القانون.. والقوى الناعمة

الخميس، 18 يوليو 2024 06:00 ص
القانون.. والقوى الناعمة
أمل عبد المنعم تكتب

العديد من المشاكل والقضايا الاجتماعية والسياسية المختلفة، سلط الفن الضوء عليها، وبحث عن حلول لها، والعديد أصبح علامة في التاريخ وبسببه تم إصدار قانون جديد أو تعديل نص قانوني أو مادة، غيرت من حياة مواطنين كانوا يعانون المرار، لكن للأسف خلال الـ 35 عاماً الأخيرة نجد فيلماً واحداً، وهذا ما أطالب به الزيادة والتركيز على ماهو تارك بصمة مثل فترة الخمسينات حتى الثمايننات.

فنجد من الأعمال القديمة فيلم "كلمة شرف" للفنان فريد شوقي، الذي جسد شخصية سجين أراد الخروج إلى رؤية زوجته، بعد معرفته بأنها في حالة خطرة، وبعد عرض الفيلم، تسبب في إعادة النظر للحالات الإنسانية للسجناء المصريين، ومن ثم تم إعادة صياغة القوانين، واشتقاق قانون جديد يسمح للمسجون بزيارة أهله بضوابط محددة، خاصة أفراد عائلته الذين لا يستطيعون الحركة وزيارته في السجن.

 

وكذلك فيلم جعلوني مجرما، في عام 1954، تمت مناقشة الوصم الذي يتعرض له الأطفال الذين يدخلون "إصلاحية الأحداث" بعد خروجهم منها، وبدلًا من أن يساعدهم المجتمع على بدء حياة جديدة شريفة، يدفعهم ليسلكوا طرق أكثر التواء بسبب رفضه لهم، وبعد عرض الفيلم، صدر قانون ينص على الإعفاء من السبقة الأولى في الصحيفة الجنائية، مما يمكن المخطئ من بدء حياة جديدة.

 

ونجد أبرز مشكلات المرأة التي ناقشتها أفلام فاتن حمامة وامتد تأثيرها لتغيير القانون هو فيلم "أريد حلاً" الذي يعد أول فيلم سينمائي يناقش الخلع، وعرض عام ١٩٧٥، وجسدت فاتن دور درية التي تطلب الطلاق من زوجها الدبلوماسي مدحت ولكنه يرفض فترفع دعوى طلاق في المحكمة، وتدخل في العديد من المشكلات والعقبات للحصول على حقها، ويحضر الزوج شهود زور يشهدون ضدها في جلسة سرية، وتخسر قضيتها بعد مرور أكثر من أربع سنوات.

وبعد عرض الفيلم بدأ الرئيس السادات وزوجته يفكران في تغييـر قانون الأحوال الشخصية سنة 1978 بعد إجراء عدة تعديلات وأطلقوا عليه اسم قانون جيهـان، واستطاع فيلم "أريد حلا" تغيير قانون الأحوال الشخصية لتتمكن المرأة من رفع قضية خلع والحصول على حريتها.

 

وناقش فيلم الشقة من حق الزوجة، بدء النزاع حول ملكية الشقة، بعد طلاق الزوجين خاصة إذا كان يوجد بينهما أطفال، وتضمن الفيلم قضية مهمة حول الوضع القانوني للشقة عقب انفصال الزوجين، وخاصة أن القانون ينص على بقاء الزوجة في الشقة حتى انتهاء فترة الحضانة التي تصل إلى 15 سنة، وبعد عرض الفيلم، قام اتحاد نساء مصر بطلب توصيات اللجنة القانونية التي تم عقدها لإعداد تعديلات خاصة بقانون الأحوال الشخصية، وذلك لتحقيق مزيد من العدالة بين أفراد الأسرة، وهو جعل أحد أهم البنود الممكن إضافتها لعقد الزواج حديثًا، تحديد من سيكون له حق الانتفاع وحده بمنزل الزوجية في حالة الطلاق.

كما ناقش فيلم أسفة أرفض الطلاق 1980، بطولة ميرفت أمين، وحسين فهمي، وإخراج إنعام محمد علي، والذي تدور قصته حول الزوجة التي تكرس حياتها لزوجها، وتفاجأ في عيد زواجهما العاشر بزوجها يطلب الانفصال بهدوء، وترفع دعوة قضائية ترفض فيها الطلاق، وبعد الفيلم طالبت المنظمات النسائية المصرية إلغاء حق الطاعة، وجعل الطلاق يُنفذ بحكم من القاضي، ليتساوى الزوج أو الزوجة أمام القانون.

أما فيلم عفوا أيها القانون عام 1985، بطولة نجلاء فتحي، محمود عبدالعزيز، هياتم، وفريد شوقي، وإخراج إيناس الدغيدي، والذي تدور احداث القصة حول أستاذة الجامعة التي تتزوج من الدكتور المصاب بعقدة نفسية، نتيجة عجزه جنسياً، ومع مساعدتها له في تخطي تلك الأزمة وعلاجه نفسياً، يتمكن من الشفاء منخرطًا في علاقات نسائية متعددة أخرى.

وفي إحدى المرات تكتشف الدكتورة خيانته، فتطلق عليه الرصاص وتتركه قتيلًا، ويتم الحكم عليها بالسجن لمدة 15 عامًا، واستطاع الفيلم أن يسلط الضوء على قانون العقوبات، الخاص بقضية الزنا، حيث يصدر الحكم على المرأة بالسجن 15 عاما مع الشغل والنفاذ، باعتبارها جناية في حالة قتلها لزوجها الخائن، بينما يكون الحكم في نفس القضية على الرجل بالسجن شهراً واحداً مع إيقاف التنفيذ باعتبارها جنحة.

وتسبب فيلم 678 عام 2010، في توصيات قانون التحرش الذي صدر عام 2003، والحكم على المتحرش بعقوبة قد تصل إلى ثلاث سنوات، والفيلم بطولة ماجد الكدواني، وبشرى، باسم السمرة، وإخراج محمد دياب، وتدور أحداثه حول ظاهرة التحرش الجنسي التي تتعرض لها الفتيات، والتي أصبحت ظاهرة منتشرة في الفترة الأخيرة في مصر والمجتمعات العربية بشكل عام.

ويعتبر هذا الفيلم الأحدث نسبياً، لنجد من عام 2010 حتى الآن مر حوالي 14 عاماً وقبل انتاجه مر حوالي 25 عاماً على ظهور عمل سينمائي يناقش قضية مهمة غيرت قانون أو قد تكون نقطة تحول في التشريعات.

ولا أنكر دور الدراما وما قدمته حديثاً من مسلسل تحت الوصاية إذ ناقشت الفنانة منى زكي، قانون الوصاية على الأبناء بعد وفاة الأب، وما يتعرض له الأطفال والأم لمضايقات وأزمات في المعيشة، بسبب عدم تمكنهم من التصرف في أموال الزوج الراحل، وبعد الانتهاء من عرض المسلسل، ظهرت مطالبات رسمية بمراجعة قانون يتجاوز عمره 70 عاماً، يتعلق بالولاية على القاصرين، وهو ما أقدم عليه بعض المشرعيين في تقديم طلبات إلى رئيس مجلس النواب، وعقد جلسات لمراجعة تأثير القانون من أجل الوصاية.

 

وكذلك ناقش مسلسل فاتن أمل حربي، معاناة المرأة المصرية، التي يقرر القانون أن يسقط عنها حق الولاية على أبنائها بعد الزواج من رجل آخر، وقد يصل الأمر إلى الحرمان من رؤيتهم، جسدتها الفنانة نيللي كريم، وبعد عرضه تمت المناداة بتعديل قانون الأسرة، والاستجابة لما طرحه العمل الفني من تساؤلات حول قضايا الطلاق والنفقة وسكن الزوجية والولاية التعليمية على الأبناء، وحق الرؤية، وغيرها.

 

ووافقت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية على إضافة مادة تجرم المواد المخدرة التخليقية، التي تؤدي إلى الإدمان، فضلًا عن إضافة مادة في قانون مكافحة المخدرات لتجريم "الأستروكس والفودو".

وذلك بعد الاهتمام بقضايا الشباب، وتعاطيهم وتجارتهم في المواد المخدرة، وهو ما ظهر خلال مسلسل "لمس أكتاف"، الذي عرض تجارة الأدوية واستخدامها كمواد مخدرة، خاصة المستخدمة في علاج الأمراض العصبية والنفسية، وبيعها في الصيدليات من دون وصفة طبية، لذلك يستخدمها الشباب كمواد مخدرة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة