مؤتمر "المصري للفكر" يناقش القرن الأفريقي وضرورات الأمن القومى.. اللواء الدويري: تحركات القاهرة مهمة وذات أولوية
الخميس، 27 يونيو 2024 03:05 م
أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري ، نائب مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن منطقة القرن الأفريقي تعد دائرة أمن قومي مصري أساسية ومباشرة، مشيراً في مؤتمر "صراعات القرن الأفريقي" ، الذي عقد الخميس إلى أن التحركات المصرية في القارة الأفريقية ليست ثانوية، ولكنها أساسية ومهمة نظرًا لتأثيرها المباشر على الأمن المصري.
وأضاف الدويري خلال المؤتمر أنه على الرغم من انشغال مصر بالكثير من التوترات الإقليمية التي تتسم بتفاعلات كبيرة وعنيفة، إلا أن التحركات المصرية المرتبطة بالقرن الأفريقي مهمة للغاية وذات أولوية.
وأضاف نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أنه من المهم الإشارة إلى أنه لا يمكن الحديث عن أسباب الصراع في القرن الأفريقي دون وضع مجموعة من الآليات لمواجهتها.
وتابع: لا توجد أزمة في العالم بشكل عام وفي المنطقة الأفريقية بشكل خاص يحدث فيها تدخل أجنبي إلا وأسهم هذا التدخل في زيادة وتفاقم التوترات.
وشارك في المؤتمر الذي نظمه المركز المصري للفكر والدراسات نخبة واسعة من خبراء الشئون الأفريقية، والعلاقات الدولية، ومراكز الفكر المصرية والأجنبية، بالإضافة إلى حضور رفيع المستوى من الوزراء، وكبار المسئولين بالدولة المصرية، وممثلين عن السفارات الأجنبية، والمنظمات الدولية، والأكاديميين، والباحثين، إلى جانب ممثلين عن منظمات المجتمع المدني.
ويهدف المؤتمر إلى تقديم قراءة شاملة حول طبيعة وأبعاد وتداعيات الصراعات الراهنة في إقليم القرن الأفريقي، وذلك بغرض بلورة تصور لسبل المواجهة الجماعية لهذا الوضع الإقليمي المعقد.
وتحدث المشاركون في المؤتمر عن الجهود المصرية المستمرة في حل مشاكل القارة الأفريقية وانهاء الصراعات في منطقة القرن الأفريقي.
وخلال كلمته الافتتاحية للمؤتمر قال الدكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الدولة المصرية تستضيف أعدادًا متزايدة من اللاجئين الفارين من ويلات الحرب.
وأضاف، أن الصراع في السودان فرض العديد من التداعيات الأمنية أسهمت في زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي، كما فرضّ تحديات أمنية على دول الجوار المباشر، وفي مقدمتهم مصر التي تستضيف أعدادًا متزايدة من اللاجئين الفارين من ويلات الحرب.
وأكد أن أهمية إقليم القرن الأفريقي تنبع من موقعه الرابط بين القارات الثلاث أفريقيا وآسيا وأوروبا، وإطلالته على أهم ممرات الملاحة الدولية، ممّا يجعله ممرًا حيويًا للتجارة الدولية، ونقطة التقاء للعديد من مصالح القوى الإقليمية والدولية.
وأوضح أن الإقليم واحدًا من أفقر مناطق العالم، وأكثرها اضطرابًا، في ضوء ما يشهده من صراعات مُركبة، وأزمات مُتداخلة، وتحديات مُتزامنة.
وأشار إلى أن الصراعات التي يواجهها إقليم القرن الأفريقي؛ تتعدد ما بين صراعات ذات طبيعة أثنية، وصراعات حدودية، وصراعات على الموارد، هذا بالإضافة إلى تنامي ظاهرة الأقاليم الانفصالية.
وتابع: بلغ الاضطراب في القرن الأفريقي ذروته بشكل غير مسبوق، منذ نوفمبر 2023 وحتى الآن، جراء ما أفرزته الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من تبعات متمثلة في هجمات الحوثيين على السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل والدول الغربية الداعمة لها.
ومضى يقول: نتج عن هذا الاضطراب تداعيات سلبية على إمدادات التجارة الدولية ومسارات سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار الشحن والتفريغ، الأمر الذي ألقى بظلاله أيضًا على أهم الممرات الملاحية الدولية لا سيما قناة السويس.
وقال المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية: يأتي مؤتمرنا اليوم لتفكيك وتفسير الصراعات والأزمات المختلفة التي يشهدها الإقليم، واستشراف تداعيات هذه الصراعات على الأمن الإقليمي والمصالح الاستراتيجية المصرية.
واستطرد أن معالجة صراعات وأزمات القرن الأفريقي لا تقع على عاتق دولة واحدة، بل هي مسؤولية جماعية مشتركة يتحملها المجتمع الدولي بأكمله عبر دعم الجهود الدبلوماسية المبذولة لتسوية الصراعات الراهنة في الإقليم، وتبني نهج قائم على الحوار والوساطة، ومعالجة الأسباب الجذرية لهذه الصراعات.
واختتم قائلاً إنّ مستقبل القرن الأفريقي يعتمد على قدرتنا على التعاون معًا لمعالجة هذه الصراعات والأزمات المركبة، لذا دعونا نعمل معًا لبناء مستقبل أفضل لشعوب القرن الأفريقي.
بدوره قال السفير إيهاب مصطفى عوض، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، إن منطقة القرن الأفريقي تقع في بؤرة اهتمام القوى الكبرى، نظرا لأهميتها واستراتيجية الموانئ والمناطق اللوجيستية فيها.
فيما قال الدكتور أحمد أمل خلال الجلسة الأولى لمؤتمر "صراعات القرن الأفريقي وتداعياتها على الأمن الإقليمي والمصري"، إن لصراعات الإثنية واحدة من القضايا المهمة في القرن الأفريقي
وأشار خريطة الصراعات الإثنية تشمل كل دول الإقليم، فهي صراعات حاضرة داخل كل دولة من دول الإقليم، موضحاً أن هناك أنواع عديدة من الصراعات منها: صراعات إثنية انفصالية، وصراعات إثنية وجودية، وصراعات إثنية يحضر فيها البعد القومي، وصراعات إثنية قائمة العرق.
وأضاف: تعدد أشكال الصراع الإثني أدى الى تفاقم تلك الصراعات وبالتالي تعثر تسويتها لوجود أسباب جذرية من الصب حلها.
وأكد أن الصراعات الإثنية في القرن الإفريقي شديدة التعقيد، وهناك حاجة لفهم هذه الصراعات بشكل أفضل وسبب استمرارها وانتشارها إلى الآن.
وأوضح أن الوصول لتفكيك صراعات القرن الأفريقي يحتاج المزيد من الجهد، ولابد من إفساح المجال للآليات التقليدية لإفراز سلام أهلي بين المكونات المجتمعية.
وتابع: التقسيم الرديء المتعمد وغير المتعمد لحدود الدول الأفريقية أدى إلى كونها مجرد تقسيمات على الأرض ولا تعبر عن الأمة، وهو ما فاقم الصراع في القرن الأفريقي.
وبين أن مسلك الدول الكبرى تجاه منطقة القرن الأفريقي جعلها واحدة من أهم ساحات التنافس الدولي، وهو ما نتج عنه صراعات مستمرة إلى الآن.
واستطرد: "الصراعات الإثنية في القرن الافريقي ليست مشكلة مستوردة فحسب، بل لها أسباب داخلية متعددة، منها أن خصوصيات هذا الإقليم أفرزت أحداثًا سياسية كانت قوية وفاعلة.
وأضاف أن مشروعات الكيانات الأساسية في القرن الأفريقي كانت نابضة وقوية، وهو ما ترك أثرًا قويًا على القرن الافريقي.
واختتم قوله بـ"كان من المتوقع أن يسهم استقلال الصومال والسودان وكينيا في وجود نماذج وطنية للتعايش ومن ثم وجود دولة قوية ولكن ما حدث أن المنطقة شهدت مجموعة كبيرة من السياسيات العنيفة والإقصائية"
بدوره أوضح حسام ردمان زميل باحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، أنه توجد مجموعة من الفاعلين المسلحين من دون الدول والجماعات الجهادية النشطة في منطقة القرن الأفريقي والدول المشاطئة للبحر الأحمر.
وقال إن اليمن والقرن الأفريقي أصبحا وحدة جيوسياسية واحدة، والتجربة الحوثية منذ السابع من أكتوبر 2023 أظهرت مدى تجذر التصعيد الإقليمي في ذهنية هذه الحركة، بل أصبحت ذات مشروع إقليمي ومرتبطة بمشروع إقليمي.
وأضاف أنه من الواضح أن الحوثيين هو التنظيم الصاعد حاليًا، لا سيما وأن التنظيم بات لديه قدرة كبيرة على التكيف مع الضربات الأمريكية البريطانية، ومع احتدام التصعيد الإقليمي يتوقع أن تزداد الهجمات الحوثية وأن يكون هناك المزيد من التصعيد.
وأشار ردمان إلى أنه ربما يتجه الحوثيون إلى زيادة المدى الجغرافي لعملياتهم لتشمل البحر الأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، وسينبني ذلك على نوع من التعاون مع فصائل مسلحة في العراق، لكن هذا المسعى يصطدم بعدم وجود أسلحة مناسبة لذلك، وربما يكون الحل في اللجوء للأسلحة عبر حركة الشباب.
وأكد أن تنظيم القاعدة في اليمن يواجه حاليًا مرحلة تحول شديدة النوعية، ترتبط بتغير القيادة المركزية للتنظيم وزيادة حالة الارتباط بين التنظيم وإيران، وكذا العديد من الإشكالات البنيوية. وتطرح كل هذه الاعتبارات تساؤلات مرتبطة بطبيعة النهج العملياتي الذي سيتبناه التنظيم في الفترات المقبلة.
وبين أن حركة الشباب الصومالية، توازن بين أجندتها المحلية، والتي تريد السيطرة على القدر الأكبر من الأراضي الصومالية وإضعاف الحكومة الصومالية، وبين الأجندة العالمية لتنظيم القاعدة وكونها أحد أفرعها.
وقال إنه من المؤكد أن هناك حالة ارتباط وتعاون متنامية بين حركة الحوثيين في اليمن من جانب وحركة الشباب في الصومال من جانب آخر.
وأضاف أن تنظيم داعش يجاهد حاليًا من أجل إعادة إحياء نفسه، وهو يراهن في بعض الدول كالصومال وبالتحديد في بونتلاند على إيجاد موطئ قدم، مبيناً أن هناك تشابكات كبيرة بين الحركات الإرهابية في الصومال واليمن، لكن تنظيم القاعدة وحركة الشباب في حالة تنافس كبير مع داعش.
وفي كلمته قال الدكتور محمد عاشور مهدي، استاذ العلوم السياسية والقانون الدولي، بجامعة القاهرة، إن خريطة القرن الأفريقي تتضمن نقاط لنزاعات كامنة بين الدول الأفريقية وبعضها البعض أو داخلها.
وأضاف أن شكل توتر العلاقات في القرن الأفريقي بين إثيوبيا والصومال يتمثل حول إقليم أوجادين، وبين السودان وإثيوبيا حول إقليم الفشقة، ومنطقة الدوميرة مسار للتوتر بين جيبوتي وإريتريا، ومنطقة بادمي بين إريتريا وإثيوبيا، بجانب الصراع بين جنوب السودان وإثيوبيا وكينيا في المثلث الحدودي بينهم.
وتابع: هناك صراعات إثنية نتيجة الخريطة الحدودية للقرن الأفريقي و الحكومات الهشة لا تستطيع التعامل مع الحدود التعسفية التي تم رسمها، فبعض الحدود لم يتم تعيينها أو تحديدها بشكل واضح.
وأوضح مهدي أن الانقسام الإثني ومساع القوميات للانفصال عن الدول يعد من أهم أسباب الصراع.
وقال: يعد آبي أحمد نموذجًا حول الأطماع في خروج إثيوبيا من إقليمها الجغرافي، عبر الطمع في موانيء دول الجوار.
وأضاف: كذلك يعد سوء العلاقات السياسية بين الدول تؤدي لخروج الصراعات الحدودية من أجل الضغط على الدول وبعضها البعض من أهم أسباب الصراع بالإضافة إلى الأبعاد الاقتصادية والصراعات البحرية من أجل الاستفادة من ثروات المياه الإقليمية الممثلة في مصائد الأسماك أو المياه أو مصادر البترول.
وأشار إلى أنه يمكن التعامل مع هذه الصراعات عبر التكامل الإقليمي لتخفيف الادعاءات الإقليمية ودعم المصالح المشتركة.
واستطرد: وكذلك التنمية عبر التعاون المشترك والدعم الخارجي، من خلال بلورة مفهوم أن الدعم ينبع من مسؤولية وإلتزام ومصلحة من خلال تحمل الدول الأوروبية مسؤوليتها باعتبارها مسؤولة تاريخيًا عن الحدود الهشة، بجانب التأكيد على الالتزام بالمعاهدات الدولية، والمصلحة للحد من أزمة اللاجئين.
في السياق ذاته قالت، د. راوية توفيق أستاذ العلوم السياسية المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية خلال جلسة مؤتمر "صراعات القرن الأفريقي وتداعياتها على الأمن الإقليمي والمصري"، أنه خلال العقد الماضي، كان هناك اهتمامًا من قبل العديد من القوى الدولية بما فيها القوى الغربية بقضية المياه بصفة عامة وبما تثيره من توترات، وخاصة سد النهضة.
وأضافت: لمستُ اهتمامًا بحثيًا وسياسيًا وإعلاميًا بالغًا بقضية سد النهضة خلال عملي بمركز أبحاث التنمية ببون، وهو أحد مراكز الأبحاث القريبة من دوائر صنع القرار بألمانيا.
وأوضحت أنه كان هناك اهتمامًا أمريكيًا متزايدًا بقضية سد النهضة خلال فترة إدارة ترامب التي استثمرت في العام الأخير محاولة الوصول إلى اتفاق ملزم لجميع الأطراف المعنية.
وبينت أنه خلال الثلاثة أعوام الماضية، شهد الملف حالة من تراجع الاهتمام لعدة أسباب.
وشددت على أن هناك حاجة لعودة الاهتمام بملف الأمن المائي بالمنطقة على كافة الأصعدة (السياسية، الدبلوماسية، الإعلامية، البحثية).
وأشارت الدكتورة روية إلى أن قضية المياه قد تسهم في تأجيج الاضطرابات. وفي هذا الصدد حاول الجانب الأوروبي لعب دور أكبر من خلال استثمار خبرته في إدارة المياه العابرة للقارات، إلا أن الأمر لاقى اعتراضًا إثيوبيًا.
وأكدت أن مصر تدفع ثمنًا غاليًا على إثر سد النهضة ليس على المستوى المالي فقط ولكن على المستوى الاجتماعي أيضًا لمجابهة الاحتياجات المتزايدة في ظل حالة الشح المائي الحالية.
وقالت: "هناك تسييس واضح لقضايا المياه، حيث يتم استخدامها كورقة ضغط على الدول، وهناك سردية إثيوبية بأن المراحل المختلفة من الملء تمت خلال الأعوام السابقة، ولم يحدث تأثير بالغ على دولتي المصب اللتين كانتا مبالغتين في الحكم على تأثير سد النهضة".