بالعلم والعمل نقدر.. استخدام الميكنة والوسائل العملية الحديثة يزيد إنتاجية الفدان باستخدام مياه أقل لمواجهة الفجوة المائية

السبت، 01 يونيو 2024 11:00 م
بالعلم والعمل نقدر.. استخدام الميكنة والوسائل العملية الحديثة يزيد إنتاجية الفدان باستخدام مياه أقل لمواجهة الفجوة المائية
يوسف أيوب

فى 2011 كان تعداد سكان مصر 81 مليون نسمة، واليوم وصل التعداد إلى 106 ملايين نسمة، بما يعنى أن 25 مليون نسمة زادتهم مصر فى 13 عاما فقط، أى أن عدد السكان زاد بنسبة 30%، وهو معدل مرتفع جدا، له الكثير من المتطلبات، ويحتاج إلى خدمات متزايدة، وبنية تحتية جديدة.

هذه الزيادة اذا حدثت فى أوقات طبيعية، كان من الممكن ألا يكون لها تأثير سلبى، بل يمكن استغلالها حينها لصالح الناتج الإجمالى للدولة، كما تفعل الدول كثيفة السكان مثل الصين والهند، لكن للأسف الشديد هذه الزيادة حدثت فى وقت تواجه الدولة اضطرابات داخلية وتحديات إقليمية، ما أدى إلى انهيار شبه كامل فى البنية التحتية، وشلل اقتصادى، وأمور أخرى كثيرة.

الزيادة السكانية غير الطبيعية، أنتجت بجانب عوامل أخرى، لكنها الأكثر تأثيرا، فجوة مائية تقدر بـ21 مليار متر مكعب سنويا، بالإضافة إلى تزايد الطلب على احتياجات غذائية، فضلا عن زيادة الضغط على البنية التحتية المتهالكة فى الأساس، والخدمات غير الموجودة مثل التعليم والصحة والإسكان، لذلك لم يكن من بديل سوى أن تتحرك الدولة بسرعة كبيرة، لأن الوقوف فى نفس المكان يعنى انهيارا تاما للدولة، وعدم قدرتها على توفير الاحتياجات.

من هنا جاءت تحركات الدولة بالمشروعات القومية، ومد شبكات الطرق وبناء بنية تحتية متكاملة بديلة للمتهالكة التى مرت عليها عقود دون أن يهتم بها أحد، لكن ظل الهاجس، أو القلق الذى يراود الدولة فى تحقيق الأمن الغذائى، أخذا فى الاعتبار أن الأرقام قبل عشر سنوات كانت صادمة ولا تبشر بخير، ففى حين نعانى اقتصاديا، كانت غالبية احتياجاتنا مستوردة، ولم نكن نملك الغذاء، وارتبط أمن مصر الغذائى بما يستورد من الخارج.

لذلك جاءت الخطة التى وضعها الرئيس السيسى فى 2014 بالتعمير فى كل مكان، والتعمير هنا ليس فقط البناء، لكن أيضا بالزراعة، لتوفير الأمن الغذائى، وكان الحل فى اختراق الصحراء وتنميتها لأنها هى مستقبل الأمن الغذائى المصرى، وبنظرة سريعة لما حدث فى هذا الملف تحديدا يمكننا أن نعرف أين كنا وكيف أصبحنا اليوم.

على سبيل المثال، حلم توشكى وتعمير هذه المنطقة الحيوية فى جنوب الوادى، بدأ عام 1997، لكننا وصلنا إلى عام 2017 وكان المنزرع منها 400 فدان فقط، وفى شرق العوينات كان الوضع لا يختلف كثيرا، منذ 1999 إلى 2012 كان المنزرع بها 80 ألف فدان.

كان هذا قبل سنوات قليلة، قبل أن تقرر القيادة السياسية اقتحام الصحراء، ونتج عن هذه السياسة، ارتفاع الرقعة المنزرعة فى توشكى إلى 420 ألف فدان اليوم، وفى العوينات إلى 240 ألف فدان، بالإضافة إلى مشروع مستقبل مصر.. فكيف حدث ذلك؟

البداية كانت فى 2014 حينما تضافرت جهود الدولة لتحقيق استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة ضمن رؤية مصر 2030، من خلال النهوض بقطاع الزراعة والأنشطة المرتبطة به من خلال صيانة الرقعة الزراعية المتاحة، ومنع التعدى عليها، بل والإصرار على التوسع الأفقى بها، مع توجيه واضح من القيادة السياسية بضرورة تحقيق الاستفادة القصوى من كل الموارد المائية المتاحة، وإعادة تأهيل البنية الأساسية لمنظومة الرى للحفاظ على الموارد المائية لتحقيق الحلم، لذلك سابقت الدولة الزمن وبأقصى معدلات الإنجاز لاستصلاح وزراعة 430 ألف فدان فى جنوب الوادى منها 140 ألف فدان فى توشكى، ولم يقتصر الأمر على الزراعة، وإنما تم شق الترع والقنوات الخاصة بالمشروع، والطرق الرئيسية والفرعية التى تم إنشاؤها، فضلا عن الأعمال الصناعية الخاصة بهذا المشروع العملاق، علاوة على موزعات شبكات الكهرباء بإمكانيات تفوق الخيال، وتوازى ذلك مع مواكبة التقدم التكنولوجى فى هذا المشروع من خلال استخدام أحدث أنظمة الرى والتسميد للأرض الزراعية وأحدث الآلات والمعدات الزراعية بالتعاون مع الشركات الوطنية المصرية.

والأسبوع الماضى تم - رسميا - إعلان استصلاح وزراعة 400 ألف فدان فى منطقة توشكى، ومستهدفة زراعة 600 ألف فدان بنهاية عام 2025 فى طفرة زراعية غير مسبوقة، كما تم استصلاح وزراعة 240 ألف فدان فى شرق العوينات ومستهدف 400 ألف فدان بنهاية عام 2025، وهذا المشروع يهدف إلى استصلاح وزراعة مئات الآلاف من الأراضى الصحراوية بأجود المحاصيل الزراعية الاستراتيجية مثل القمح التى بلغت مساحته 500 ألف فدان، لتقليل الفجوة الغذائية وخلق فرص عمل للشباب، وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة.

 المهم فى كل ما يحدث، هو استخدام الميكنة والوسائل العملية الحديثة لزيادة إنتاجية الفدان من المحاصيل الزراعية المختلفة، بالتوازى مع الاستفادة من نظم الرى الحديثة لتقليل استهلاك المياه فى المشروعات، وهو ما أكد عليه الرئيس السيسى، الذى دعا المستثمرين للمشاركة مع الدولة فى تنفيذ المشروعات بما يحقق إنتاجية أكبر بنفس كميات المياه المستخدمة للحصول على أكبر إنتاجية من الفدان، مؤكدا فى الوقت نفسه ضرورة الحفاظ على كميات المياه خلال الزراعة عن طريق استخدام أقل كمية مياه ممكنة لتوفير أكبر إنتاج للمحاصيل الزراعية.

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق