إلى العدالة وإحقاق الحق، فى حين اعتبره البعض أنه سابقة مهمة قد تدفع جميع الدول والمنظمات الدولية اتباعها، ويعكس مدى عزلة إسرائيل ومعاناتها دوليا، حيث رحب منسق الشئون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى جوزيب بور بقرار محكمة العدل الدولية، مؤكدا أنه ينسجم إلى حد كبير مع مواقف الاتحاد الأوروبى.
من جهته، قال فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن الأمين العام أنطونيو جوتيريش، سيحيل على الفور الرأى الاستشارى الصادر عن محكمة العدل الدولية - بشأن الإجراءات المتعلقة بالعواقب القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل فى الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية - إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التى تضم 193 عضوا، و«الأمر متروك للجمعية العامة لتقرر كيفية المضى قدما فى الأمر».