علي جمعة: التقوى هي الدافع الحقيقي للالتزام بأحكام الدين
الأحد، 19 مايو 2024 12:00 ص
منال القاضي
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء والمفتي السابق، إن التقوى هى الدافع الحقيقي للالتزام بأحكام الدين، لافتاً إلى أن تقوى الله رزق يرزقه الله من يشاء من عباده، وهى خلق إسلامي فاضل حث عليه ربنا في كتابه العزيز وفي سنة نبيه الأكرم صلوات الله عليه وسلم في أكثر من موضع.
تقوى الله رزق يرزقه الله من يشاء
وأوضح عضو كبار العلماء بالأزهر الشريف أنه لما ولي أبو بكر رضي الله تعالى عنه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد أيها الناس قد وليت أمركم ولست بخيركم، ولكن قد نزل القرآن وبين النبي صلى الله تعالى عليه وسلم السنن فعلمنا اعلموا أن أكيس الكيس التقوى، وأن أحمق الحمق الفجور.
وأشار عضو كبار العلماء إلى خطبة علي رضي الله تعالى عنه حيث قال: أيها الناس اعتصموا بتقوى الله فإن لها حبلا وثيقا عروته ومعقلا منيعا ذروته وبادروا الموت وغمراته وأمهدوا له قبل حلوله، وأعدوا له قبل نزوله. ومنها أيضا: أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحذركم أهل النفاق فإنهم الضالون المضلون والزالون المزلون يتلونون ألوانا ويفتنون افتنانا.
وتابع عضو كبار العلماء: حين ضربه ابن ملجم قال للحسن والحسين: أوصيكما بتقوى الله تعالى وأن لا تبغيا الدنيا، وإن بغتكما، ولا تأسفا على شيء منها زوى عنكما، وقولا بالحق واعملا للآخرة، وكونا للظالم خصيما، وللمظلوم عونا، أوصيكما وجميع ولدي وأهلي، ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم.
ولفت عضو كبار العلماء، إلى ما روي عن سهل بن عبد الله: لا معين إلا الله ولا دليل إلا رسول الله ولا زاد إلا التقوى ولا عمل إلا الصبر، مضيفاً: وقد قيل لطلق بن حبيب: صف لنا التقوى، قال: التقوى عمل بطاعة الله رجاء رحمة الله على نور من الله، والتقوى ترك معصية الله مخافة عقاب الله على نور من الله.
وأكد عضو كبار العلماء، أن التقوى لازمة وأنه ينبغي لكل مسلم التحلي بها، إذ التحلي بها هو نفسه التحلي بالإسلام، والتخلي عنها هو نفسه التخلي عن الإسلام، فإن شريعة الإسلام هي أوامر الله ونواهيه، وإن التقوى هي فعل الأوامر ابتغاء رضوان الله والخوف من عذابه، وترك النواهي ابتغاء رضوان الله وخوفا من عذابه.
وقال جمعة: تقوى الله درجات، فأدنى هذه الدرجات هي اجتناب الشرك والكفران، وهي لازمة باتفاق، ثم اجتناب الكبائر من الآثام، ثم اجتناب باقي الذنوب، وكل هذه الدرجات هي من التقوى الواجبة على كل مسلم ومسلمة دون تفريق.
وشدد على أن هناك درجات أخرى من التقوى ليست واجبة مثل: اجتناب المكروهات، وأعلى درجات التقوى على الإطلاق: اجتناب كل شيء يشغل السر عن الحق سبحانه؛ بحيث لو طرأ غيره ولو أنا لأجل الذهول يتدارك من فوره بالرجوع إليه ويعده إساءة كالكبيرة فيتوب ويتضرع له تعالى. وهذا مقام عظيم يفيض الله بها على من صدق في سيره إليه نسأل الله لنا ولكم التوفيق لأعلى الدرجات.
واختتم قائلاً: «تقوى الله أصل كل خير، ولها من النفع العظيم على الفرد والمجتمع ما لا ينكره عقل، ولا يكذبه واقع؛ فإن الإنسان التقي الذي يتحرى تقوى الله في كل وقت لا يحتاج إلى أجهزة رقابة، ولا يحتاج إلى متابعة، ولو تتبعنا ما تنفقه الحكومات من وسائل رقابية، ووسائل متابعة، لعلمنا أن تقوى الله هي صلاح الفرد والمجتمع».
و قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الله عز وجل قال في كتابه الكريم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}. [الأحزاب: 16،17].
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بتقواه، وأن يعبدوه عبادة من كأنه يراه، وأن يقولوا قولًا سديدًا مستقيمًا لا اعوجاج فيه ولا انحراف، ووعدهم أنهم إذا فعلوا ذلك، أثابهم عليه بأن يصلح لهم أعمالهم، بتوفيقهم للأعمال الصالحة، وأن يغفر لهم الذنوب الماضية، وما قد يقع منهم في المستقبل يلهمهم التوبة منها. ذلك ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا بأن يجار من النار، ويصير إلى النعيم المقيم. [تفسير ابن كثير (6/ 487)].
