محمد صبحي.. ليس فارسا ولا يملك جوادا «تاريخ ترويج بابا ونيس للخرافات»

الثلاثاء، 23 يوليو 2024 09:40 م
محمد صبحي.. ليس فارسا ولا يملك جوادا «تاريخ ترويج بابا ونيس للخرافات»
طلال رسلان

كلما زادت قيمة الفنان وتاريخه، كان ملزما بالصدق والتحري واحترام عقلية الجماهير، فهم وحدهم أصحاب الحق وهم القاضي والجلاد.
 
«قمة الصدق أن تعترف أنك تكذب» جملة قالها الفنان محمد صبحي في أحد لقاءته، ليضع بها نفسه في مأزق أكبر حجما مما وضعته تصريحاته الأخيرة والتي لم يحترم فيها عقول الناس، ليفقد معها ما حاول طوال تاريخه بناءه من ثقة مع الجمهور.
 
منذ أيام وخلال حوار تلفزيوني، روج الفنان محمد صبحي بقيمته وقامته لخرافات "كروية الأرض" و"تسبب لقاحات كورونا في العقم"، كما ادعى أن مسلسله "فارس بلا جواد" أدى لملاحقته في محكمة لاهاي، وأن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت قدرتها على "تغيير المناخ في أي نقطة في العالم".
 
يبدو أن الفنان القدير تناسى مصداقيته أو نسي أنه أمام كاميرا والناس تتابعه، فراح يقول ما يحلو له، حتى بدون التفكير في منطقية كلامه أو أفكاره التي يسوقها، أو أنه تعمد الاستخفاف بعقول المشاهدين وهذا جرم أكبر.
 
بعودة بسيطة إلى التواريخ والوقائع الرسمية ستجد جريمة مكتملة الأركان من ترويج خرافات الفنان القدير، فلم تهدد أي من الدول التي تشارك قواتها في مهمة حفظ السلام الدولية بسيناء، بالانسحاب اعتراضًا على مسلسل فارس بلا جواد. بل إنه ووقت عرض المسلسل في عام 2002، طالبت الولايات المتحدة الأمريكية، من مصر ودول عربية أخرى بوقف عرض المسلسل، وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية حينها: "لا نعتقد أن من اللائق قيام محطات التلفزيون الحكومية ببث برامج نعتبرها عنصرية ولا أساس لصحتها". ولم يتبع هذا تهديد بسحب قوات حفظ السلام، التي تم نشرها في سيناء منذ عام 1979، والموجودة حتى الآن، بهدف مراقبة تطبيق معاهدة السلام بين مصر والاحتلال الإسرائيلي.

وبالانتقال إلى النقطة الثانية، فإنه لم تُقام قضية في أي من المحكمتين الدوليتين في مدينة لاهاي بهولندا، ضد الفنان محمد صبحي، بسبب مسلسل فارس بلا جواد، وأصلا يوجد بـ"لاهاي" المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية، والأخيرة يُنظر فيها القضايا ضد دول فقط، فيما تختص "الجنائية الدولية"، بمحاكمة أفراد متهمين بارتكاب جرائم شديدة الخطورة مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وبحسب الموقع الرسمي للمحكمة الجنائية الدولية، لا توجد أي دعوى رُفعت ضد "صبحي"... فكيف إذا يدعي أن هناك قضية ضده إلا إذا كان الأمر محض خيال لإظهار بطولته وكأنه ما زال يؤدي مشهد في مسلسل البطولة فارس بلا جواد.
 
وقبل أن نتعجب فالنقرأ هذا التصريح الآخر الذي قاله صبحي بكل أريحية دون أن يرمش له جفن.. قال "يطلع قائد القوات الجوية الأمريكية يقولك في أوائل 2022 يقولك أمريكا تستطيع تغيير المناخ في أي نقطة في العالم.. يعملك تسونامي وفيضانات وزلازل".
 
بالطبع مع تتبع الأحداث والتواريخ، فإن قائد القوات الجوية الأمريكية لم يُصرح بذلك في عام 2022، أو في أي وقت آخر. بل في عام 2022، أصدرت القوات الجوية الأمريكية خطة للتعامل مع التغيرات المناخية، والتخفيف من آثار التغيرات المناخية المستقبلية، لكنها لم تتضمن أي إشارة لقدرة أمريكا على تغيير المناخ "في أي نقطة في العالم" كما يدعي "صبحي". 
 
الغريب أن "صبحي" سبق وردد شائعة قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على تغيير المناخ باستخدام سبل تكنولوجية مختلفة، وبالتأكيد حدود معرفته توقفته عند عدم اطلاعه على الدوريات العلمية التي تؤكد أنه ليس لدى التكنولوجيا القدرة على التلاعب بالطقس أو خلق كوارث طبيعية مثل الزلازل والفيضانات وتسونامي، ولا يوجد أي دليل علمي على ما قاله، ولا يمت كلامه للعلم بصلة.
 
مزيد من الخرافات والأكاذيب ساقها صبحي بلسانه وهدفها ليس إلا استخفافا من الجمهور عندما قال "60 مليون هندي (جالهم) عقم (بسبب لقاحات كورونا)". وبالطبع لم يصدر عن السلطات الهندية أو منظمة الصحة العالمية أو أي جهة صحية موثوقة، تقارير تُفيد بإصابة 60 مليون هندي بالعقم بسبب لقاحات كورونا.
 
ونفت الدكتورة سوميا سواميناثان، كبيرة علماء في منظمة الصحة العالمية، في مقابلة سابقة على موقع المنظمة، وجود أي دليل علمي أن اللقاحات تتداخل بطريقة ما مع خصوبة الرجال أو النساء، مؤكدة أنها "خرافة شائعة"، وأنه لا توجد طريقة يمكن من خلالها أن تتدخل اللقاحات في عمل الأعضاء التناسلية.
 
هذه الأمثلة وغيرها غيض من فيض أحاديث صبحي وألاعيبه على الجمهور، لكن مسرح الواقع لم يغلق ستائره عليها قبل كشفها أمام الجمهور مثلما لم يتمن الفنان الشهير، الذي من المفترض به أن يكون قدوة لأجيال أطل عليها بحكم ومبادئ بابا ونيس.
 
الأحرى بالفنان محمد صبحي أن يطبق ما قاله بلسانه «قمة الصدق أن تعترف أنك تكذب» إذا أراد أن يضمد جراح قيمته الفنية عند الجمهور، أو يحاول إصلاح الشروخ المكسورة وصورته التي سقط عنها القناع. وإن كان يملك الشجاعة فليعترف بالخرافات التي ساقها، وليحترم تاريخه ولا يكمل في طريقة «المعصوم من الخطأ شاء من شاء وأبى من أبى»، أم أنه كبير على الاعتذار والتراجع أمام الجمهور.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة