الأمن الغذائى فى أمان..
مستقبل مصر وشرق العوينات وتوشكى.. 3 مشروعات زراعية عملاقة تحقق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية
السبت، 01 يونيو 2024 11:00 م
- الدولة تدخل بقوة على خط التصنيع الزراعى.. وإنشاء منظومة رقمية للأراضى الزراعية على مستوى الجمهورية
شهدت مصر منذ السنوات الأولى لحكم الرئيس السيسى طفرة كبيرة فى حجم المشروعات الزراعية، حيث وصل عدد المشاريع الزراعية العملاقة فى أنحاء الجمهورية إلى 80 مشروعا، والتى كان هدفها الرئيسى توفير المحاصيل الاستراتيجية للشعب المصرى، فى خطوة مهمة من عدة خطوات أخرى قطعتها مصر للاستقلال بالقرار الوطنى بعيدا عن أى هيمنة، مستمدة نهضتها الزراعية من مقوله تاريخية توارثناها «من لا يملك قوته لا يملك قراره».
وشهد «القطاع الزراعى» تنفيذ الكثير من المشروعات القومية، ومن أهمها كان مشروع «مستقبل مصر للإنتاج الزراعى» والذى بدأ التفكير فيه فى يوليو 2017، حينما وجه الرئيس السيسى بالبدء فى تنفيذ المشروع لتوفير منتجات زراعية ذات جودة عالية وبأسعار مناسبة للمواطنين، وتصدير الفائض للخارج، ما يسهم فى تقليل الاستيراد وتوفير العملة الصعبة فى إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
وأكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، الحرص على المتابعة الدائمة لتنفيذ مختلف المشروعات القومية التى يتم تنفيذها حاليا فى المجال الزراعى، وبذل ما يلزم لدفع سير العمل بها، لا سيما مشروعات جهاز مستقبل مصر، مشددا على أهمية وضع منظومة رقمية للأراضى الزراعية على مستوى الجمهورية، منبها إلى أهمية تلك المنظومة الرقمية فى تتبع إنتاج المزارع والشركات المختلفة؛ بما يمكن من تطبيق أعلى معايير الجودة فى الحاصلات الزراعية، مشيرا إلى جهود جهاز مستقبل مصر فى إعداد مقترح لإنشاء شركة للتحول الرقمى فى مجال الزراعة، بما يساعد على توحيد الجهود فى هذا الصدد، خاصة أنه يمكن الاستفادة بالمنظومة المقترحة من قبل المؤسسات والجهات المعنية على مستوى الجمهورية.
وشدد «مدبولى» على أهمية أن تعمل المنظومة الرقمية المُقترحة بالتعاون مع أى أطر أخرى يتم تطبيقها من قبل جهات الدولة المختلفة.
وقال السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، إن الوزارة لديها حصر كامل بالحيازات الزراعية عبر منظومة كارت الفلاح، حيث يوجد تسجيل لـ5.6 مليون حيازة، بما يغطى أغلب المساحات الزراعية القديمة، لافتا إلى أن المنظومة المطبقة بوزارة الزراعة، تسهم فى توفير البيانات الخاصة بالأراضى الزراعية، بالإضافة إلى ميكنة عدد من الخدمات المقدمة للمزارعين.
مستقبل مصر الزراعى
ويعتبر مشروع «مستقبل مصر» أحد المشروعات القومية التى تقوم بها الحكومة المصرية فى مجال الإنتاج الزراعى ضمن استراتيجية الدولة لتعظيم الفرص الإنتاجية الكامنة فى مجال استصلاح الأراضى والإنتاج الزراعى فى رؤية مصر 2030، وافتتح الرئيس السيسى قبل أسبوعين موسم حصاد القمح بمشروع مستقبل مصر، والذى يعد قاطرة مصر الزراعية وباكورة مشروع الدلتا الجديدة لتحقيق الاكتفاء الذاتى وتصدير الفائض، حيث إن المساحة المستهدف استصلاحها مليون وخمسون ألف فدان من إجمالى مساحة الدلتا الجديدة ٢.٢ مليون فدان.
ويقع مشروع مستقبل مصر على امتداد طريق محور روض الفرج - الضبعة الجديد، وهو الطريق الذى أنشئ ضمن المشروع القومى للطرق بطول 120 كم وعمق 60 - 70 كم، ويبعد 30 دقيقة عن مدينة السادس من أكتوبر، وقُسّم المشروع إلى 60 طريقا طوليا، و35 عرضيا، مقسمة إلى قطع متساوية كل قطعة 1000 فدان، تبلغ المساحة المستهدف استصلاحها، مليونا وخمسين ألف فدان من إجمالى ٢.٢ مليون فدان المساحة الإجمالية للدلتا الجديدة.
ويهدف المشروع لتعظيم فرص الإنتاج وتوفير منتجات زراعية بجودة عالية وأسعار مناسبة للمواطنين، وسد الفجوة بين الإنتاج والاستيراد وتحقيق الأمن الغذائى والاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية، بالإضافة لتوفير 10 آلاف فرص عمـل مباشـرة، وأكثـر مـن 360 ألـف فرصـة عمـل غير مباشرة ، ومن المتوقع زيادة فرص العمالة خلال المواسم المقبلة، مع سهولة توصيل المنتجات النهائية إلى الأسواق الرئيسية وإلى موانئ التصدير البرية والجوية.
ويوفر مشروع مستقبل مصر حوالى 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وأكثر من 360 ألف فرصة عمل غير مباشرة، ومن المتوقع زيادة فرص العمل خلال المواسم المقبلة، كما يتم تطبق أعلى معايير السلامة والصحة المهنية فى بيئة العمل لسلامة العمال والموظفين، وتقوم وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بتقديم الدعم الكامل ونقل الخبرات للمشروع.
ويتميز مشروع مستقبل مصر بموقع يجعله مقصدا زراعيا للمستثمرين والمزارعين، حيث يقع على محور الضبعة وبالقرب من مطارىّ سفنكس وبرج العرب ومينائى الدخيلة والإسكندرية، ويقوم مشروع مستقبل مصر بتحقيق أعظم أسلوب وطريقة اقتصادية بالنظام الموجه بالوقت لتقليل التكلفة فى المشاريع القومية الاقتصادية والانتاجية، وبالتعاون مع وزارة الزراعة سيقوم المشروع بعمل برامج تدريبية لأوائل الخريجين من كليتىّ الزراعة والهندسة، وكذلك تثقيف العناصر البشرية تماشيا مع دفع عجلة الانتاج الزراعى وتعظيم دور الاستفادة من الخبرات الموجودة، وتحقيق المستهدف من خطة الدولة فى إنهاء مشروع الدلتا الجديدة فى 2023.
حلم توشكى يعود
بدأ مشروع «توشكى الحلم» العام 1997، وكان من المقرر الانتهاء منه يناير 2017 وتم تكليف الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضى الصحراوية أيضا فى يناير عام 2017 بالاستصلاح والزراعة فى توشكى، وكانت المساحة المنزرعة 400 فدان تقريبا 216 فدانَ نخيلٍ، و172 فدانَ عنبٍ، ويجرى تنفيذ مشروع مزرعة التمور بإجمالى مساحة 37500 فدان بأفضل أنواع التمور التى تجود فى تلك المنطقة، وتم دخول الشركة موسوعة جينيس العالمية فى أكبر مزرعة تمور فى العالم.
وفى عين دالة، جرى تكليف الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضى الصحراوية خلال عام 2018 باستصلاح وزراعة 12500 فدان، وجار تنفيذ مشروع الجوجوبا على مساحة 6000 فدان على مرحلتين وبدأ تنفيذ المرحلة الأولى على مساحة 3125 فدانا.
وفى عام 2018، قامت الشركة بزراعة 1000 فدان قمح فى منطقة المفارق بتوشكى كتجربة، وأُعيدت التجربة عام 2019 بعد نجاحها إلى أن ثبت نجاح الزراعة بتوشكى وتم تكليف الشركة بمشروع تنمية جنوب الوادى وبالمشاركة مع الشركة الوطنية للمقاولات العامة والتوريدات والهيئة الهندسية للقوات المسلحة تمت أعمال البنية التحتية من شق الترع وشبكات الرى والكهرباء والطرق بالتعاون مع الشركات الوطنية الأخرى العاملة فى هذه المجالات وتم الوصول فى يناير 2024 إلى مساحة منزرعة 400 ألف فدان بالإضافة إلى الشركات الاستثمارية فى المنطقة وتقدر مساحاتها من 60 إلى 70 ألف فدان.
وقام الرئيس السيسى بتشريف الشركة فى توشكى والعوينات، الأولى كانت زيارة تفقدية لمشروع التمور بتوشكى مارس 2019، والثانية افتتاح المرحلة الأولى لتوشكى ديسمبر 2021، والثالثة بمناسبة بدء موسم الحصاد فى توشكى أبريل 2022، والرابعة بمناسبة بدء موسم الحصاد فى العوينات مايو 2023.
وتمكنت الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضى الصحراوية بزراعة نصف مليون فدان قمح فى كلٍ من توشكى 310 آلاف فدان وشرق العوينات 156 ألف فدان والفرافرة 4725 فدانا وعين دالة 4384 فدانا بالإضافة إلى الزراعات التحميلية الأخرى، بالإضافة إلى الكثير من المجالات الزراعية المختلفة.
وتتمثل أبرز تلك المجالات فى الزراعات الاستراتيجية مثل القمح والذرة، والزراعات الاقتصادية مثل الفول السودانى والبطاطس والنباتات الطبية والعطرية، والخضراوات.
وتعد مزارع الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضى الصحراوية مهيأة للتصنيع الزراعى على الكثير من الزراعات لقيام مصانع السكر ومصانع التمور وحليج الأقطان والمصانع الخاصة بالأعشاب الطبية والعطرية وتجفيف الخضار والفاكهة وأيضا التجميد وصناعات الكتان وصناعات التين الشوكى والأعلاف، بالإضافة إلى الصناعات الأخرى وخصوصا مع توافر البنية التحتية كما تضم العديد من الأنشطة التكميلية الأخرى ومنها، النشاط الحيوانى «أغنام وماعز».
شرق العوينات الزراعي
يعتبر مشروع شرق العوينات ثانى أكبر مشروعات التنمية الزراعية المنفذة فى جنوب غرب مصر - بعد مشروع توشكى - والتى تقع فى الجزء الجنوبى الغربى من الصحراء الغربية بنطاق محافظة الوادى الجديد، والذى يستهدف إضافة نحو 500 ألف فدان للرقعة الزراعية يتم ريُّها بالكامل من مياه الخزان الجوفى فى المنطقة، ويطبق المشروع أسلوب الزراعة الحديثة بهدف توفير إنتاج زراعى خال من الملوثات يتم تصديره للخارج
وتبعد شرق العوينات حوالى 365 كم جنوب مركز الداخلة وتربطها طرق مرصوفة بكل من الداخلة والخارجة وأبوسمبل، وتضم 528 ألف فدان مقسمة إلى 22 قطعة مساحة القطعة 24,000 فدان على أن يـُستصلـَح منها مساحة 10,000 فدان فقط بإجمالى 220 ألف فدان، وتتنوع تكوينات التربة فى شرق العوينات ما بين الأراضى الرملية والرملية طميية وهى تعتبر من أفضل الأراضى الصالحة للزراعة، ويتم تطبيق نظام الرى المتطور فى هذه المنطقة بأنواعه المختلفة «رى بالرش- رى بالتنقيط»، عن طريق حفر الآبار لاستغلال مخزون المياه الجوفية، وتمتاز بكونها التربة الغنية والخالية من الملوثات، ما يجعلها مثالية، وتبلغ مساحتها 528 ألف فدان مقسمة إلى قطع نصفها موزع على شركات زراعية تنتج محاصيل متنوعة تقدر بنحو 3 ملايين طن سنويّا، ومن المستهدف الوصول بحجم الرقعة الزراعية إلى مليون فدان بمنطقة شرق العوينات بحلول عام 2030.
وتضم المنطقة مساحة مخصصة لقطاع الإنتاج التابع لوزارة الزراعة بإجمالى 37 ألف فدان، تم استصلاح 17 ألف فدان منها، بزراعتها بالقمح والشعير والبرسيم الحجازى والذرة النيلى والكانولا والفول السودانى فضلا عن الخضر والفاكهة، كما تم إنشاء مزرعة إرشادية نموذجية على مساحة ثلاثة آلاف فدان لزراعة أصناف القمح 4 آلاف فدان أخرى لهيئة التعمير والتنمية الزراعية للتصرف فيها للمستثمرين الراغبين فى زراعة القطن قصير التيلة، كما تم تحقيق طفرة فى إنتاجية الفدان بالمنطقة حيث وصل إلى 20 إردبا للقمح و25 إردبا للشعير، و16 طنا من الأصناف عالية الجودة من البطاطس المخصصة للتصدير، ومن أهم المحاصيل التى تُزرع بهذه المنطقة البطاطس والقمح والذرة والبصل والتمور.
وتنتشر فى أراضى المشروع زراعات «المانجو، والجوافة، والليمون، والبرسيم، واللوبيا، والعدس، والفول الصويا، والفول السودانى، والسمسم، والكركديه، والقطن، والذرة الصفراء، والكمون والينسون، والنعناع، والثوم، والعرقسوس، والبردقوش، والبلح، والتين، والرمان، والبرتقال»، كما تمت زراعة 6 ملايين شتله أشجار مصدات رياح وذلك لإقامة سياج للوقاية من زحف الرمال.
وسجلت منطقة شرق العوينات رقما قياسيا فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية بأكبر مزرعة للتمور فى العالم تضم المنطقة أكبر مزرعة للتمور على مساحة 40 ألف فدان بمعدل 2.5 مليون نخلة لأصناف مطلوبة فى الخارج، حيث تتميز منتجات التمور فى شرق العوينات بأن لها قيمة سعرية مرتفعة تعادل 5 أضعاف سعر الطن الحالى فى مصر، ومنها صنف بلح المجدول وتمر البرحى، وهذه الأصناف من التمور هى أصناف نادرة فى مصر نظرا لأن 16% من إنتاج مصر هو أصناف نصف جافة، وتخطط الدولة للتوسع فى زراعة النخيل المتميز فى إنتاجية التمور والمطلوبة دوليا مع التوسع فى زراعة الأصناف المطلوبة تصديريّا، كما تم إنشاء محطات تعبئة فى مناطق الإنتاج ومصانع لتمور الدرجة الثانية، التى لا يتم تصديرها بحالتها لتعظيم قيمتها المضافة وإدخالها ضمن منتجات صناعية متعددة.
ويحتل محصول البطاطس مركزا مهما بين المحاصيل الغذائية فى محافظة الوادى الجديد والتى تعطى إنتاجية موزعة على العروات الثلاث الصيفية والنيلية والشتوية تصل إلى مليون طن سنويا بواقع 20 طنا للفدان، ووفقا لإحصائيات مديرية الزراعة بالمحافظة يبلغ إجمالى المساحة المنزرعة بمحصول البطاطس 80 ألف فدان تتركز أغلبها بمنطقة شرق العوينات باجمالى 49 ألف طن كما يضم مركز الفرافرة 28,5 ألف فدان وفى مدينة موط بالداخلة 1500 فدان و187 فدانا بمركز بلاط، ويبلغ حجم إنتاج البطاطس بالمحافظة ما يزيد عن 2 مليون طن، ويتم حصاد البطاطس بأحدث الوسائل الحديثة وهو الأمر الذى يساهم بشكل كبير فى الاستفادة بحجم المحصول وتلافى أعمال الهدر.
كما تحتل منطقة شرق العوينات المركز الأول بمصر فى زراعة القمح بمساحة إجمالية 186 ألف فدان، وتحقق إنتاجية القمح فى أراضى المشروع متوسط 18 أردبا للفدان، وتعتمد زراعة القمح على الأصناف المحلية من المحصول، ويتميز القمح فى شرق العوينات بالجودة وانخفاض معدلات الرطوبة به ويعتمد على الأصناف الأكثر تحملا للجفاف والظروف البيئية غير المواتية، بالإضافة لزراعة 1000 فدان من الأقطان قصيرة التيلة بمنطقة من نوعىّ ليما وإيسا، حيث أثبتت التحاليل الفنية لجودة الأقطان أن قطن شرق العوينات يتفوق على أجود الأقطان العالمية خاصة أقطان أوزبكستان عند تصنيعها وإنتاج الغزل.