استراتيجية التركيز على قطاع الصناعة وتعميق المنتج المحلى تؤتى ثمارها.. الحكومة ترفع طموح التصدير من 100 إلى 145 مليار دولار سنويا وأول إنتاج مصانع السيارات بحلول 2025

السبت، 18 مايو 2024 10:00 م
استراتيجية التركيز على قطاع الصناعة وتعميق المنتج المحلى تؤتى ثمارها.. الحكومة ترفع طموح التصدير من 100 إلى 145 مليار دولار سنويا وأول إنتاج مصانع السيارات بحلول 2025

- صياغة رؤية وطنية لدفع حركة السياحة والوصول لـ50 مليون سائح سنويا.. وتشجيع الشركات العالمية على التصنيع فى مصر
 
أخبار مهمة، أعلن عنها الدكتور مصطفى مدبولى، الأسبوع الماضى، فى مناسبتين، الأولى خلال تفقده، السبت، ثلاثة مصانع فى منطقة العاشر من رمضان، وفى اليوم التالى «الأحد»، أثناء مشاركته بفعاليات مؤتمر «يوم مؤسسة التمويل الدولية»، كلها تشير إلى أن الدولة المصرية، تسير بخطوات متسارعة فى استراتيجية التصنيع، وأيضا إتاحة الفرحة كاملة أمام القطاع الخاص، وفقا لقاعدتين أساسيتين أكدهما مدبولى.
 
الأولى، أن رسالة الرئيس السيسى دوما هى ضرورة التركيز على قطاع الصناعة فى الفترة القادمة، والعمل على تعميق المنتج المحلى، وتوفير الجانب الأكبر لاحتياجات السوق المحلية من المنتجات، لتقليل فاتورة الاستيراد.
 
الثانية، أن لدى الدولة رغبة حقيقية، أن نمضى بأسرع ما يمكن، لتوسيع مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد.
 
فى العاشر من رمضان، تفقد مدبولى ثلاثة مصانع، باستثمارات أجنبية، لكل منها قصة.
 
الأول، هو مصنع «سانيبيور» للأدوات الصحية، الذى قال مدبولى، إنه لم يكن موجودا منذ سنتين، إلا أن توجه وتشجيع الدولة للصناعة، كان محركا لوجوده سريعا، وبهذا المستوى المرتفع، حيث يغطى جزءا من احتياج السوق المحلية، بقيمة مضافة أكثر من 75% للمكون المحلى، كما يخصص الجزء الأكبر من إنتاجه للتصدير للخارج، ويتم استهداف زيادة المكون المحلى، ويعمل فى المصنع أكثر من 2000 عامل، بينهم 100 مهندس مصرى، يقومون بتنفيذ التصميمات العالمية، التى تضاهى ما نراه فى الدول المتقدمة، حيث تأتى الأسماء العالمية، لتطلب تصميمات معينة من هذا المصنع، يتم إنتاجها على أعلى مستوى، لتوضع فى الفنادق والمنتجعات العالمية، فى أوروبا، وقريبا فى أمريكا.
 
الثانى، هو مصنع بوش الألمانى للبوتاجازات، وقال مدبولى: كانت لدينا الفرصة لإقناع تلك الشركة، لكى تتواجد فى مصر، أثناء زيارة للخارج تمت خلالها مقابلة رئيس الشركة فى ألمانيا، وجرى الحديث لافتتاح مركز للشركة داخل مصر، وبالفعل تم منح «بوش» الرخصة الذهبية، وكذا تخصيص الأرض، موضحا أن ذلك يعطى مثالا على كيفية استهداف الدولة واجتذابها للشركات العالمية للاستثمار والعمل فى مصر.
 
المصنع سيبدأ إنتاجه فى نوفمبر القادم من حيث إنتاج أجهزة البوتاجاز، وسيتم التوسع فيما بعد لإنتاج الثلاجات والغسالات، كما توجد خطط لتغطية احتياجات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالكامل.
 
الثالث، هو مصنع «فيفو» للتليفونات المحمولة، وهو أحد أهم الماركات العالمية فى إنتاج الهواتف الذكية، ومن داخله، أكد مدبولى، أن مصر كانت تستورد قبل عامين أو 3 أعوام، أجهزة الهواتف الذكية بمبلغ يتجاوز مليار ونصف المليار دولار سنويا، ولكن اليوم نستهدف حاليا وجود 4 شركات فى مصر من ضمن أكبر 5 شركات عالمية فى إنتاج الهواتف الذكية على مستوى العالم، وفيفو، يمثل أحدها، حيث سيتواجد لدينا بمصر شركات: سامسونج، وأوبو، وشاومى، إلى جانب فيفو.
 
ويضاف إلى المصانع الثلاثة، التى زارها مدبولى، مصنع هايير الصناعى للأجهزة الكهربائية بالعاشر من رمضان، الذى افتتحه الرئيس السيسى قبل أسبوعين، خلال الاحتفال بعيد العمال، والذى يعد أسرع مصنع تم إنشاؤه فى تاريخ الشركة على مستوى العالم، بعد حصول الشركة الصينية، على الرخصة الذهبية والانتهاء من الإجراءات والتأسيس فى عام واحد فقط، باستثمارات 125 مليون دولار، وهدف المصنع، هو تحويل مصر إلى مركز لصناعة الأجهزة المنزلية، وتصديرها لأفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، حيث يشمل صناعة خط إنتاج تكييف وغسالة وتليفزيون، ويبلغ إجمالى الطاقة الإنتاجية ما يقرب من مليون وحدة، كما أنه ساهم فى خلق أكثر من 2000 فرصة عمل محليا.
 
هذه أربعة نماذج، توضح الكيفية التى تعمل بها الدولة، لتنفيذ استراتيجية توطين الصناعة، وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص، فعلا وقولا، لتقليل فاتورة الاستيراد، وتغطية احتياجات السوق المصرية، والأهم من ذلك خلق فرص عمل.
 
ضمن ما قاله مدبولى فى العاشر من رمضان، إنه كانت هناك مشكلة تواجه تلك المصانع، نتيجة الأزمة الاقتصادية الماضية، التى تسببت فى إشكالية بصدد توافر المكون الدولارى، لكن تلك المشكلة، تم حلها، وأصبحت الفرصة سانحة لتلك المصانع، لكى تصل إلى مستهدفاتها.
 
من هذه النقطة، أنطلق مدبولى، ليعلن لأول مرة عن طموحين من أكبر الطموحات لنا جميعا، وليست الحكومة فقط.
 
الطموح الأول، أن يكون لدينا مصنع للسيارات، وهنا أكد مدبولى، أن المنتج المهم، الذى يتم التركيز والعمل عليه خلال الفترة القادمة، هو مصانع السيارات، حيث يتم العمل من خلال المجلس الأعلى لصناعة السيارات على ذلك، وتم أيضا إدخال قانون حوافز السيارات، مشيرا إلى أنه «الآن تم الاتفاق مع عدد من الشركات العالمية فى مجال السيارات للتصنيع فى مصر على غرار عدد من النماذج الناجحة فى بعض الدول الأفريقية، ومن المتوقع أن تبدأ خطوط المصانع فى إنتاج السيارات بحلول عام 2025».
 
ما قاله رئيس الوزراء، أمر غاية فى الأهمية، لأن دخول مصر فى مجال صناعة السيارات خطوة كبيرة جدا، خاصة فى ظل الفاتورة المرتفعة لاستيراد السيارات لمصر، والتى تقدر سنويا بأكثر من 4 مليارات دولار سنويا، وهو رقم مرشح للزيادة فى ظل الأقبال الكبير على شراء السيارات من جانب المصريين.
 
الطموح الثانى، هو التحول من الاستيراد إلى التصدير، والوصول إلى صادرات تتجاوز قيمتها 145 مليار دولار بحلول 2030، والملاحظ هنا أن الاستراتيجية المصرية، كانت تستهدف الوصول بالصادرات إلى رقم 100 مليار دولار سنويا، لكن هذا الرقم، أصبح اليوم 145 مليارا، لأن ما حدث فى ملف الصناعة، والإقبال الكبير من جانب كبرى الشركات العالمية، لفتح مصانع لها فى مصر، فتح شهية الحكومة، وشجع الدولة لرفع الرقم المستهدف، ومن يتابع ما يحدث على الأرض طيلة العامين الماضيين، سيجد أن هذا الرقم رغم ضخامته، لكن لدى مصر فرصة حقيقية لتحقيقه من خلال الاستمرار فى السياسة، التى وضعها الرئيس السيسى، وتسير عليها الحكومة، لتشجيع الشركات الخاصة والاستثمار الأجنبى.
 
وفى مؤتمر «يوم مؤسسة التمويل الدولية»، أكد مدبولى، أن القطاع الخاص المصرى، أهم اللاعبين الرئيسيين فيما يشهده الاقتصاد المصرى من نمو، مشيرا إلى أن الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصرى، تعتمد على عدة ركائز رئيسية، أولا: أن يكون هناك سعر صرف مرن، يخضع للعرض والطلب، وأيضا ضبط السياسات المالية، وتشديد السياسات النقدية، لمواجهة التضخم، وكذلك ضبط الإنفاق العام على البنية التحتية، وبعض البرامج الوطنية الأخرى، بالإضافة إلى تشجيع القطاع الخاص على أن يلعب دورا مهما وقياديا فى التنمية الاقتصادية، فضلا عن وضع أهداف طموحة للغاية فى مجال الاستثمارات، وأن تتخطى مشاركة القطاع الخاص نسبة 65% من إجمالى استثمارات الدولة خلال السنوات المقبلة، ومن خلال هذه الركائز، تسير خطط الحكومة، مستشهدا بما اتخذه البنك المركزى منذ مارس الماضى، وتبنيه لسعر صرف مرن، وكذا تمكن الحكومة بالتعاون مع البنك المركزى فى سد الفجوة الدولارية ما مكن من دفع المتأخرات والمستحقات على الدولة، سواء للسوق المحلية أو  للشركاء الدوليين، كما نجحنا فى رفع مستوى الاحتياطى من النقد الأجنبى.
 
مدبولى خلال المؤتمر، قال أيضا إنه فى ضوء رؤية مصر 2030، قامت الحكومة بتحديد بعض القطاعات ذات الأولوية، التى يمكنها الإسهام بشكل واضح فى عملية التنمية، حيث تم تحديد قطاعات: الزراعة، والصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، مشددا على أن الحكومة تؤمن بأهمية إسهام القطاع الخاص فى تلك القطاعات، وفى سبيل ذلك قامت خلال الفترة الماضية بتنفيذ عدد من التعديلات على القوانين واللوائح التنفيذية، خاصة فيما يتعلق بقانون الاستثمار، وغيره من القوانين الأخرى، التى يمكنها تيسير وتسريع عملية إسهام القطاع الخاص وقيادته للنشاط الاقتصادى فى تلك القطاعات؛ حيث شملت تلك التيسيرات، تسهيل الحصول على التراخيص والموافقات من مختلف جهات الدولة، بالإضافة إلى إطلاق الرخصة الذهبية، والتى من خلالها يمكن الحصول على موافقة واحدة للبدء فى أعمال المشروع، حيث تم إصدار أكثر من 40 رخصة ذهبية، وفى أقل من عام واحد، كانت هذه الشركات، قد بدأت بالفعل العمل فى مصر، ومنها شركات عالمية، تمتلك علامات تجارية كبرى.
 
بجانب الصناعة، هناك أيضا تحرك من جنب الحكومة لا يقل أهمية، مرتبط بالقطاع السياحى، وهو ما ظهر من خلال الاجتماع الذى عقده مدبولى أيضا الأسبوع الماضى مع عدد من المستثمرين فى القطاع السياحى، لبحث صياغة رؤية وطنية لدفع حركة السياحة الوافدة إلى مصر، ومضاعفة أعداد السائحين، للاستفادة من الإمكانيات المصرية الواعدة فى المجال السياحى، حيث تزخر الدولة بمقاصد سياحية متعددة، لكن فى المقابل، يبقى تحدٍ أن أعداد السياحة الوافدة غير متناسبة مع ما تمتلكه من إمكانات، لذلك كان الهدف الذى أكده رئيس الوزراء للمستثمرين فى القطاع السياحى، هو الوصول إلى 50 مليون سائح سنويا لمصر. 
 
من مجمل ما قاله مدبولى، ومن واقع ما نراه يتحقق على أرض الواقع، يمكن القول إن الإصلاحات والإجراءات، خاصة تلك المعنية بالقطاع الخاص، التى تسير عليها الدولة، ستدفع إلى مساهمته بشكل أكبر خلال الأعوام القليلة القادمة، وهو ما أكد عليه سيرجيو بيمنتا، نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لقارة أفريقيا، الذى أشار إلى نقطة مهمة، وهى أن دعم القطاع الخاص فى مصر، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن الحكومة المصرية ماضية بعزم فى هذا المسار، مشيرا إلى أن فريق المؤسسة الدولية، يؤمن بأن مصر لا تنفذ برنامج الطروحات الآن بسبب حاجتها للعملة الصعبة، وإنما هذا يأتى ضمن رؤية مصرية قصيرة وطويلة الأجل، لإصلاح الاقتصاد، وزيادة مشاركة القطاع الخاص فيه.
 
وللتأكيد على ما قاله سيرجيو بيمنتا، فإن حصة القطاع الخاص فى الاستثمار خلال العام المالى الجارى، بلغت 40%، ووفقا لخطة الحكومة، فمن المستهدف أن تصل إلى 50% خلال العام المالى المقبل، استكمالا لخطة الإصلاح، التى بدأتها مصر فى 2016، والتى استكملت بالتركيز على تعزيز الاقتصاد الحقيقى، وتعزيز دور القطاع الخاص، فكل هذه الإصلاحات تستهدف فى المقام الأول، ضخ المزيد من التدفقات الاستثمارية الخاصة فى شرايين الاقتصاد المصرى، وتحقيق نمو اقتصادى أكثر استدامة؛ يقوده القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق