بعد صدور قرار العدل الدولية ضد إسرائيل.. ننشر نص المرافعة المصرية أمام المحكمة ومطالبتها بإنهاء الاحتلال
الجمعة، 24 مايو 2024 06:15 م
يوم الأربعاء 21 فبراير الماضى، قدمت الدكتورة ياسمين موسى، المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية، المرافعة المصرية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وركزت خلالها على 4 مبادئ قانونية تنتهكها إسرائيل في ظل احتلالها الممتد للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 وحتى الآن.
وقالت الدكتورة ياسمين موسى في مرافعتها إن "المذابح والمجارزة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 29 ألفًا ونزوح ما يزيد عن 1.3 مليون فلسطيني، في انتهاك واضح ضد القانون الدولي"، مشددة على أن إسرائيل تتعمد جعل الحياة مستحيلة عبر فرض المجاعة والحصار، وتمنع وصول المساعدات بشكل مستمر وتزيد العراقيل بهذا الهجوم على رفح، التي التجأ إليها أكثر من مليون شخص، كما أنها مستمرة في الانتهاكات وترغب في طرد السكان الفلسطينيين من أراضيهم.
وأشارت الدكتورة ياسمين موسى إلى أن "مجلس الأمن فشل في أكثر من مرة في وقف إطلاق النار للحفاظ على حياة الفلسطينيين"، موضحو أن إسرائيل مستمرة في الممارسات غير القانونية في الضفة الغربية عبر الاقتحامات وهدم منازل الفلسطينيين، ودعم العنف من المستوطنين، وزيادة بناء المستوطنات، لافتة أيضاً إلى أن إسرائيل ذاهبة بحل الدولتين إلى المجهول، وحذرت في الوقت نفسه من أن "الانتهاكات من الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي تهدف إلى تجريد الشعب من ممتلكاته، وفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية والاحتلال غير القانوني الدائم".
وخلال مرافعتها باسم مصر، ركزت الدكتورة ياسمين موسى على 4 نقاط أساسية، تضمنت: ولاية واختصاص المحكمة والإطار القانوني في معالجة الاحتلال الممتد، والانتقاص من حقوق الشعب الفلسطيني، واستخدام مفهوم الدفاع عن النفس كمبرر وسبب للاستمرار في العدوان، والتمييز العنصري، وقالت إن "مصر ترى الاحتلال والأمر الواقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني وغير شرعي وخطير جدا"، مشددة على أن هذا الاحتلال بمثابة انتهاك للميثاق الدولي، وأن إسرائيل في احتلالها الممتد قائمة على أنظمة غير قانونية وتطبيقها بشكل مستمر.
وأوضحت المستشارة المصرية أمام محكمة العدل الدولية أن المحكمة صنفت أن الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة محظور، وأن مبدأ تقرير المصير من معايير القانون الدولي الواضح، ولا يمكن انتهاكه تحت أي ظرف، مشددة على أن هذه السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة يجب أن تتم مراجعتها وتقييمها وفقًا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي، خاصة أن الدولة المحتلة يحظر عليها تغيير الوضع القائم في الأراضي المحتلة، ويمنع عليها ضم جزء من تلك الأراضي.
وقالت الدكتورة ياسمين موسى إن الاحتلال المؤقت في القانون لا يمارس السيادة على الأراضي المحتلة أو يعمل على تغيير نظامها أو إخراجها مما هي عليه، وأن قوة الاحتلال تحاول فرض سيطرتها على الأراضي المحتلة والعمل معهم بشكل منفصل عن تلك الموجودة في دولة الاحتلال وفق اتفاقيات جنيف الرابعة، لافتة إلى أن تغيير معالم الأراضي المحتلة على المستوى الجغرافي أصبح أمرا واضحا في فلسطين، مستشهدة بترحيل السكان من أراضيهم، واستقدام المستوطنين للعيش في الأراضي المحتلة، رغم أن اتفاق باريس حظر نقل المدنيين من الأراضي المحتلة لأسباب عرقية أو استعمارية.
كما أكدت الدكتورة ياسمين موسى أن "أوامر إخلاء بالقوة للسكان الفلسطينيين في غزة، تعد مخالفة واضحة للقانون الدولي، وتعد بمثابة تطهير عرقي؛ خاصة أن المادة 49 لا تمنع فقط ترحيل السكان، بل تشدد على أن التهجير القسري أمر مرفوض، مضيفة أن "المستوطنات والإجراءات الإسرائيلية لتغيير وضعية القدس الشريف، يعتبرها القانون الدولي انتهاكًا لاتفاقية جنيف الرابعة، كما أن مجلس الأمن في قراره رقم 298 أوضح أن الإجراءات الإسرائيلية لتغيير الوضع في القدس الشريف ومصادرة الأراضي والممتلكات وتهجير السكان (غير قانونية ولا يمكن أن تكون سارية)".
وشددت الدكتورة ياسمين موسى على أن الاحتلال الإسرائيلي الممتد وسياسة الاستيطان بناء على القوانين الاحتلالية، تهدف إلى إخلاء الفلسطينيين من أراضيهم بالقوة، وتحديدا القدس، وتعزيز الوجود اليهودي في تلك الأراضي، من خلال فرض الأمر الواقع، ووصفت حرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في الأراضي المحتلة والعمل على ضمها لإسرائيل بأنه "جريمة حرب"، موضحة أن الاحتلال الممتد لعقود لا يمكن أن يكون متسقا مع القانون الدولي، لا حق لإسرائيل بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية باستخدام القوة، لا شريعة في ذلك، فقرار 242 ينص أنه لا يمكن لدولة أن تحتل أراضي دولة أخرى بالقوة، وهو ما ينطبق على الصراع والاحتلال.
وعززت الدكتورة ياسمين موسى كلامها بمواد ميثاق الأمم المتحدة، تحديدا المادة 32، والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن ونصت على ضرورة إنهاء الاحتلال للأراضي منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، مختتمة: "من وجهة مصر الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة أراض محتلة، لا يمكن أن يكون للاحتلال شرعية لها، وما تقوم به إسرائيل لتغيير الوضع القائم غير شرعي ومحظور، وفق المادة التي تنص على عدم شرعية استيلاء دولة على أرض أخرى بالقوة".
كما أوضحت الدكتورة ياسمين موسى أن المحكمة أصدرت نصًا واضحًا حول ضرورة حماية الحق في تحقيق المصير، وأكدت ذلك في رأيها الاستشاري بشأن الجدار العازل، مستعرضة الأسباب التي تجعل الاحتلال الإسرائيلي الممتد للأراضي الفلسطينية غير متوافق مع القانون الدولي، والتي جاءت كالآتي:
- أنه يحرم الشعب الفلسطيني من تقرير مصيرهم السياسي وتعزيز سيادتهم على أرضهم.
- حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في انتهاك للقانون الدولي.
- إسرائيل تمنع المسلمين والمسيحيين من الوصول إلى المسجد الأقصى والكنائس في القدس، وتمنع الحركة في الأراضي الفلسطينية وداخل الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يؤدي إلى حالة شلل في الاقتصاد وتغيير الطابع الديمغرافي.
- تقطيع وفصل الأراضي عبر انتهاج السياسة الاستيطانة والجدار العازل، وفرض الأمر الواقع، الأمر الذي يشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، والذي ينص على أهمية الوصل الجغرافي لأراضي أي دولة.
وأشارت الدكتورة ياسمين موسى إلى أن "قوات الاحتلال التي انسحبت عام 2005 من غزة، استمرت في السيطرة على غزة من خلال الحصار والسيطرة الجوية والبحر والحدود"، معقبة: "بقي الشعب الفلسطيني محاصرًا، وظلت إسرائيل تقتطع من أموال الضريبة الفلسطينية، وممارسة سلطاتها على الأراضي المحتلة، والتي يجب النظر إليها على أنها وطن واحد، باعتبار أن غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة لعام 1967".
وشددت الدكتورة ياسمين موسى على أهمية إدانة انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، تحديدا الحق في تحقيق المصير، منوهة أن "ما يمارسه الاحتلال الممتد وعملية الدمار الشامل في غزة، تعيد القطاع للعصور الوسطى، وتوضح مدى خطورة الاحتلال وانتهاكه للمبادئ الدولية".
واستعرضت المستشارة المصرية مظاهر التمييز الواضح بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الأراضي المحتلة، مستشهدة بالنظام العسكري المطبق على الفلسطينيين في الضفة الغربية، والأوامر العنصرية المنفذة بحقهم، من بينها: الاعتقال الإداري، ومصادرة الأراضي وهدم المنازل، ووصفتها أنها "جريمة بحق الإنسانية ولا تتفق مع بنود حقوق الإنسان"، مشددة على أن إسرائيل يجب أن تلغي كل القوانين والتشريعات العنصرية التي أوجدتها بحق الشعب الفلسطيني، وأن تتوقف كل الممارسات التمييزية بحق الشعب الفلسطيني»، قائلة إن «الدفاع عن النفس لا يمكن أن يكون مبررا للاحتلال الطويل والممتد، وأن تستخدم إسرائيل القوة ضد الشعب الذي يعيش تحت سيطرتها واحتلالها.
ولفتت الدكتورة ياسمين موسى إلى أن دولة الاحتلال مسئولة عن توفير السلامة للمدنيين في الأراضي المحتلة، وفق مواد القانون الدولي، نافية وجود علاقة بين الدفاع عن النفس وما تمارسه إسرائيل على الأرض، وقالت إن هناك قيود على الاستخدامات العسكرية وفق القانون الدولي، ويجب النظر إلى تلك القيود والعودة إلى القانون الإنساني الدولي، والبنود المتعلقة بالضرورات العسكرية؛ التي يشترط أن تكون محدودة ومقيدة، وتشترط عدم السماح للقوات المحتلة بنقل السكان الأراضي التي تقع تحت سيطرتها بموجب الاحتلال، كما تفعل إسرائيل.
وتساءلت الدكتورة ياسمين موسى خلال مرافعتها: إلى متى سيتحتم على الشعب الفلسطيني أن ينتظر لتحقيق حلمه وطموحاته، إلى متى ستستمر الأمم المتحدة في إدارة آثار الأزمة الإنسانية عن الاحتلال دون معالجة جذور المشكلة؟.
وأكملت: التاريخ سيحاكمنا على استجابتنا لهذا الوضع، وورقتنا تؤكد أن الاحتلال بمثابة انتهاك للقانون الدولي؛ فيجب منع الاستيلاء على الأرض بقوة، ومنع انتهاك الحق في تقرير المصير، ومنع التمييز العنصري، ومنع نظام الفصل، مشددة على أن إسرائيل كدولة محتلة يجب أن تدفع التعويضات اللازمة للمتضررين من احتلالها وإجراءاتها على المستوى الفردي والجماعي، منوهة أن دول العالم عليها عدم دعم الواقع الذي تفرضه دولة الاحتلال الهادفة لتمديد الاحتلال عبر المستوطنات وعملية الضم، وأن تتوقف عن مساعدة دولة الاحتلال بما يؤدي إلى استمراره.