معركة «الفتح الموعود» بالبحر الأحمر تعمق جراح الاقتصاد العالمي
الإثنين، 22 يوليو 2024 01:15 مالسعيد حامد
منذ أن أطلقت «جماعة الحوثي» في اليمن، ما يعرف بـ «معركة الفتح الموعود»، لاستهداف السفن الإسرائيلية والمتجهة إليها، ومنعها من المرور من مضيق باب المندب البحري والبحر الأحمر والبحر العربي، على خلفية الحرب التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة، وتعاني حركة الملاحة في البحر الأحمر، مخلفة تداعيات كارثية على التجارة العالمية.
وبحسب المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، وصل عدد السفن التي هاجمها الحوثيون منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة وحتى الشهر الماضي، إلى حوالي 132 سفينة، أولها كان في 19 نوفمبر 2023، والذي شهد 6 هجمات وظل متوسط الهجمات حوالي 15 هجمة في خلال الفترة من ديسمبر 2023 إلى يناير 2024.
وازدادت وتيرة تلك الهجمات في شهر مارس خاصة بعد إعلان واشنطن تأسيس التحالف الدولي وتوجيه ضربات لليمن لتصل في شهر مارس إلى 25 هجمة، وقد شكلت الهجمات على السفن الأمريكية حوالي 41% من إجمالي الهجمات، بينما شكلت الهجمات على السفن الإسرائيلية حوالي 19%.
ويمر ما يقرب من 12% من إجمالي التجارة العالمية، أي ما يعادل حوالي تريليون دولار من البضائع سنويًا، عبر البحر الأحمر، وتسببت الهجمات في انخفاض بنسبة 90 في المائة تقريبا في شحن الحاويات عبر البحر الأحمر، وتضاعف الضغوط المالية على شركات الشحن التي اضطرت إلى تحويل مسارها حول أفريقيا، و«تفاقم الضغوط المستمرة» على الشحن البحري العالمي بسبب الانقطاعات في قناة بنما بسبب الجفاف.
ونقلت تقارير صحفية، عن المدير الأول لمركز القوة العسكرية والسياسية التابع لمركز الأبحاث الأمريكي «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»، ومقره واشنطن، برادلي بومان، قوله، إن «العواقب الاقتصادية الدولية لما يحدث في البحر الأحمر لا تزال تتصاعد، ولا نهاية لها في الأفق»، في الوقت ذاته حذر من المزيد من الهجمات والإضرار بالتجارة الدولية والمصالح الاقتصادية لعشرات الدول حول العالم.
اضطرابات التجارة في البحر الأحمر، كان له مردودا سلبيا على اقتصاديات دول الإقليم، خاصة الدولة المصرية، بعد أن تأثرت قناة السويس التي تعد أقصر طريق بري بين آسيا وأوروبا، والذي يمثل نحو 15% من حجم التجارة البحرية العالمية بشكل كبير، من التوترات السياسية والعسكرية المستمرة في منطقة البحر الأحمر.
وبحسب المركز المصري، تراجع عدد السفن المارة من قناة السويس بنسبة 85% في الأشهر الستة الماضية، وقد أشارت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن شحنات النفط الخام والوقود العالمية عبر طريق رأس الرجاء الصالح ارتفعت بنسبة 47% منذ بدء الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر، هذا التحول إلى طريق أطول لتجنب الهجمات رفع تكاليف الشحن، حيث كان يمر عبر البحر الأحمر وقناة السويس حوالي 12% من حركة الشحن العالمية سابقًا.
وأظهرت بيانات تتبع السفن من «فورتكسا» أن نحو 8.7 مليون برميل من النفط الخام والمنتجات المكررة سلكت الطريق المار بجنوب أفريقيا يوميًا خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2024، مقارنة بمتوسط 5.9 مليون برميل في 2023.
وشحنت السعودية والعراق النفط إلى أوروبا عبر رأس الرجاء الصالح بدلًا من البحر الأحمر وقناة السويس، وهو ما ساهم في زيادة سفن النفط المارة عبر طريق رأس رجاء الصالح بنسبة 15%. من جانب آخر، زادت شركات التكرير في آسيا والشرق الأوسط صادراتها إلى أوروبا عبر الطريق نفسه «رأس رجاء الصالح»، مما ساهم في حوالي 29% من الزيادة.
الجانب الشرقي من الولايات المتحدة الأمريكية هو الآخر أرسل شحنات النفط إلى آسيا عبر طريق رأس رجاء الصالح، وهو ما ساهم في زيادة عدد براميل النفط التي تمر عبر طريق رأس الرجاء الصالح بحوالي 600 ألف برميل يوميا.
وقد دفعت تلك التأثيرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريرها الصادر في مايو 2024، تقدير إجمالي الانخفاض في إيرادات السياحة وقناة السويس على مدار السنتين الماليتين 23/24 و24/25 لتصل إلى حوالي 3.7 مليار دولار وفقًا للسيناريو المتفائل.
ويصل الانخفاض إلى 9.9 مليار دولار وفقًا للسيناريو المتوسط، وترتفع إلى 13.7 مليار دولار وفقًا للسيناريو المتشائم، وهو ما يعني أن الآثار الاقتصادية على مصر بما في ذلك التأثيرات المضاعفة على مدار السنتين الماليتين قد تصل إلى 5.6 مليار دولار (1.6% من الناتج المحلي الإجمالي) في ظل السيناريو المتفائل، وتصل إلى 14.6 مليار دولار (3.9% من الناتج المحلي الإجمالي) وفقًا للسيناريو المتوسط، وتصل إلى 19.8 مليار دولار (حوالي 5.2% من الناتج المحلي الإجمالي) وفقًا للسيناريو المتشائم.