تحديات أمام الحكومة الجديدة.. تحسين مستوى المعيشة والصحة وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية على رأس الأولويات

الثلاثاء، 02 يوليو 2024 02:04 م
تحديات أمام الحكومة الجديدة.. تحسين مستوى المعيشة والصحة وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية على رأس الأولويات
ريهام عاطف

ينتظر الحكومة الجديدة العديد من الملفات التي تحتاج إلى تعامل غير نمطي وتفاعل غير تقليدي، في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة تواجهها مصر، لتصب في النهاية لصالح المواطن المصري وبناء الانسان المصري ، وهو ما يسعي إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي لإحداث نهضة شاملة في مختلف المجالات.
وتعد مخرجات الحوار الوطني أولوية للحكومة الجديدة خلال المرحلة المقبلة وخارطة طريق ، حيث شكل الحوار الوطنى مرحلة مهمة في تاريخ الوطن، وقد تطرقت لكافة الملفات والقطاعات وكان للملف الاقتصادي أولوية في المناقشات، وركزت التوصيات عليه بصورة كبيرة وهذا يعود لأهميته في مواجهة التحديات الراهنة .
أهم التحديات أمام الوزارات الجديدة:
التحديات أمام الملف الاقتصادي والصناعي
يعد الملف الاقتصادي من أهم التحديات أمام الحكومة الجديدة ، حيث يتوقع المواطن المصري من الحكومة الجديدة التخفيف من معاناة المواطنين ورفع الأعباء عن كاهلهم ، من خلال المضي في مسار الإصلاح الاقتصادي، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، 
مع إيجاد برامج قوية وواضحة لمواجهة التضخم والحد من ارتفاع الأسعار، والعمل على زيادة محفزات الاستثمار وجذب المستثمرين المحليين والأجانب للأسواق المصرية في شتى القطاعات المختلفة خلال المرحلة المقبلة.
 
وتأتي أيضا علي أولويه تلك التحديات حل المشكلات أمام المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، لتشجيع ريادة الأعمال والمشروعات الشبابية مع تسهيل وتذليل العقبات أمام تلك المشروعات، وتقديم المزيد من الدعم المالي والتسهيلات الائتمانية لهذه المشروعات لخلق مزيد من فرص العمل،وتقليل نسبة البطالة.
كما يتعين على الحكومة خفض التضخم إلى أقل مستوياته بنهاية عام 2026 ، مع  خفض العجز الكلي للموازنة وخفض الدين العام وتحقيق فائض، وذلك من خلال الاستمرار في جهود الحفاظ على الاستقرار المالي المتوازن في ظل تداعيات الأزمة الراهنة، والاستمرار في دعم ومساندة القطاعات الإنتاجية والفئات الأكثر تأثراً بالأزمات الاقتصادية، واستمرار جهود تحسين جودة البنية التحتية، كذلك الاستمرار في سياسة التسعير السليم للسلع والخدمات لضمان كفاءة تخصيص الموارد خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة والضغوطات التضخمية على أسعار السلع الأساسية والغذائية.
أما القطاع الخاص، فيجب على الحكومة الحالية أن تستهدف مضاعفة نمو القطاع الخاص إلى ما يفوق نسبة 65%، وجذب المزيد من الاستثمارات، وتذليل التحديات التي تواجه تفعيل دور القطاع الخاص، وزيادة مستويات مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص العمل والاستثمارات ورفع معدلات التصدير، والتي تمثل الهدف الرئيس لـ "وثيقة سياسة ملكية الدولة."
كما هناك العديد من التحديات التي مازالت تواجه الصناعة رغم الجهد الكبير المبذول لحل العديد من المشكلات ، حيث تحتاج  الصناعة إلى دفعة قوية من التسهيلات والتشريعات القانونية، مثل الرخص الذهبية، وغيرها من الإجراءات التي كانت تعوق حركة الاستثمار، استمرار سياسات توطين الصناعة التي تتخذها الحكومة بشكل مستمر في زيادة معدلات تبادلها التجاري مع غالبية دول العالم. 
تعزيز التقنيات الذكية والتحول الأخضر، وتعديل التشريعات المتعلقة بالتعريفة الجمركية، ووضوح شرط التعامل مع المستثمرين وطرق فض المنازعات الدولية، وشمولية قانون الاستثمار.
 
التحديات أمام التعليم الجامعي ومما قبل الجامعي 
هناك العديد من التحديات والملفات العالقة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، تحتاج إلي حلول خارج الصندوق للتصدي لها ،والنهوض بمستوى الخدمات المقدمة لما يزيد عن 3 ملايين طالب بمختلف الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية والأجنبية.
بالاضافه إلي التوسع فى البرامج ودراسة البرمجة والذكاء الاصطناعى خلال الفترة المقبلة ، من أهم التحديات بعد سيطرته علي مختلف مناحي الحياة ، وتأثر عدد كبير من الوظائف بسبب تداخل الذكاء الاصطناعى بل وسيطرته على سوق العمل المحلى والدولى والإقليمى.
تقليل أعداد الطلاب بالكليات النظرية فى ظل التطور التكنولوجى
حيث يعد ذلك تحدى كبير أمام وزارة التعليم العالى خاصة وأن حوالى 72 % من طلاب الجامعات مقيدون بالكليات النظرية وهو الأمر الذى يتطلب مراجعة سريعة وتعديل اعداد المقبولين بالكليات النظرية،والتوسع فى تدشين كليات الذكاء الاصطناعى بالجامعات.
العمل على النهوض بمنظومة البحث العلمى وتفعيل مخروجات الأبحاث من خلال التعاون مع القطاع الخاص حتى تخرج للنور ويلمسها المواطن بدلا من تركها حبيسة الادراج.
 فرض الرقابة على الجامعات الخاصة وتعديل القوانين المنظمة لعمل الجامعات الخاصة، وذلك فى سبيل الانتصار للمواطن خاصة فى ظل وجود مشاكل كبيرة فى منظومة التعليم الخاص بداية من سياسات القبول بتلك الجامعات أو الزيادات الكبيرة فى مصروفات الجامعات الخاصة والتى تمثل عائق على أولياء الأمور .
بالإضافة إلى ضرورة حدوث توأمة مع كبرى الجامعات العالمية فى تلك الجامعات لضمان توفير جودة تعليمية بالجامعات الخاصة تكون قادرة على تصدير خريجين لديهم القدرة على المنافسة فى سوق العمل.
استكمال منظومة الجامعات التكنولوجية لتقديم تجربة تعليمية متميزة من خلال تدريب الطلاب عمليًا وتطبيقيًا ، ليكونوا قادرين على المنافسة فى سوق العمل المحلى والإقليمى والدولى.
استكمال ميكنة الخدمات فى المستشفيات الجامعية ، وقد حققت وزارة التعليم العالى طفرة كبيرة فى ملف المستشفيات الجامعية بداية من تحديث البنية التحتية بالمستشفيات وامدادها بأحدث الأجهزة الطبية عالميا والتوسع فى انشاء مستشفيات جديدة حتى بلغ إجمالى المستشفيات الجامعية 125 مستشفى تقدم خدماتها لملايين المواطنين، ورغم ذلك مازالت تلك المنظومة تحتاج إلى استمرار العمل على ميكنة الخدمات ورقمنة ملفات المواطنين لتسهيل الحصول على الخدمات الطبية. 
علي الجانب الاخر يقع علي عاتق وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني العديد من التحديات والملفات التي تواجه العملية التعليمية وتحتاج إلي حلول جذرية ومبتكرة ومن أبرزها مشكلة الكثافة الطلابية، ومكافحة التسرب من التعليم وعمالة الأطفال، وتطوير التعليم الفني اعتباره قاطرة التنمية في دعم قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك العمل على جذب المزيد من الطلاب الوافدين من خلال الجامعات الأهلية، ما يؤدي إلى تحسين مؤشرات جودة التعليم الجامعي في مصر.
مواجهة التعليم خارج المدرسة والانتشار الكبير للدروس الخصوصية ، زيادة ظاهرة غياب التلاميذ خصوصا في المرحلة الثانوية ،عدم توافق واكتمال البنية التحنية للتحول الرقمي في التعليم ،عدم تقبل التغير والتطوير في التعليم سواء من البيئة الداخلية أو الخارج.
 
التحديات في القطاع الزراعي 
على الرغم مما حققته وزارة الزراعة من نهضة كبيرة إلا أن هذا القطاع  مازال يواجه العديد من التحديات التي يجب علي الحكومة الجديدة العمل علي حلها ومنها العمل علي زيادة الرقعة الزراعية، ودعم التصنيع الزراعي، وذلك من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل، وخاصة الاستراتيجية، وكذلك إنشاء تجمعات للصناعات الزراعية ورفع القيمة الاقتصادية المضافة للمحاصيل الزراعية والموارد المائية المستخدمة، وزيادة الصادرات من المنتجات الزراعية المصنعة، وكذلك تعزيز البحث العلمي في مجالات تطوير الزراعة، وتشجيع مشروعات التصنيع الزراعي، مع حسم الموقف من التعدي على الأراضي الزراعية.
بالاضافه لانشاء بورصة السلع الزراعية بالتعاون بين وزارتى التموين والزراعة وتداول المحاصيل والسلع الزراعية في بورصة العقود الآجلة بما يحفظ تسعيرها لصالح كل من الفلاح والمستهلك والمنتج.
العمل علي مواجهة   التفتت الحيازي والذي  يعتبر عائق رئيسي لتنفيذ كثير من السياسات الزراعية.
‎العمل علي الحد من مخاطر التغيرات المناخية  حيث يعد قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التى قد تتأثر بالتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على الإنتاجية الزراعية ومعدلات استهلاك المياه وزيادة ملوحة الأرض  .
بالاضافه لوضع خريطة استثمارية زراعية جغرافية ومناخية،و توسيع زيادة عدد المحاصيل الزراعية التعاقدية،تطبيق نظام الدورة الزراعية للتغلب على ظاهرة تفتيت الحيازة الزراعية.
الثقافة والوعي والمشاركة السياسية:
تأتي قضية ترسيخ الهوية الوطنية ودعمها،وبناء الانسان علي رأس التحديات التي تواجه وزارة الثقافة وذلك من خلال وضع وتنفيذ استراتيجية للحفاظ على الهوية وتشكيل الوعي وفق خطط تنمية ثقافية عادلة.
كما يجب أن تواصل الدولة المصرية جهودها لتطوير المشاركة السياسية وتعزيز دور المواطنين في صنع القرار بما يرسخ لمفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي.
كما يجب أن تعمل الحكومة الجديدة على تطوير ملفات الثقافة والوعي الوطني وتجديد الخطاب الديني، بما يركز على محاربة التطرف الفكري، والأفكار الهدامة، واستغلال القاعدة الشبابية الواسعة التي تشكل النصيب الأكبر من الجمهورية عبر تدريبهم وتأهيلهم، وتعزيز مفهوم الوطنية داخلهم والسلام المجتمعي، بهدف بناء جيل يتمتع بهوية وطنية قادره على المنافسة.
 
الملف الصحي والاجتماعي 
يطمح المواطنون إلى أن يلمسوا تحسناً ملحوظاً على صعيد مستوى الخدمات الصحية، عبر تعميم نظام التأمين الصحي الشامل، والتعاقد مع أكبر عدد من مقدمي الخدمات الطبية من القطاع الخاص، وكذلك التوسع في المبادرات الصحية استكمالاً للمبادرات الرئاسية التي حققت نجاحاً واسعاً، مما يقلل من أعباء الإنفاق الطبي في ظل نظام التأمين الصحي الشامل في المستقبل. أما على صعيد الأطباء، فهناك حاجة ملحة إلى تحسين ظروف عملهم، وتعزيز مرتباتهم والاهتمام بالتعويض عن ارتفاع معدلات التضخم، مع سرعة إصدار قانون المسؤولية الطبية، وكذلك تعزيز التسويق للسياحة العلاجية بمصر، كونها الأقل تكلفة مقارنة بعدد من الدول الأخرى.
كما يجب العمل علي توفير الحماية لكبار السن من خلال زيادة المبادرات الصحية المناسبة لهم إضافة الى استمرارية تقديم الزيادات والمنح الاستثنائية وزيادة المعاشات بشكل منتظم ومجزي بما يتماشى مع معدلات التضخم.
كما يجب العمل علي توسيع مظلة الحماية الاجتماعية وضم المزيد من المستفيدين من الأسر الأكثر احتياجا بالاستناد لقواعد البيانات الخاصة بتكافل وكرامة وحياة كريمة، واتباع نهج الدولة المتمثل في تقديم المزيد من البرامج التي تتسم بالطابع الحقوقي عن الإغاثي لضمان استدامة برامج الحماية الاجتماعية.
وعليه يتعين على الحكومة الجديدة الاستمرار في بذل المزيد من الجهد لتنفيذ المزيد من المشروعات التنموية في تحسين البنية التحتية الصحية والتعليمية والاجتماعية، وتحسين آليات تقديم الخدمة للمواطنين، بما يتلاءم مع التحديات البيئية والاقتصادية التي تجابه الدولة المصرية.
كما يتعين علي الحكومة الجديدة العمل على إرساء الحماية الاجتماعية وتوسيع مظلتها وتمكين الفئات الأكثر تهميشا، كالعمل على قانون الأحوال الشخصية الجديد الذي يحقق الانصاف للمرأة المصرية، وغيرها من القوانين الأخرى التي تعمل على مكافحة التمييز والعنف ضد النساء مثل القانون الموحد لمكافحة العنف ضد المرأة وقانون الزواج المبكر إضافة إلى تعديل القوانين الخاصة بالعمل خاصة في القطاع الخاص وما يتعلق بترتيبات العمل المرن لتحقيق مشاركة أوسع للنساء في سوق العمل ومن ثم ضمان التمكين الاقتصادي لهن.
 القطاع السياحي
يجب علي الحكومة الجديدة أن تستهدف تعاظم نمو السياحة المصرية من خريطة السياحة العالمية والوصول إلى أكبر عدد قياسي من السياح في فترة قصيرة، وذلك عبر تعظيم البنية التحتية، وتذليل العقبات أمام السائحين، سواء كانت المتعلقة بعدد الغرف المخصصة لاستقبالهم أو خطوط الطيران المهيأة لنقلهم، وكذلك تطوير الاتصالات ونظام التأشيرات، وكذلك استخدام مفاهيم ترويجية جديدة، ومشاركة القطاع الخاص، وحوكمة القطاع السياحي والاتحادات المنظمة له، والشراكة مع الوكالات الدولية التي تقدم ضمانات ائتمانية، وتحديث الخريطة الاستثمارية السياحية وذلك وفقًا لمحددات منظمة السياحة العالمية
ملف الأمن القومي:
يعد من أهم التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة  هو الحفاظ على الامن القومي المصري ، وذلك في ضوء التحديات الإقليمية والدولية، مع التركيز على مكافحة الإرهاب وضمان الاستقرار، ومن شأن الحكومة الجديدة أن تواصل الاشتباك في الملفات التي كانت تنخرط عبرها الحكومة السابقة، ويأتي آخرها ملف حرب غزة، التي لعبت مصر خلاله دوراً مفصلياً كطرف موثوق في المفاوضات بين كافة الأطراف، عبر آلياتها الدبلوماسية وأجهزة الدولة المعنية.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق