30 يونيو.. الكنيسة الأرثوذكسية: انتشلت مصر من المجهول واستعادتها من سارقيها (5)
السبت، 29 يونيو 2024 08:00 منرمين ميشيل
نقلا عن النسخة الورقية:
- القمص موسى إبراهيم: القائمون على إدارة مصر قبل الثورة لم يدركوا قيمة الوطن فظنوا أنهم يستطيعون صناعة دولة تتفق مع هواهم
- القمص موسى إبراهيم: القائمون على إدارة مصر قبل الثورة لم يدركوا قيمة الوطن فظنوا أنهم يستطيعون صناعة دولة تتفق مع هواهم
عامان عاشتهما مصر، كادا أن يقضيا تماما على تماسكها المجتمعى، بعدما تعمدت جماعة الإخوان الإرهابية على تقسيم المصريين تبعا لديانة كل منهم، وتعرضت الوحدة الوطنية، التى طالما عرف بها المصريون لأكبر ضربة فى تاريخ الدولة المصرية، لذلك جاءت 30 يونيو، لتعيد تصحيح المسار، وهو ما أكد عليه القمص موسى إبراهيم، المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية، الذى قال لـ«صوت الأمة»، إن 30 يونيو، كانت نتيجة طبيعية لأحداث تلاحقت منذ يناير 2011، بل وما قبلها ببضع سنوات، حينما علت بالتدريج الأصوات لدى المهمومين بحال الوطن، مطالبة بالتغيير، وكسر حالة الجمود، وعليه، ظهرت العديد من الحركات، التى بدأت تعمل على الأرض، وصولا إلى 25 يناير، التى أدت إلى حالة من التراجع، طالت الوطن على جميع الأصعدة، فاقتربت مصر عدة مرات من حافة الانهيار الكامل، بسبب صراعات قوى سياسية، وأزمات اقتصادية، واجتماعية، واعتداءات طائفية، دفع ثمنها الشعب بأكمله.
وأشار إبراهيم إلى أنه قبل 30 يونيو 2013، كان من المفترض أن تصل مصر لمرحلة الاستقرار المنتظر، بانتخاب رئيس للجمهورية عام 2012، لكن العكس هو الذى حدث بكل أسف، إذ تحولت الاضطرابات وصراع القوى إلى حالة من التحزب بين الفصيل، الذى وصل إلى كرسى الحكم، وجميع التيارات السياسية والشعبية، واندفع هذا الفصيل بكل قوة لمعاداة كل هذه التيارات، وخلق حالة من الاستقطاب فى المجتمع، وتعدى على الثوابت الوطنية، رغبة منه فى تغييرها بأقصى سرعة، الأمر الذى كشف بوضوح عن أن القائمين على إدارة مصر، لا يدركون قيمة مصر، الوطن! فظنوا أنهم يستطيعون أن يصنعوا مصر جديدة، تتفق مع هواهم، وهنا انتفض الشعب المصرى، الذى عز عليه هويته وجيناته الوطنية الكامنة فى أعماقه، فتجمعت القوى الوطنية والشعبية واستنجدت بجيش مصر الوطنى، ليحمى مصر وهويتها وشعبها ومستقبلها، بل ووجودها، الذى صار مهددا أكثر من أى وقت.
وأكمل المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية بقوله: الحق أن «الجيش» كان يقف بحكم مسئوليته الوطنية على بعد رمية حجر، تسود بين أروقته حالة من عدم الرضا عما يحدث للوطن. فتحرك استجابة مع مطالب الشعب، وسعى فى البداية عدة مرات لأن يضبط إيقاع إدارة الدولة على بوصلة الوطن، عن طريق من فى يدهم الأمور، إلا أنه لم يجد سوى المزيد من العناد والتحدى والتشبث بالسلطة من قبل هؤلاء. وفى المقابل، أصبح الشعب، لا يطيق صبرا بسبب التردى المستمر للأوضاع، فعلا صوته بمطلبٍ واحد لا بديل عنه، وهو الرحيل، وإذ أراد المصريون، أن يدمغوا مطلبهم هذا بختم الصدق والإصرار، نزلوا بالملايين إلى الشوارع فى جميع ربوع مصر، فى يوم مشهود (الأحد ٣٠ يونيو ٢٠١٣)، وتحولت حوارى وشوارع مصر إلى «ميدان تحرير» جديد، ولكن لم يحتله هذه المرة تيار بعينه أو مجموعات من الشباب، أو حركات تتطلع للتغيير، وإنما صارت شوارع مصر مليئة بشعب مصر مناديا بمطلب واحد، وهو «عودة الوطن».
وأشار القمص موسى إبراهيم، إلى ما قاله البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية خلال تصريحات سابقة، إن مصر كانت فى طريقها إلى المجهول بعد فوز محمد مرسى بالرئاسة، وكانت هناك حالة من الخوف والفزع بعد إعلان فوزه، والأحداث كانت تنذر أن هناك شيئا يختطف مصر، ووقت إعلان فوز مرسى كان البابا تواضروس فى مهمة بمدينة سيدنى الأسترالية، وعندما سمع بالخبر كان هناك بكاء وصريخ، وكان الأقباط الموجودون فى سيدنى، يفكرون فى أن يحضروا أقاربهم من مصر، خوفا مما قد يحدث لهم.
وأكمل القمص موسى إبراهيم، نقلا عن البابا تواضروس الثانى: الأنبا باخميوس، اتخذ قرارا بالانسحاب من اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور فى عهد الإخوان، وشعر بأن المناقشات جميعها تسير فى اتجاه بعيد عن الوطنية ومراعاة أن مصر شعبها مسلم وقبطى، وهذا الشعب أو هذا النسيج فى الجمعية التأسيسية، كان يتم إهماله سواء الجانب المسيحى أو الجانب القبطى وصبغ الحياة بكل صورة كأنه لم يكن هناك وجود للأقباط فى مصر، وهذا كان أمرا مؤلم جدا، وبهذا كان الانسحاب من لجنة إعداد الدستور قرارا حاسما جدا، وهناك تخوف من أن إجراءات اختيار البطريريك الجديد، لا تتم فى عهد محمد مرسى، ومرجع هذا التخوف، هو خروج فكرة منذ تنيح البابا شنودة فى مارس وحتى نوفمبر، والأنبا باخوميوس، يختار بطريريك دون إجراءات، وكان التخوف أن الإجراءات لا تكتمل، لأى سب، وهنا رفض الأنبا باخوميوس والمجمع الكنسى هذا الموقق، وأعلنوا السير فى الإجراءات كما ينص التقليد الكنسى، وكان متوقعا أن يجامل مرسى الكنيسة، ويحضر التنصيب، لكن لم يفعل.
ووفقا للبابا تواضروس الثانى، فإن «الرئيس المعزول محمد مرسى لم يشارك فى احتفالات عيد الميلاد المجيد، واكتفى فقط بالتواصل هاتفيا معى، وكانت مكالمة تقليدية، يُقال فيها المتداول فى أى مناسبات، وكان حديثه «بلا مشاعر»، فقد كان يؤدى الواجب فقط، حتى يظهر فى الأخبار، أنه قام بذلك الأمر، والكلمة لا تخرج من اللسان فقط، ويجب أن تنبع من القلب أيضا، حتى تظهر فيها المشاعر الخاصة بها، فمن فضله القلب ينطق اللسان، فكلام اللسان لا يعول عليه، لأن أفعاله كانت غير ما يقوله تماما»، مشيرا إلى أنه «بعد أيام قليلة من أحداث الخصوص، والاعتداءات التى تمت هناك، والتى وصلت إلى بيوت الأقباط والكنسية، حدثت الاعتداءات على الكاتدرائية (الكنسية الأم)، وتحديدا يوم 7 أبريل 2013، وكنت متواجدا فى محافظة الإسكندرية حينها، ووصفت هذا الحدث بالتواطؤ، الأمر الذى أزعج العديد من المسئولين فى ذلك الحين، وكنت أواجه المسئولين حينها بكل حزم حول كيفية الاعتداء على الكاتدرائية، رغم الحراسة الأمنية المشددة عليها، فهى ليست كنيسة صغيرة، أو داخل قرية، بل متواجدة فى العاصمة، فضلا عن رمزيتها المهمة للدولة المصرية، ولم يحدث فى التاريخ السابق، مثل هذه الحادثة، فقد رأينا اعتداءات على كنائس صغيرة، وفى أماكن بعيدة، ولكن الكنيسة المركزية، كان أمرا غير مقبول بالمرة، وبعدها تواصل معى محمد مرسى فى الهاتف بعد وقوع الحادثة، وأخبرنى أنها مجرد اعتداءات من مواطنين عاديين، ولم أتقبل حديثه تماما، خاصة حين قال لى إن الاعتداء على الكاتدرائية، هو اعتداء عليه شخصيا، فلم أصدق ما قاله، وكانت تلك اللحظة صعبة للغاية علينا جميعا».
ما قاله البابا تواضروس الثانى، بشأن الأحداث، التى شهدتها مصر خلال فترة حكم جماعة الإخوان، يؤكد المسار الذى كانت تسير فيه الدولة، والذى اتضح بشكل كبير بعد ثورة 30 يونيو، فالإخوان استهدفوا الكنائس فى كل المحافظات، وأشعلوا النيران بها، واستهدفوا الأقباط، معلنين صراحة أنهم ضد الدولة الوطنية، وهو ما يؤكد أن وقوف المصريين جميعا صفا واحدا مع قواتهم المسلحة فى 30 يونيو، كان القرار الأصوب، لأنهم وقفوا أمام فاشية تريد تقسيم مصر، والقضاء على الإرث التاريخى، الذى تتمتع به الدولة المصرية، والذى لا يفرق بين مصرى وآخر بسبب الدين، فالجميع سواء، وهو ما حققته ثورة 30 يونيو على أرض الواقع.