التحالف الوطني وحد المؤسسات الأهلية تحت راية العمل المشترك.. فكرة صارت إنجازا وكتبت تجربة عالمية جديدة في دعم الإنسان
الأحد، 07 يوليو 2024 02:32 م
تمتد جذور العمل الأهلي في مصر لسنوات طويلة، حيث أن التضامن والتكاتف بين المصريين سمة بارزة على مر الزمان، لذلك، كانت مؤسسات المجتمع المدني والعمل الأهلي دائمًا حاضرة في كل المناسبات والأحداث، لكنها كانت تعمل كجزر منعزلة، حيث تقدم كل منها خدماتها بشكل مستقل عن الآخر.
ومع ثورة 30 يونيو، ظهر فكر جديد للحماية الاجتماعية والعمل الأهلي، حيث كانت تنمية الإنسان هي الكلمة السرية لهذا الفكر الذي يهدف إلى تحويل المصريين من دائرة الاحتياج إلى دائرة الإنتاج، وتم إطلاق التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي الذي جمع مؤسسات المجتمع المدني تحت مظلة واحدة، ما أوجد حالة من التكامل بينها.
تم تحقيق هذا التكامل من خلال إنشاء قاعدة بيانات موحدة، مما أدى إلى توسيع دائرة المستفيدين وتجنب التكرار في الاستفادة، وساهم هذا التعاون في تبادل الخبرات وتنفيذ المبادرات الخدمية الشاملة، وأثمرت هذه الجهود بإصدار القانون رقم 171 لسنة 2023 لتنظيم أعمال التحالف ككيان غير هادف للربح، يتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري، ويهدف إلى تعميق مفهوم التطوع وتنمية المجتمع.
دعم الدولة
منذ إطلاقه، نفذ التحالف مئات القوافل الشاملة، مقدمًا خدماته للفئات الأكثر احتياجًا في جميع محافظات مصر، ويأتي نجاح المؤسسات على الأرض إلى إيمان الدولة بأهمية دور المجتمع المدني في بناء الجمهورية الجديدة وتحقيق تغيير جذري في حياة الفئات المحتاجة، وهو ما ظهر بإطلاق مبادرات كصندوق "تحيا مصر" والمبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، وتأسيس مؤسسة "حياة كريمة"، وتخصيص عام 2022 عامًا للمجتمع المدني.
أثمرت جهود التحالف في مبادرات قوية مثل "كتف في كتف" التي دعمت أكثر من 25 مليون مواطن بتقديم سلال غذائية للأسر المحتاجة، وتبعتها مبادرات لتحقيق أهداف رئيسية مثل توفير الاحتياجات الغذائية، وتقديم الخدمات الطبية، ودعم القوافل الطبية، وبرامج التمكين الاقتصادي، ورفع الوعي المجتمعي، وامتد دعم الدولة للمؤسسات المدنية إلى خارج مصر من خلال مبادرة "مسافة السكة" لدعم الأشقاء في قطاع غزة.
حققت الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص بعد ثورة 30 يونيو أهداف التنمية المستدامة، وبدأت ملامح هذه الشراكة مع تخصيص عام 2022 عامًا لمنظمات المجتمع المدني، وتأسس التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي ليكون نموذجًا للتعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، مما أدى إلى مبادرات مثل قوافل "ستر وعافية" التي تقدم خدمات متنوعة.
وأطلقت الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية مبادرة "ازرع" تحت مظلة التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، بهدف توفير المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح.
بدأت المبادرة في نوفمبر 2022 مع 100 ألف مزارع لزراعة 150 ألف فدان قمح في ثماني محافظات، وحققت أهدافها بنجاح. في يناير 2023، وجه الرئيس السيسي بتوسيع المبادرة لتشمل زراعة مليون فدان قمح والعمل مع 500 ألف مزارع في 16 محافظة. حققت المبادرة زيادة إنتاجية بنسبة 22%، موفرة نحو 165 مليون دولار من الفاتورة الاستيرادية.
وكشفت دراسة حديثة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الدولة المصرية وفرت للمجتمع المدني والعمل الأهلي بيئة قانونية وسياسية تمكينية؛ حيث انتبهت القيادة السياسية في الجمهورية الجديدة لأهمية منظمات المجتمع المدني في صنع السياسات العامة المستنيرة، إذ إنها تلعب دورًا رئيسًا كوسيط بين المواطنين من جهة، من خلال الاتصال المستمر مع المواطنين بما في ذلك الفئات المهمشة أو الضعيفة، ومنحهم دورًا رئيسًا في الحوار المدني وتمكين المواطنين البعيدين عن المشاركة من التعبير عن احتياجاتهم ومخاوفهم؛ والحكومة من جهة أخرى، من خلال الحوار المنظم ذي المغزى في صنع القرار.
وأكدت أن الدولة المصرية وعلى رأسها القيادة السياسية تقدر الدور الحيوي للمجتمع المدني في تعزيز الحقوق والحريات، وتحث على تكوين الجمعيات من أجل مجتمع مدني قوي نابض بالحياة، فنجد الدولة المصرية قد أعلنت 2022 عام “المجتمع المدني” وتعكف على خلق ظروف مواتية لتعزيز المجتمع المدني، بينما نجد البرلمان الأوروبي يعلن في مارس 2022 تقلص مساحة المجتمع المدني في أوروبا بشكل متزايد.
وأوضحت الدراسة أن الجمهورية الجديدة جاءت برؤى استباقية وتخطيط استراتيجي بعيد المدى؛ فوجدنا تنسيقًا جادًا بين أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني لتنظيم العمل الخيري في مصر، وتثمين القيادة السياسية لدور المجتمع المدني، حيث تراه كشريك أساسي مهم في عملية تعزيز وحماية حقوق الإنسان بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونشر الوعي بحقوق الإنسان في المجتمع ونشر ثقافة العمل التطوعي، والإسهام في جهود مكافحة التطرف والتوجهات المناهضة لقيم مجتمعنا المصري”.