اللواء محمد الدويري: الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل تزيد من تعقيد حل أزمة غزة ومعاهدة السلام بها كثيرا من التفاصيل
السبت، 01 يونيو 2024 02:09 م
قال اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن مصر ترفض وبشدة الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة في مدينة رفح وخاصة احتلال معبر رفح ومحور فيلاديلفيا الذين يقعان على أراض فلسطينية، الأمر الذى دفعنا إلى إغلاق معبر رفح من جانبنا وتوقف دخول المساعدات من خلاله رفضاً للتعامل المصري مع سلطة أمر واقع إسرائيلية احتلت المعبر، لافتا إلى أنه وبغض النظر عن عدم ارتباطا بهذه الإجراءات بمعاهدة السلام بين الدولتين، إلا أن هذه التطورات تزيد من تعقيد فرص حل أزمة غزة وتضفى مزيداً من التوتر على مناخ العلاقات الثنائية.
وأضاف «الدويري»، خلال مقالا له، نشر على موقع المركز المصري، أن هناك مجموعة جوانب من الضروري أن يشار إليها، وهى لا تتعلق بالعمليات العسكرية، ولكنها تتعلق بمصطلحات تم تداولها خلال الحرب، ومن ثم من المهم توضيح بعضها وتصحيح البعض الآخر، استنادًا على نصوص الاتفاقات، حتى لا تختلط الأمور ويتم توجيه اتهامات باطلة ضد بعض الأطراف .
اتفاقات كامب ديفيد
وأشار ، نائب رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ، خلال المقال الذي تناول ما نص عليه بعد الاتفاقيات والمعاهدات الموجودة بين البلدين، أن ما يطلق عليه “اتفاقات كامب ديفيد ” فهي تتضمن اتفاقين رئيسيين تم توقيعهما في 17 سبتمبر 1978 بين كل من الرئيس السادات والرئيس كارتر ومناحيم بيجين، الإتفاق الأول يسمى “إطار السلام فى الشرق الأوسط” وهو خاص بحل القضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى طبقاً لقرارى مجلس الأمن رقمى 242 و338، مشيرا ‘إلى أن الاتفاق الثاني هو “إطار الإتفاق لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل” وهو عبارة عن مجموعة مبادئ رئيسية سوف تتضمنها معاهدة السلام عند توقيعها لاحقاً.
قطاع غزة
وتابع أنه في أعقاب مرور ستة أشهر على توقيع هاتين الاتفاقيتان، وقع الرؤساء الثلاثة فى واشنطن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في 26 مارس 1979 التي تنظم كافة أوجه العلاقات الثنائية، وهنا نشير إلى النقاط الأربع التالية :-
النقطة الأولى أن اسم “قطاع غزة” ورد في المادة الثانية من المعاهدة ونصت على “أن الحدود الدائمة بين مصر وإسرائيل هي الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وذلك دون المساس بوضع قطاع غزة (أي أن غزة خارج أي اتفاق بين الدولتين).
فيما أكد أن النقطة الثانية تتعلق بترتيبات الأمن وردت في المادة الرابعة ونصت في فقرتها الرابعة على “أنه يتم بناءً على طلب أحد الطرفين إعادة النظر في ترتيبات الأمن المنصوص عليها وتعديلها باتفاق الطرفين (مناطق محدودة التسليح في الأراضي المصرية والإسرائيلية – قوات أمم متحدة ومراقبين واستبدلت بقوات حفظ سلام.
وتابع: أن النقطة الثالثة تتعلق بالملحق الأول للمعاهدة – وهو البروتوكول الخاص بالانسحاب الإسرائيلي وترتيبات الأمن – في مادته الثانية أن هناك أربع مناطق يتم فيها تحديد طبيعة التسلح وشكل تواجد القوات الدولية ثلاثة منها داخل سيناء (أ – ب – جـ) وينطبق نفس الأمر على الأراضي الإسرائيلية التى ستكون بها منطقة واحدة وهى (د) ولا تتواجد بها دبابات أو مدفعية أو صواريخ ( تم مراعاة العمق الجغرافي للدولتين).
واستكمال: النقطة الرابعة أن المنطقة (د) تقع داخل الأراضي الإسرائيلية على حدودها مع مصر وتبدأ من شرق رفح أى ابتداء من نقطة تقع خارج حدود القطاع وتمتد حتى إيلات، أى أن غزة لاتقع ضمن المنطقة (د)، ومما يؤكد ذلك أن إسرائيل عندما انسحبت من غزة عام 2005 سحبت جميع قواتها العسكرية من غزة.
حرس حدود
وارتباطا بالترتيبات الأمنية فى سيناء، فقد وقعت مصر مع إسرائيل اتفاقا فى سبتمبر 2005 يقضى بانتشار فوج حرس حدود فى المنطقة (جـ) فى سيناء بديلاً لقوات الشرطة المنصوص عليها فى المعاهدة من أجل محاربة الإرهاب والتهريب وخاصة فى المنطقة الحدودية مع غزة، ثم نجحت مصر بإمتياز فى تعديل المادة الرابعة من المعاهدة عندما تم التوافق فى إطار اللجنة المشتركة بين الدولتين فى أوائل نوفمبر 2021 على زيادة قوات حرس الحدود وإمكاناتها لضبط وتأمين الحدود فى الإتجاه الإستراتيجى الشمالى الشرقى.
محور فيلاديلفيا
أما فيما يتعلق بمحور فيلاديلفيا فإنه عبارة عن شريط ضيق يقع كاملاً داخل قطاع غزة فى مواجهة الحدود مع مصر ويمتد من البحر المتوسط وحتى معبر كرم أبو سالم (14كم) وأطلقت إسرائيل عليه هذا الإسم عقب إحتلال القطاع وتمركزت فيه قواتها العسكرية، والأمر اللافت هنا أن إسرائيل انسحبت من المحور عقب إنسحابها من غزة فى سيتمبر 2005 مما يؤكد أنه ليس جزءاً من أراضيها ولايدخل ضمن المنطقة (د)، وقد سيطرت عليه قوات السلطة الفلسطينية عقب الإنسحاب الإسرائيلى ثم سيطرت عليه حركة حماس عقب سيطرتها على غزة منتصف 2007، والخلاصة أن هذا المحور الفلسطينى لم تنظمه أية إتفاقات مصرية إسرائيلية أو فلسطينية.
وأردف، "أنه فيما يتعلق بمعبر رفح لابد وأن نوضح أن إسرائيل سيطرت المعبر منذ احتلالها غزة عقب حرب 67 وكان يعمل بشكل طبيعي فى ظل الاحتلال لمدة 38 عاما" لافتا إلى أنه فى أعقاب انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005 تم توقيع ما يسمى باتفاقية المعابر فى 15 نوفمبر 2005 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل ونصت على وجود طرف ثالث لتنظيم العمل فى المعبر من الناحية الفلسطينية ولم تكن مصر طرفاً في هذا الاتفاق بأي شكل.
مؤكدا أن العمل انتظم في المعبر منذ 25 نوفمبر 2005 وارتبط بوجود ثلاثة عناصر أساسية وهى هيئة المعابر التابعة للسلطة الفلسطينية وقوات الحرس الرئاسي الفلسطيني والطرف الثالث وهو قوات أوروبيةEUBAM .
وأشار، أنه عقب سيطرة حماس على غزة فى يوليو 2007 انسحبت EUBAM من المعبر وتم طرد سلطة المعابر والحرس الرئاسي، وبالتالي لم تعد العناصر الثلاثة المتوافق عليها متوافرة، ومن ثم تم إغلاق المعبر من الناحيتين، إلا أن مصر كانت تفتح المعبر بشكل استثنائي على فترات أمام خروج سكان غزة.
واختتم أنه تم إغلاق المعبر عقب أحداث يناير 2011 لأسباب أمنية إلا أنه بعد القضاء على الإرهاب تم إعادة افتتاحه بشكل دائم ولم تغلقه مصر من ناحيتها منذ بدء الحرب الحالية على غزة إلا عندما احتلته إسرائيل خلال الأسابيع الماضية ولن يتم فتحه إلا إذا انسحبت إسرائيل من المعبر الفلسطيني.