النزوح إلى الداخل
السبت، 11 مايو 2024 05:25 م
تطور هام على مستوى الأحداث في غزة شهدته الساعات القليلة الماضية، يتمثل في نزوح آلاف الفلسطينيين من جنوب مدينة رفح الفلسطينية إلى وسط قطاع غزة -المتهالك والمدمر-، وليس إلى سيناء -الآمنة- كما تحاول إسرائيل دائما الضغط عليهم للنزوح إلى مصر، ومن ثم بدء مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء الأمر الذي ترفضه ومصر والفلسطينيون أنفسهم.
ومنذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، تسعى إسرائيل لتهجير الفلسطينيين، إذ بدأت عمليتها في شمال غزة، وصولا إلى وسط القطاع ومن ثم إلى جنوبه، قبل أن تعلن دولة الاحتلال بدء عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية المتاخمة للحدود المصرية، والتي تعد ضمن المنطقة "د" وفق معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، لكن الشعب الفلسطيني كعادته نجح في إفشال المخطط إسرائيل، معلنا تمسكه بأرضه التي مات عليها آلاف الشهداء منذ أكتوبر الماضي.
من هنا يمكن قراءة الأحداث في ضوء رفض إسرائيل إتمام اتفاق الهدنة- برعاية مصرية قطرية- رغم موافقة حركة حماس على بنودها، لكن يبدو أن إسرائيل لا تسعى إلى هدنة ولا إلى إعادة المحتجزين، ولكن فقط تسعى لإتمام صفقتها المشبوهة بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء وهو مخطط لا يقتصر على تصفية القضية الفلسطينية ولكن يمتد تباعا إلى إشاعة الفوضى في مصر عبر بوابة سيناء وفق مخطط التهجير.
وبجانب صلابة الفلسطينيين –المدنيين- وتحملهم ويلات الحرب التي لم يكونوا طرفا فيها من البداية، يمتاز الموقف المصري هو الآخر بالصلابة في ثوابت العقيدة المصرية التي ترفض تصفية القضية الفلسطينية، ليس لعدم رغبة القاهرة في استضافة الفلسطينيين، فمصر تستضيف بالفعل ملايين العرب على أرضها الذين اضطرتهم الظروف لترك بلادهم، ولكن الموقف المصري هنا ينتصر للحق الفلسطيني ويكشف المخطط الإسرائيلي الذي بات واضحا مع تطورات الساعات القليلة الماضية.
وفي المقابل أيضا يحمل الموقف المصري "الصلب" مرونة في التفاوض مع إسرائيل والأطراف المعنية دفاعا عن المدنيين الفلسطينيين ودفاعا عن أمنها القومي الذي تهدد إسرائيل وجوده بالحديث عن دخول رفح الفلسطينية، فهذا قدر مصر الشقيقة الكبرى لكل العرب.