دور المجتمع المدني في الحوار الوطني.. شراكة لتحقيق التغيير
الإثنين، 15 يوليو 2024 10:31 صسامي سعيد
مهام عديدة في انتظار الحوار الوطني، لعل من بينها تعزيز دور المجتمع المدني، كونه أحد العناصر الرئيسية في تحقيق التغيير والعمل على تفعيل أكبر للمنظمات ومؤسسات المجتمع المدني التي لها دور خدمي وذلك من خلال الجلسات النقاشية التي نظمها الحوار الوطني متمثلا في المحور المجتمعي.
وكشفت دراسة صادرة عن المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، الدور المأمول لمنظمات المجتمع المدنى فى الحوار الوطني، جاء فى الدراسة أن الرئيس السيسى أعلن خلال حفل إفطار الأسرة المصرية الذى أُقيم يوم الثلاثاء 26 أبريل 2022، عن تكليف إدارة المؤتمر الوطنى للشباب بإدارة حوار سياسى مع كل القوى بدون استثناء ولا تمييز، ورفع مخرجات هذا الحوار لرئيس الجمهورية شخصيًا، إضافة إلى إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي، وتوسيع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني.
وأضافت الدراسة أن تلك الدعوة عُدّت بمثابة دفعة نحو تماسك الجبهة الداخلية من جهة، ونقلة نوعية ومرحلة جديدة منتعشة للمجتمع المدنى فى مصر من جهة أخرى، خاصة بعد القانون رقم 149 لسنة 2019 المنظم لعمل منظمات المجتمع المدني، وإطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسى عام 2022 عام المجتمع المدنى خلال مؤتمر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والذى أكد من خلاله أهمية شراكة الدولة مع المجتمع المدنى فى أكثر من موضع.
ولفتت الدراسة إلى أن المجتمع المدنى يعد مجموعةٍ من التنظيمات والمؤسسات التطوعية المستقلة ذاتيًّا، غير الربحية، والتى تمارس عملًا محددًا ينطلق من قواعد فكرية محددة وفق رؤية محددة، ومرتبط بتحقيق منافع ومصالح للمجتمع ككل، أو لبعض الفئات المهمشة التى لا تحظى بالاهتمام المطلوب، مشيرا إلى أن الأعوام الأخيرة شهدت تزايدًا مستمرًا فى أعداد الجمعيات الأهلية فى مصر، فقد بلغ عدد الجمعيات الأهلية المسجلة فى وزارة التضامن الاجتماعى عام 2012 قرابة 37.500 ألف جمعية أهلية، وظل العدد فى الارتفاع حتى بلغ 43.500 ألف جمعية ومؤسسة أهلية فى عام 2013.
وتابعت الدراسة: "وفى عام 2019، ازداد العدد إلى 52.500 ألف جمعية، وفى مطلع عام 2021، أعلنت وزارة التضامن الاجتماعى أن مجموع الجمعيات الأهلية المسجلة فى مصر قد وصل إلى 57.500 ألف جمعية ومؤسسة، وهو ما يعكس اهتمام القيادة السياسية فى السنوات الأخيرة بالمجتمع المدني، وهو ما بلوره الرئيس خلال مؤتمر إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بقوله :"ويأتى المجتمع المدنى كشريك أساسى مهم فى عملية تعزيز وحماية حقوق الإنسان بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ونشر الوعى بحقوق الإنسان فى المجتمع، ونشر ثقافة العمل التطوعي، والإسهام فى جهود مكافحة التطرف والتوجهات المناهضة لقيم مجتمعنا المصري، فى إشارة إلى أن المجتمع المدنى له عظيم الأثر فى تعزيز جميع مجالات العمل الحقوقي".
وأشارت الدراسة إلى أن المجتمع المدنى فى مصر يأخذ أشكالًا متعددة، موضحا أن هناك الجمعيات الأهلية والتى تشمل "الجمعيات الخيرية- الجمعيات التنموية- الجمعيات الدفاعية والحقوقية"، والنقابات المهنية التى تلعب دورًا مهمًا فى العملية الإنتاجية والخدمية وتضم الشرائح الأكثر تعليمًا، والنقابات العمالية التى تدافع عن مصالح العمال، ونادى القضاة، وجمعيات رجال الأعمال، والغرف التجارية والصناعية وهى عبارة عن هيئات تمثل المصالح التجارية والصناعية لدى سلطات الحكومة، مضيفة أنه رغم تزايد أعداد الجمعيات الاهلية وتنوعها بين حقوقية وخدمية، إلا أن الفئة العظمى من تلك الجمعيات غير فعالة على أرض الواقع؛ نتيجة افتقارها إلى وجود أجندة تنموية وثقافية تعمل على أساسها.
ونوهت الدراسة إلى أن للمجتمع المدنى أيضا أدوار متعددة؛ أولها التشارك فى تحقيق الأهداف التنموية الخاصة بالدولة، ومواجهة الأعباء الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمواطنين، من خلال توفير الخدمات الصحية والتعليمية والتشغيلية، بجانب الاهتمام بملفات حقوق الإنسان والأقليات وغيرها من الحقوق السياسية، وثانيها؛ القيام بالأعمال البحثية والاستقصائية التى تسهم فى تحديد المشكلات المجتمعية، والسبل المثلى لمواجهتها وتقديم البدائل المناسبة لصناع القرار. وتختص منظمات المجتمع المدنى كذلك بدور رقابى أثناء سير العملية الانتخابية، بجانب أدوار أخرى متعددة، منها: رفع الوعى بالقضايا والتحديات المجتمعية، وتدريب وتأهيل القيادات الشابة على العمل الجماعى والتطوعي.
وأشارت إلى أن منظمات المجتمع المدنى تعد أحد المكونات الرئيسية لكل مجتمع ديمقراطي، بالإضافة إلى أنها تعد أحد أهم الآليات الوطنية فى تعزيز حقوق الإنسان؛ إذ يقع على عاتقها دور أساسى يتمثل فى الإسهام الفعال فى التنمية، وتحقيق التقدم من خلال استخدام قدراتها وإمكاناتها لخدمة المجتمع بشكل عام، فضلًا عن أنها تعد أحد المؤشرات التى تستخدم لقياس مدى احترام الدول لحقوق الإنسان.
ورصدت الدراسة الدور المأمول لمنظمات المجتمع المدنى فى الحوار الوطنى كالآتي:
تنظيم الصفوف الداخلية: على منظمات المجتمع المدنى إقامة حوار بينى فيما بين المنظمات؛ لتوحيد الصفوف، والوقوف على القضايا ذات الأولوية التى يجب أن يتضمنها الحوار الوطني، إضافة إلى إعادة تنظيم دور المجتمع المدنى بما يتوافق مع الأجندة التنموية للدولة.
التنسيق والشراكة: إيجاد آلية للتواصل والتنسيق بين المنظمات والجهات ذات العلاقة وخاصة الحكومية، والسعى إلى إقامة علاقات شراكة ما بين المنظمات، خاصة تلك التى تعمل فى نفس الاتجاه؛ لتجنب ازدواجية العمل وهدر الطاقات، إضافة إلى إعداد قاعدة بيانات مشتركة لتوحيد الجهود وتكاملها وضمان عدالة التوزيع.
تغيير الصورة الذهنية: بدء منظمات المجتمع المدنى فى تصحيح الصورة الذهنية السلبية المتراكمة لدى المواطن المصرى تجاه تلك المنظمات؛ من خلال عمل استراتيجية إصلاح متكاملة لمنظمات المجتمع المدني، وإعادة بناء جسور الثقة بينها وبين الدولة من جهة والمواطن من جهة أخرى.
ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان: ويتم ذلك عن طريق التشارك بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى لتحقيق الأهداف المنشودة من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أُطلقت عام 2022، والتى تستهدف زيادة التنسيق والتكامل بين شركاء التنمية “الحكومة – المجتمع المدني- القطاع الخاص”، إضافة إلى تعزيز وتنمية القدرات الموسمية للجمعيات الأهلية، وعقد الشراكات مع المجتمع المدنى فى أكثر من مجال حقوقي.
توجيه الطاقات الشبابية: يمكن أن تلعب منظمات المجتمع المدنى دورًا مهمًا وإيجابيًا فى توجيه الطاقات الشبابية نحو الإسهام الحقيقى فى التنمية، وتكوين كوادر شبابية قادرة على العمل الجماعى والتطوعي، مما يسهم فى إفراز قيادات شبابية قادرة على ممارسة أدوار سياسية واقتصادية واجتماعية.
التمسك بالحيادية السياسية: تكتسب منظمات المجتمع المدنى مصداقيتها من الحياد السياسى الذى يفرضه عليها القانون. والتمسك بالحيادية السياسية يمكن أن يكون عاملًا إيجابيًا فى قدرتها على المشاركة فى الحوار الوطنى والتواصل مع كافة أطرافه.
خلق رؤية مشتركة لخدمة الحوار الوطني: تدريب المنظمات الناشئة وبناء القدرات من خلال عقد المنظمات لندوات وورش عمل تضم مختلف الفئات وقادة الرأى ورؤساء المنظمات للخروج برؤية مشتركة تخدم الحوار الوطني.
رفع الوعى والتهيئة العامة: العمل على رفع الوعى المجتمعى بأهمية الحوار السياسى المنعقد، من خلال تقديم فكرته، ومناقشة الهدف منه، والمخرجات المتوقعة.