الهجمات السيبرانية تغير ساحات الحروب التقليدية: «لا دماء.. لا بارود»

الثلاثاء، 23 يوليو 2024 02:32 م
الهجمات السيبرانية تغير ساحات الحروب التقليدية: «لا دماء.. لا بارود»
قنبلة نووية- تعبيرية
السعيد حامد

بينما تمضى التكنولوجيا في طريقها بثبات وتسارع رهيبين، نحو ثورة تقنية شاملة، وسط تغيرات وتطورات كبيرة وسريعة في تقنية نقل وإنتاج وتخزين صناعة المعلومات، بدت معها ساحات الحروب وكأنها من عالم أخر، لا تعتمد على مواجهة الأعداء وجها لوجه، ولا تشترط أن تكون قريبا منها حتى، فقط يكفي وصلة صغيرة من الإنترنت، لشن حرب ضروس، لا تسيل الدماء الحمراء كما نعرفها، لكن تسيل تسونامي وعواصف إلكترونية قادرة على اقتلاع نظام العدو من الأساس، تسمى «الحرب السيبرانية».
 
والحرب السبيرانية، هي مصطلح يشير إلى استخدام الحواسيب وشبكة الإنترنت في مهاجمة الأعداء وهم يدعون بالمخترقين (hackers) وهناك منظمات في جميع أنحاء العالم، بالطبع ً ليس جميع المخترقين سارقين ففيهم من هو يسمى القرصان أبيض القبعة (الهكر الأخلاقي) وهو يقوم بالعادة بارجاع المواقع الشخصية وحماية وسد ثغرات الأنظمة، وهناك جامعات كبرى تدرس هذا العلم بشرط أن يقسم الطالب على عدم استخدامه في الأضرار أو السرقة.
 
واليوم تدور معارك على الشبكة (الإنترنت) وليس هناك نظام في العالم خال من الثغرات، مايكروسوفت تصارع من أجل البقاء، ولدى مايكروسوفت فريق من أشهر الهكرز والكراكرز، لسد ثغرات الوندوز، وهي تقوم شهريًا باصدار ملف لصد فايروسات لايمكن صدها كــ سايسبر الذي هو دودة إذا أنتشرت في جهاز الجهاز يعدي أجهزة الشبكة جميعها!
 
وقبل أيام، كان العالم على موعد مع عطل تقني ضخم ضرب أنظمة الحوسبة ومرافق حيوية حول العالم، تسبب في تعطل شركات الطيران والمطارات والبنوك وشركات الإعلام، ليوجه كثير من الخبراء أصابع الاتهام، نحو الهجمات السيبرانية، في وقت أرجعت فيه الشركات ما حدث إلى العطل التقني، ومع تحول العالم برمته إلى قرية صغيرة منفتحة ومتواصلة والتحول الكبير في الثقافات وشتى أساليب الحياة، باتت تلك الهجمات أو الأعطال تؤثر على جميع سكان العالم بأكمله.
 
وتشير التقارير الدولية، إلى أن المؤسسات حول العالم تتعرض لهجمات برمجيات الفدية بمعدل متوسط يصل إلى هجمة كل 11 ثانية، كما قدرت التكلفة العالمية للجرائم السيبرانية بنحو 8.4 تريليون دولار في عام 2022، ومن المتوقع بحلول عام 2026 أن تتجاوز التكاليف السنوية للجرائم السيبرانية 20 تريليون دولار.
 
وبحسب موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن استخدام العمليات السيبرانية في في عالمنا اليوم، خلال وقت الحرب حقيقة واقعة، فبينما أقر عدد ضئيل من الدول علانية بإجراء مثل هذه العمليات، يعمل عدد متزايد منها على تطوير قدرات سيبرانية لأغراض عسكرية. ومن المرجح أن يزداد استخدامها في المستقبل.
 
وذكرت الموقع، أن المجتمع الدولي يقر بأن العمليات السيبرانية، مثلها مثل أي وسائل وأساليب أخرى للحرب، قد تؤثر بشكل خطير على البنية التحتية المدنية وتسبب عواقب إنسانية مدمرة، وثمة خطر حقيقي من أن يكون للأدوات السيبرانية آثار بالغة وواسعة النطاق على البنية التحتية المدنية الحيوية، مثل الصناعات الأساسية والاتصالات السلكية واللاسلكية وأنظمة النقل والأنظمة الحكومية والمالية، سواء عن قصد أو عن طريق الخطأ.
 
إذ أظهرت العمليات السيبرانية التي أُجريت في السنوات الأخيرة - خارج نطاق النزاع المسلح أساسًا - أن بإمكان البرامج الضارة الانتشار على الفور حول العالم والتأثير على البنية التحتية المدنية والخدمات الأساسية. ويؤكد تزايد استخدام القدرات العسكرية السيبرانية وما يتصل بها من شواغل إنسانية مدى أهمية التوصل إلى فهم مشترك بشأن القيود القانونية التي تنطبق على العمليات السيبرانية أثناء النزاعات المسلحة.
 
أما الفرع الأساسي من القانون الذي يحكم استخدام العمليات السيبرانية في الحروب فهو القانون الدولي الإنساني. إذ دوّنت الدول قواعده بطرق تجعلها تنطبق - على حد تعبير محكمة العدل الدولية - على كافة أشكال الحرب وكافة أنواع الأسلحة، بما فيها الأشكال والأنواع المستقبلية.
 
في مصر، تعمل الحكومة ممثلة في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على عدة محاور لتشكيل حائط صد منيع ضد الهجمات السيبرانية وكذلك أعطال التقنيات الرقمية، خاصة في تزايد معدلات الهجمات السيبرانية حول العالم والتي تتسم أيضًا بالتعقيد والتنوع، ويزداد أهمية الأمن السيبراني في ظل اتجاه الحكومة لرقمنة الخدمات المقدمة للمواطنين على نحو ميسر ومحوكم يقترن معها إدراك بالأخطار السيبرانية.
 
وفي سبيل بناء حائط الصد من الهجمات السيبرانية أطلقت الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني ترتكز على مجموعة من المحاور والتي من أبرزها تشجيع البحث العلمي في تخصص الأمن السيبراني بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بهدف تشكيل مجموعات بحث علمي تضم خبراء الأمن السيبراني بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع أساتذة الجامعات المصرية المتخصصين بهذا المجال للبحث في بناء برامج اكتشاف مبكر للهجمات السيبرانية التي يمكن أن تتعرض لها المنظومات.
 
كذلك تشجيع الشركات العاملة في هذا المجال على الفكر الابتكاري في بناء منظومات تأمين سيبراني لمختلف البرامج والمنظومات المؤتمتة، وكذلك الاهتمام بتعزيز التعاون الدولي والشراكة في هذا المجال. وأيضا يتم العمل على زيادة عدد الخبراء المتخصصين في مجال الأمن السيبراني من خلال عدد من البرامج والمبادرات التدريبية التي تستهدف بناء القدرات وزيادة الخبرات القادرة على العمل في هذا المجال. ونتيجة لهذه الجهود، انعكس ترتيب مصر-وفقًا لتصنيف الاتحاد الدولي للاتصالات- لتشغل المركز 23 عالميًا من بين 182 دولة بمؤشر «الأمن السيبراني».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة