30 يونيو.. الدكتور باسل عادل مؤسس ورئيس كتلة الحوار: بداية عمر (3)
السبت، 29 يونيو 2024 07:00 م
نقلا عن النسخة الورقية:
من حسن الطالع، أن تأتى ثورة 30 يونيو فى آخر يوم فى الشهر، ليبدأ عمر جديد لهذه الأمة العظيمة مصر، التى كانت على «حافة الخطر» أثناء حكم الإخوان، وأضحت تخطو للهاوية، بعدما أوشك الإخوان أن يسلبوا مصرنا كل تفاصيلها الخاصة، ملامحها، هويتها، بشاشتها، عظمتها، تنوعها، نضارتها، تسامحها، وسطيتها.
مصر التى كانت قبلة العباد، صارت طاردة مكفهرة مكلومة، مصر التى احتوت كل الثقافات، ومصرتها، وصبغتها بلونها، كانت تحت العدوان الثقافى الثيوقراطى، الذى اختطفها لصالح التشدد والتعصب.
إن «حافة الخطر»، تصلح عنوانا لمرحلة حكم الإخوان بكل تفاصيلها، ولقد أدرك الشعب المصرى بفطنته مبكرا، أنه مختطف لصالح مشروع سلطوى عنيف، يتخذ من الدين ستارا له، ويتلحف بالمظلومية غطاء، فقد حاول الإخوان السطو على كل مكتسبات ثورة يناير، والاستئثار بمغانمها على اعتبار أنهم ورثة النضال السياسى وحدهم دونما كل التيارات والحركات السياسية على مختلف توجهاتهم، أشهروا شعار «مشاركة لا مغالبة»، ولم يتركوا مقعدا من مقاعد الدولة والحكم إلا وحاولوا السيطرة عليه، وشرعوا فى سياسة التمكين من كل مفاصل الدولة، والجهاز الحكومى البيروقراطى، وجعلوه هدفا مشروعا طوال الوقت.
إن جماعة الإخوان المغلقة فى أطول «جيتو» مغلق عرفه التاريخ، انكفأت على مصالحها الخاصة، وتمكين أولادها، وتبنت سياسة داخلية، تعزز شعبيتها دون النظر لمحددات وقدرات الوطن المالية والمادية ومصلحة الموازنة العامة، وكبدت الدولة بأعباء أشرفت أن تؤدى إلى وقوع كوارث حقيقية، لم يفكروا فى إصلاح سياسى أو اقتصادى، وأهملوا كل القضايا الجادة، وتغافلوا عن دفع ثمن نهضة هذه الأمة، فضلا عن تبنى سياسة خارجية تميل لكل الدول التى تدعم مشروعهم فى «الخلافة» كما يدعون، فلم تكن محددات الأمن القومى المصرى محددا لنظرتهم للعالم الخارجى، واقتصرت نظرتهم القاصرة على مناصريهم من دول المنطقة والعالم، وشكل هذا خطرا بالغا وحيويا على مصالح مصر القومية وأمنها وسلامتها، وأصبح الوطن مستباحا لكل الدول، التى تؤيد وتعضد نظام الإخوان فى الحكم، فكيف لجماعة، قال مرشدها فى وقت من الأوقات «طز فى مصر»، كما قال إن الإخوانى الباكستانى أو الماليزى أقرب لى من المسلم المصرى، وقال أيضا إنه لا يمانع فى أن يكون رئيس مصر من أى جنسية أخرى طالما هو مسلم، وأن الدين لا يعرف حدودا لدولة وأنه لا فرق ولا خصوصية لمصرى، ولكن كل الخصوصية «للإخوان» من أى دولة دونما الاعتراف بوطنية أو جنسية.
إن الشعب المصرى بعظمته وعمقه التاريخى وحضارته، فطن أنه أمام مشروع «استيلائى»، مشروع أقرب للاحتلال الناعم، احتلال داخلى يشرعن العنصرية لصالح جماعة الإخوان، ثار المصريون لمصريتهم ولفهمهم لدينهم، الذى ينبذ الإقصاء والعنصرية والكهنوت، وفاضوا بالملايين فى شوارع المحروسة بطوفان هادر، يهتف للحرية، ونبذ الكهنوت، فيقول بصوت جهورى أثناء الثورة «يسقط يسقط حكم المرشد»، و«ثورة ثورة فى كل مكان ضد المرشد والإخوان»، وكثير من الهتافات المنددة بحكم الإخوان، واستجاب الجيش العظيم لهذه الثورة الوطنية المخلصة فساند الشعب، وعمل على تحقيق رغباته وطموحاته فى حياة كريمة بعيدة عن لؤم الإخوان ومكرهم، فكانت عظمة ثورة يونيو، أنها ثورة نظيفة فى مواجهة خصم إرهابى متطرف يده ملوثة بدماء كثير من الوطنيين وشهداء الجيش والشرطة.
كانت ثورة جامعة فى مواجهة جماعة تنشر الفرقة والفتنة. كانت ثورة مضيئة مبهرة فى مواجهة جماعة عاشت وترعرعت فى الظلام والخفاء. كانت ثورة مبدعة فى مواجهة جماعة رجعية متخلفة زمانيا ومكانيا. كل التحية والفخر والإجلال لشعب مصر العظيم وجيشه وقائده الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أنقذ مصر من الوقوع فى براثن التخلف والقهر والإرهاب.